القروض الاستهلاكية مصدر قلق وقد تفجر الوضع البنكي مع عبء الديون
أكبر خمسة بنوك تستحوذ على 81% من إجمالي موجودات القطاع المصرفي
الرؤية- نجلاء عبدالعال
رغم الاحتفاء بإصدر البنك المركزي العماني لتقريره الأول حول الاستقرار المالي وتحديد المخاطر المحتملة الكامنة في النظام المالي بالسلطنة، إلا أنه لم يحظ بالاهتمام الكافي من الجمهور رغم ما يحفل به من معلومات وقراءات علمية في المشهد الاقتصادي العماني من كافة جوانبه وزواياه، لذلك كان من المهم أن يعلم القارئ تفاصيل ما جاء بالتقرير ليشارك في رؤية الاقتصاد بنفس الطريقة الشاملة.
ويبدأ التقرير بعرض حالة الاقتصاد كما هي عليه رابطًا إياها بالسياسة التفاعلية التي تنتهجها السلطنة بمشاركتها العالم في محافله ومنظماته الاقتصادية المشتركة، والتي كان من نتائجها أن قام البنك المركزي العماني بإنشاء وحدة مستقلة للثبات المالي لتتكفل بإصدار هذا التقرير بشكل سنوي كما تفعل نحو ثمانين دولة حول العالم.
وكما هو متبع في تقارير الاستقرار المالي للدول العريقة في إصدار هذه التقارير جاء التقرير العماني واضعًا المخاوف والأخطار التي قد تقابل الاقتصاد العماني جنبًا إلى جنب مع المزايا والرؤى المتفائلة لمستقبله، واضعًا يده على بعض ما يحتاج التدخل للمنع وبعض ما يحتاج التدخل للدعم.
رأي الآخرين
ويبدأ التقرير باستعراض بعض نتائج المسح الممنهج الذي أجراه البنك المركزي بين مختلف أصحاب المصلحة للحصول على تصوراتهم عن حالة النظام الاقتصادي العماني، حيث أظهرت الإجابات شعورًا مرتفعًا بالتفاؤل، ورأى معظم من شملهم الاستطلاع أن أداء الاقتصاد العماني جيد، ومن المرجح أن يستمر على نفس الجودة في الأداء، وأجمع غالبية من شملهم المسح على أنه من المستبعد تمامًا تعرض الاقتصاد العماني لمخاطر تظهر آثارها في الأجل القصير على مدى 12 شهرًا القادمة، في حين لا يمكن استبعاد مثل هذا التأثير في المدى المتوسط خلال الفترة من عام إلى 3 أعوام.
وأشار المشاركون في المسح من خبراء ومختصين في الاقتصاد إلى أن معظم المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها الاقتصاد العماني غالبًا ما ستكون بسبب عوامل خارجة عن الإرادة مثل انخفاض غير متوقع في أسعار النفط، أو حدوث حالات طارئة مثل الإرهاب أو الكوارث الطبيعية أو الاضطرابات الاجتماعية، وأظهر المسح أن التوقعات بحدوث مخاطر تؤدي إلى تدهور الاقتصاد العماني وصعوبات في تمويل المصارف هي نفسها التوقعات بالنسبة لما قد يؤدي إلى تدهور في الاقتصاد العالمي على المستويين القصير والطويل المدي.
وأرجع تقرير البنك المركزي زخم النمو الاقتصادي في سلطنة عمان واستمراره في قوته إلى أن هذا الزخم مدفوع أساسًا بنشاط القطاع العام ومدعوم بالطلب المحلي، وأنه اتخذ ملامحه عبر التحسن في التنويع الاقتصادي، وقال التقرير إنّ هذه العوامل انعكست في شكل انخفاض نسبة نمو مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي في مقابل ارتفاع نسبة مساهمة القطاع غير النفطي، متوقعاً أن تستمر عملية النمو الشاملة في المضي قدما كتوجه مستدام للتنمية، وبالإشارة إلى الناتج المحلي الإجمالي الفعلي أكد البنك المركزي في تقريره استمراره في النمو بنسب تتوافق مع نسب النمو المتوقعة ما يؤشر إلى مزيد من الاستقرار النسبي في معدلات النمو، ويتوقع التقرير أن يتواصل هذا الاتجاه التصاعدي مستقبلاً مع توقع أن يستطيع اقتصاد السلطنة التغلب على خطر التضخم.
ولم يكن البنك المركزي مجاملاً في تقريره فكما أدرج السيناريو المتفائل أوضح كذلك أن هناك أيضًا سيناريو يفترض انخفاضًا قويًا في نسب النمو في الاقتصاد العالمي بوجه عام، وتراجع حاد في أسعار النفط، وفي حالة تحقق هذا السيناريو الأقل تفاؤلا بكثير فإنّ البنك المركزي يتوقع أن تميل نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى الانخفاض في نطاق يتراوح بين 3.2 إلى 3.5 في المائة في عام 2014، وهو عامل خطر يقول البنك المركزي إنه "يعكس استمرار اعتماد عملية النمو العماني على أسعار النفط جنباً إلى جنب مع نسب النمو العالمي"، لكنه أيضاً يشير إلى أن حال الاقتصاد العماني في هذه الزاوية يتلاءم مع اقتصادات دول المنطقة حيث يرى أن هناك ترابطاً مشتركاً في دورة الاقتصاد العماني وحركته مع تلك الحادثة في اقتصادات دول المنطقة، والوضع العالمي وتحركات أسعار النفط.
ولا يبرر تقرير البنك المركزي اتجاه الاقتصاد أو الشبه بينه وبين اقتصادات الدول المصدرة للنفط بل يؤكد أن هذا يشير إلى أن مثل هذا العوامل المترابطة يمكن أن تكون مقدمة لوقوع الاقتصاد العماني فريسة لعوامل ضعف محتملة تقع في خارج السلطنة.
ويعود التقرير إلى الفترة منذ عام 2002 مشيرا إلى أنّه بدا خلالها أن الارتفاع في نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعمان كانت متوافقة مع الارتفاع في نسبة نمو الأرباح الرأسمالية، ليلفت إلى أن زيادة كثافة رأس المال وعدم كفاءة عملية نموها، وكما يؤكد فهذا يعد "عامل خطر يجب أن يتم احتواؤه" مشيرًا إلى أنّ ذلك الاحتواء بدأ في التحسن فعلياً في السنوات الأخيرة.
طلب وتضخم وضبابية
وفيما يتعلّق بمخاطر التضخم أوضح التقرير أن نسبه التضخم في أسعار المستهلكين في سلطنة عمان خلال الفترة منذ عام 2009 وحتى العام 2012 تراوحت بين 3 إلى 4 في المائة على أساس سنوي، وهي نسبة يراها إيجابية مقارنة مع متوسط نسب التضخم في المنطقة