القاهرة- الوكالات
أمهل الجيش المصري القوى السياسية 48 ساعة للاتفاق على مخرج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد قائلاً إن القوات المسلحة ستعلن خارطة طريق للمستقبل إذا لم تتحقق مطالب الشعب، فيما تتصاعد المخاوف من عودة العسكر إلى الحكم في صورة ما يراه مراقبون "انقلاب ناعم" على السلطة.
وقال بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة إنّه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة "فسوف يكون لزاماً (على القوات المسلحة)... أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذي كان مفجراً لثورتها المجيدة ودون إقصاء أو استبعاد لأحد". وصدر البيان بعد مظاهرات حاشدة شارك فيها ملايين المصريين أول أمس الأحد للمطالبة باستقالة الرئيس محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وقال بيان الجيش "إن القوات المسلحة لن تكون طرفاً في دائرة السياسة أو الحكم." وأضاف "إن ضياع مزيد من الوقت لن يحقق إلا مزيدًا من الانقسام والتصارع الذي حذرنا ولا زلنا نحذر منه". وفي وقت سابق أمس اقتحم عشرات المقر الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين بالقاهرة ونهبوا محتوياته وقالت الجماعة إنها تبحث كيفية الدفاع عن نفسها. وفيما عدا ذلك ساد الهدوء أرجاء البلاد بعد أن شهدت أمس الأحد أكبر مظاهرات منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. وأعادت صور شبان يلوحون بالأعلام عند مقر جماعة الإخوان الذي احترق جزء منه وتهشمت نوافذه إلى الأذهان صور سقوط المقر الرئيسي للحزب الوطني الحاكم في عهد مبارك الذي أحرقه معارضون خلال الانتفاضة. ولقي ثمانية أشخاص حتفهم في الاشتباكات حول مبنى مقر الإخوان الليلة الماضية حيث أطلق أشخاص داخل المبنى النار على شبان كانوا يقذفونهم بالحجارة والقنابل الحارقة. وقال مسؤول بجماعة الإخوان إن اثنين من أعضائها أصيبا. وقال جهاد الحداد المتحدث باسم الإخوان المسلمين في تصريحات لرويترز إن المهاجمين تخطوا خطاً أحمر وإن الجماعة قد تشكل "لجاناً للدفاع عن النفس". وأضاف "الناس لن تظل صامتة". وشكت الجماعة من عدم توفير الشرطة حماية لمقارها وهو ما يمكن أن يعمق لديها شعوراً بأنّها محاصرة بين المعارضة الليبرالية من ناحية وبين الروتين الحكومي الموروث من النظام القديم من ناحية أخرى. ومن ناحية أخرى، وبحسب تقارير إعلامية وتصريحات مسؤولين حكوميين، استقال نحو 10 وزراء مما يبرز عزلة حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان والذي فاز بسلسلة انتخابات في العام الماضي. وأعلن منظمو الاحتجاجات سقوط شرعية مرسي أمام مظاهرات أمس الحاشدة وأمهلوه حتى الساعة الخامسة مساء اليوم الثلاثاء (1500 بتوقيت جرينتش) للتنحي والدعوة لانتخابات وإلا احتشدت الجماهير من جديد. أما مرسي الذي لم يظهر علناً فجدد عرض الحوار من خلال حلفاء له ووعد بالعمل مع برلمان جديد يمكن انتخابه إذا أمكن تسوية الخلافات حول قواعد الانتخاب. ولا تثق المعارضة في جماعة الإخوان التي يتهمها منتقدوها باستغلال انتصاراتها الانتخابية في احتكار السلطة. ويريد المعارضون تعديلاً شاملاً لقواعد المنظومة الديمقراطية التي لم تجر صياغتها على نحو سليم على مدى العامين الماضيين. وأقر مرسي من خلال متحدث باسمه بحدوث أخطاء وقال إنّه يعكف على إصلاحها وإنّه مستعد لبدء حوار مع المعارضين. وكان قد طرح الأسبوع الماضي عروضًا مشابهة رفضتها المعارضة. لكنه لم يبد استعدادًا للتنحي.
وأشار عصام الحداد مساعد الرئيس للشؤون الخارجية إلى وجود ثلاثة طرق للمضي قدمًا أولها إجراء انتخابات برلمانية وهو ما وصفه بأنّه الطريق "الأكثر وضوحا" وثانيها إجراء حوار وطني وهو طريق قال إنّ المعارضة رفضت أن تسلكه مرارًا وثالثها إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كما يطالب المحتجون لكنه قال إنّ هذا "يدمر ديمقراطيتنا".
وأظهرت الاحتجاجات الحاشدة أن جماعة الإخوان المسلمين لم تثر غضب الليبراليين والعلمانيين وحسب وإنما أغضبت أيضا ملايين المواطنين العاديين لسوء إدارة الاقتصاد. وتقلصت عائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية بشدة وأفلت زمام التضخم وشح البنزين والسولار ويتكرر انقطاع الكهرباء. وكان الجيش قد حذّر الأسبوع الماضي من أنّه يمكن أن يتدخل إذا خرج العنف عن نطاق السيطرة لكنه قال إنّه سيدافع عن إرادة الشعب.
وفسر الإخوان ذلك بأنّه تصديق على شرعية مرسي في حين رأى المعارضون أنّ الجيش ربما يضع في اعتباره أعداد الناس في الشوارع وقد يساعد في حمل مرسي على التنحي. وحلقت طائرات هليكوبتر عسكرية في الأجواء خلال مظاهرات الأحد.