الرؤية- محمد بن رضا اللواتي
أكد الخبير في مجال تطوير الموارد البشرية عباس آل حميد أن إيجاد حافز مهني حقيقي ووضع برامج تطوير القدرات من أبرز آليات إعداد القيادات في العمل. وعرض آل حميد- في ورقته التي أعدها لتطوير القدرات الإدارية والقيادية في الوحدات الحكومية- اقتراحين مهمين نحو تحفيز المبدعين والمجيدين من الموظفين، وذلك بهدف إيجاد تطوير حقيقي ميداني في الخدمات التي تقدمها الوحدات الحكومية لجمهور المواطنين.
ودعا آل حميد إلى تكوين حافز مهني حقيقي لدى الموظف ليسعى للارتقاء بقدراته الإدارية والقيادية عملياً، من خلال إضافة القيمة للوحدة التي يعمل بها. وأوضح أن هذا الحافز ينبغي أن يرتقي إلى مستوى تطوير أداء هذا الموظف من جهة، وجعله مؤهلاً للقيادة من جهة أخرى، الأمر الذي سوف يعود عليه بأثر مادي جيد جداً من جهة ثالثة. وتابع الخبير في مجال تطوير الموارد البشرية أن ثاني هذين المقترحين يتمثل في توفير برنامج يسهم في تطوير هذه القدرات بشكل مباشر وعملي، وباللغة العربية، ومن دون التعمق في النظريات والأكاديميات.
وأشار آل حميد إلى أنه فيما يتعلق بتكوين الحافز، يمكن القول إن أغلب الموظفين الممتازين لا يجدون حافزاً يدعوهم إلى إظهار مميزاتهم وإبداعاتهم العملية، مقترحًا أن يكون هذا الحافز عبارة عن لقب عالمي يتمثل في "مدير معتمد قانونياً " (Chartered Manager)، والذي تمنحه "جمعية الإدارة القانونية"، في المملكة المتحدة "CMI, UK" على أن ينال الموظف المجيد بعد حصوله على هذا اللقب درجة إدارية رفيعة في الوحدة التي يعمل بها وبراتب مجزي. وتابع أن هذا اللقب هو أعلى وسام دولي يمكن للمديرين المحترفين الحصول عليه، وهو معترف به في مختلف القطاعات والصناعات، على المستوى الدولي مما يعني أنها تشكل جوازاً مهنيّاً يمكن المديرين من التعامل مع المؤسسات العالمية، وأفرادها على أسس الثقة والإقتدار. وأشار إلى أن هذا الوسام يمنح للمديرين الممارسين فقط لدى إثباتهم أنهم قد استطاعوا أن يحققوا خلال السنة والنصف الأخيرة تغييراً حقيقياً في المؤسسة/ الوحدة التي يعملون بها، من خلال الاستخدام الفعَال للقدرات المتعلقة بقيادة الأفراد، والقدرات المتعلقة بإدارة التغيير.
إعداد القيادات
وأضاف آل حميد أن ثاني آليات إعداد القيادات توفير البرنامج التدريبي العملي الملائم، قائلاً إن البرنامج الوحيد الذي يمكننا من تحقيق هذه الغاية بشكل عملي وفعال، هو برنامج جمعية الإدارة القانونية المتمثل في "دبلوم المستوى السابع في الإدارة الإستراتيجية والقيادة" للمديرين، ومديري العموم، ومساعدي المديرين العموم، موضحاً أنّ عددهم يبلغ قرابة 2,000 موظف بالوحدات الحكومية التابعة للخدمة المدنية، على أن يكون البرنامج باللغة العربية أو باللغة الإنجليزية حسب رغبة الموظف؛ حيث يمنح المؤهل من قبل "جمعية الإدارة القانونية".
وأكد أنّ هذا الدبلوم يهدف إلى تطوير قدرات المديرين على وضع الخطط الإستراتيجية وتنفيذها وترجمتها إلى واقع إجرائي يومي فعال، وعلى قيادة فرق العمل، ولذا فهو يؤهل المشاركين من نيل لقب "مدير معتمد قانونياً"(Chartered Manager) من المملكة المتحدة.
وتابع أن ما يعزز وجهة نظره أن هذا الدبلوم منبثق من "المعايير المهنية الوطنية الخاصة بالإدارة والقيادة" في المملكة المتحدة، ومعتمد وفق "إطار المؤهلات والاعتماد"(QCF) هناك؛ حيث إنّه يعادل مستوى الماجستير، بإجمالي نقاط معتمدة تزيد عن 66 نقطة معتمدة وفق نظام التعليم العالي بالمملكة المتحدة. ويتم عقده من خلال 9 ورش عمل تفاعلية، بمعدل ورشة واحدة شهرياً، لمدة يومين فقط، لتزويد المشاركين ببيئة تعلم مساعدة، مدعومة بتمارين ومواد علمية شاملة. خلال البرنامج يتم التركيز على تمكين المشاركين من التعلم ضمن بيئة عملهم، وليس فقط من خلال التعلم النظري. وأشار إلى أن التقييم يعتمد على تقديم المشاركين مشاريع وتقارير توضح علاقة النظريات بالتطبيق العملي، كما تقترح كيفية تطوير الإدارة والعمليات كل في إدارته.
جمعية الإدارة القانونية
وبيّن آل حميد أن جمعية الإدارة القانونية هي المؤسسة المخولة لمهنة الإدارة والقيادة في المملكة المتحدة، وهي معترف بها من قبل "هيئة تنظيم المؤهلات" (Ofqual)، بالمملكة المتحدة. وقال إنّ CMI هي مؤسسة التعليم المهني المعتمدة للإدارة والقيادة في المملكة المتحدة منذ العام 2002، وهي المؤسسة المهنية المرخصة لترقية المعايير المهنية في الإدارة في المملكة المتحدة. منذ تأسيس CMI قبل أكثر من 50 عاماً فإنّها تضم في عضويتها أكثر من 89,000 عضواً من المديرين، و400 عضواً من الشركات، و500 مركزاً تدريبياً معتمداً حول العالم.
وأوضح أنّ من إيجابيات هذا البرنامج (برنامج المستوى السابع في الإدارة الإستراتيجية والقيادة) أنّه يدفع المدير لإشراك للموظفين التابعين له، والقيام بتطويرهم، ونقل الخبرة والمعرفة إليهم بشكل جدي. هذه المهارة؛ أي مشاركة الموظفين التابعين ونقل المعرفة والخبرة إليهم، وهو شرط أساسي في هذا البرنامج، يجب أن يثبت الموظف أنه يمتلكها (مع بقية المتطلبات الأخرى) ليستحق الحصول على لقب "مدير معتمد قانونياً". وزاد أن هذا ما يجعل من تداول ونقل مهارات الإدارة والقيادة بين موظفي الجهاز الحكومي ظاهرة اعتيادية، بعد فترة من البدء بهذا المشروع، بسبب وجود الحافز المادي والمهني.
ولفت إلى أن من إيجابيات البرنامج أنه يخلق ثقافة في بيئة الجهاز الحكومي، تدفع الموظفين إلى الاهتمام بالقيمة الحقيقية التي يضيفونها للمؤسسة، من خلال قيادة الأفراد وإدارة التغيير، كمعيار للتفوق والتمايز بدلاً من الاهتمام بالقشريات. كما أنّه يخلق حالة من الدافعية للموظفين، باعتبار أنّ إضافتهم لقيمة حقيقية للمؤسسات التي يعملون بها، سيتم تقديره دولياً، ومن ثم ترجمته عملياً بحصولهم على لقب مهني عالمي على أعلى درجة من الرقي.
ماجستير إدارة الأعمال
وقال الخبير في الموارد البشرية إنّ أحد أفضل الحلول التقليدية التي قد تتبادر إلى الذهن لتطوير القدرات الإدارية والقيادية والإستراتيجية لدى الطاقم الإداري، سواء في مؤسسات القطاع الخاص أو العام، هو تدريب الطاقم الإداري على برامج الـMBA (أو ماجستير إدارة الأعمال). وأوضح آل حميد أن هناك نقاطاً إيجابية وأخرى سلبية عند المقارنة بين هذا البرنامج وبرنامج جمعية الإدارة القانونية.
وأوضح أن برنامج MBA كلفته تُعد عالية جدًا، ولو تمكن الدارس من التغلب على هذه المشكلة، لواجهته مشكلة طول مدة الدراسة، أضف إلى هذا التفرغ المطلوب للماجستير في إدارة الأعمال أو منح البرنامج ليس أقل عن 4 ساعات في اليوم الواحد لأجل دراسته عن عدم تفرغ، ألأمر الذي يجده أغلب الموظفين صعباً للغاية بالنظر إلى طول فترة الدوام والمسؤوليات الاجتماعية الأخرى.
وأضاف أن اللغة الإنجليزية شرط أساسي في برنامج MBA، بينما لا يتطلب برنامج الإعداد لنيل لقب المدير القانوني ذلك بل يجدي أن يدرس الطالب هذه المادة بالعربية. وتابع أنه قد ينجز البعض شهادة الـMBA، ثم يتوقف عن مواصلة تطوره المهني في الإدارة والقيادة، إذ ليس من طبيعة الماجستير في إدارة الأعمال أن توجد دافعية ذاتية في الدارس لمواصلة البحث والاستمرار في الإطلاع على ما هو جديد في فن الإدارة، بينما يقوم الحل المقترح بخلق دافعية ذاتية للموظف ليقوم بتطوير نفسه ومعارفه من الناحية الإدارية والقيادية بشكل مستمر، وذلك للاحتفاظ بلقب "مدير معتمد قانونياً "(Chartered Manager)؛ حيث إن هذا اللقب يتطلب الاستمرار في الممارسة الميدانية وفق النظريات الأحدث في مجال تطوير الكفاءات الإدارية.
ووفق هذا التحليل، فإنّ لقب "المدير المعتمد قانونياً ودوليًا" قد يكون حافزًا جيدًا جدًا يدفع المجيدين من الموظفين للرغبة في الحصول عليه، كما أنّ نمط الدراسة ومضامينها قد توجد أرضية صلبة لإيجاد تغيير حقيقي تطمح إليه المؤسسات لا سيما الخدمية وفي مجال القطاع العام. ويبقى لهذه المؤسسات أن تعيد النظر في جدوى المقترح وأن تمضي قدمًا نحو خلق قيادات معتمدة عالمياً وقانونياً لإدارة التغيير الذي نطمح إليه جميعًا.