بيان الجيش المصري أمس بإمهال القوى السياسية 48 ساعة للاتفاق على مخرج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، يمثل تطورًا لافتًا في مسار الأزمة السياسية التي تمر بها مصر حاليًا..
فهو من جهة قد يفاقم الأوضاع فيما لو رفضت القوى السياسية الانصياع لإرادة الجيش، وكذلك لو لم يحدث الحد الأدنى من التوافق الذي يطالب به الجيش لتحقيق مطالب الشعب خلال المهلة الموقوتة بساعات محدودة.
وفي ذات الوقت يمكن أن يشكل هذا البيان دافعًا في اتجاه حلحلة الأوضاع ونزع فتيل الأزمة، فيما لو غلّب الفرقاء السياسيون مصلحة مصر عمّا عداها من مصالح حزبية وفئوية وذاتية، باعتبارها المصلحة العليا التي لا ينبغي المساومة عليها أو تعريضها إلى خطر المماحكات والتناحرات غير المسؤولة والتي ستدفع ثمنها مصر من استقرارها، ويسدد فاتورتها الشعب المصري من وحدته الوطنية وسلمه الاجتماعي.
إنّ نظرة متفائلة لبيان الجيش المصري، ترجح أن يسهم في تنفيس الاحتقان، وتخفيف حدة حالة الاستقطاب التي تسود الساحة المصرية حاليًا، بين مؤيدي ومعارضي الرئيس محمد مرسي، ويمكن أن يتحقق ذلك باستجابة الأطراف المعنيّة لدعوة القوات المسلحة، وبذلك يتم تدارك الموقف وإنقاذ البلاد من شفير الهاوية الذي تربض بجانبه الآن..
والقراءة المتعمقة لبيان القوات المسلحة المصرية يؤكد أنّ تدخلها أملته الظروف الحالية لضمان تحقيق مطالب الشعب، حتى وإن اضطرت إلى الإعلان عن خارطة طريق وإجراءات للمستقبل تشرف على تنفيذها بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنيّة المخلصة دون إقصاء أو استبعاد لأحد، لضمان سلامة مصر ووحدتها الوطنية.
ورغم ألا أحد يشك في المنطلقات الوطنيّة التي حدت بالجيش المصري للتدخل على خط الازمة منعًا لانزلاق وتردي البلاد في هاوية الاقتتال الأهلي، إلا أنّ في طليعة مطالب الثوار عندما تدافعوا إلى الساحات في ثورة يناير المباركة، كانت قيام حكم مدني ديمقراطي يكفل الحريات ويتيح التداول السلمي للسلطة..
ولا يختلف اثنان، على أنّ اتفاق القوى السياسية المصرية على مخرج من الأزمة بعيدًا عن تدخل القوات المسلحة، أجدى لتطور العمليّة السياسيّة في مصر، وأكثر فائدة للتجربة الديمقراطية الوليدة، والتي من المتوقع أن تتعلم من أخطاء الممارسة وصولا إلى تجويد تجربة الحكم المدني.