الرؤية - مركز البحوث
أجمع محللون على أنّ تنظيم الإخوان المسلمين انتظر 80 عامًا ليصعد إلى حكم مصر غير أنّه لا يمكنه في المقام الأول إلا أن يلوم نفسه على فشل أول تجربة له في الحكم بعد 12 شهرًا.
وقد اتهم معارضو الرئيس المعزول محمد مرسي بأنه خان قيم ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بسلفه حسني مبارك وذلك من خلال سعيه إلى تركيز كل السلطات بيده وفشله في إنهاض اقتصاد البلاد المترنح.
ويرى المحللون أنّ التطور الحالي فى مصر لا يصب في خانة الانقلابات بل إرادة شعبية أرادت تصحيح المسار ويؤكدون أنّ الإخوان المسلمين ساهموا في تسريع سقوطهم.
واعتبر سلمان الشيخ المحلل السياسي بمركز بروكينز أن الإخوان المسلمين ومرسي "فشلوا بشكل كامل".. ورغب المصريون في تغيير وحصلوا عليه".
ولعلّ القارئ المحايد للأحداث يذكر أن الإخوان المسلمين وبعد أن ظلوا يراقبون عن بعد ثورة 2011، انضموا إلى ثورة الشعب التي أطاحت في 18 يومًا بحسني مبارك في 11 فبراير من العام ذاته.
وخاضوا قبل عام غمار الانتخابات الرئاسية بمرشحهم محمد مرسي بعد رفض مرشحهم الأساسي خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة.
وأخرج الفوز في الانتخابات جماعة الإخوان المسلمين من حالة "شبه السرية" التي عاشوها لعقود منعوا فيها رسميًا من ممارسة السياسة وتعرضوا خلالها للقمع.
المحلل السياسي ناتان براون يقول إنّ "رئاسة مرسي هي بالتاكيد أفدح أخطاء الإخوان المسلمين في تاريخهم".
حتى أنّ الرئيس الإسلامي تعرّض للنقد من حلفائه بسبب طريقته في حكم البلاد.
وفي هذا السياق قال محمد محسوب المسؤول في حزب الوسط الإسلامي القريب من الإخوان "الرئيس ماطل وجماعته أضاعت فرصة بناء قاعدة وطنية لعزل الثورة المضادة".
وأضاف أن "المرشد يتحمّل مسؤولية في سقوطه" في إشارة إلى مرشد الإخوان محمد بديع.
وتأسست جماعة الإخوان المسلمين في 1928 بهدف تربية "جيل إسلامي" وإقامة دولة تطبق الشريعة.
وبدا وكان حلمهم يتحول إلى حقيقة حين فاز مرسي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 2012 على أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.
وبعد أن أقسم اليمين في 30 يونيو 2012 سعى محمد مرسي إلى فرض نفسه على الساحة السياسية من خلال منح نفسه صلاحيات واسعة في نوفمبر الماضي.
واتهمه حينها محمد البرادعي القيادي المعارض بالتعسف في استعمال السلطة ونعته بـ "فرعون جديد".
ونظمت إثر ذلك أول التظاهرات الجماهيرية ضد الرئيس الإسلامي.
وزاد من تأجيج الغضب ضده من خلال العمل على صياغة دستور من قبل هيئة هيمن عليها الإسلاميون وقاطع أعمالها الليبراليون والأقباط.
واستكملت أضلع مثلث فشل مرسي والإخوان من خلال عجزهم عن إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية وكسب ثقة مؤسسة الجيش القوية.
ويضيف المحلل السياسى براون "صحيح أنّ الإسلاميين حصلوا على نتائج جيدة في الانتخابات وأنهم واجهوا مشاكل مستعصية".
وأضاف "لكن صحيح أيضا أنّ مرسي والإخوان المسلمين ارتكبوا كل الأخطاء التي يمكن تخيلها مثل الانقضاض على السلطة وعدم القدرة على نسج تحالفات مع الآخرين".
وتابع "لقد نفروا حلفاء محتملين وتجاهلوا الغضب المتصاعد وركزوا (فقط) على تعزيز سلطتهم".
وأشارت مجموعة الاستخبارات الأمريكية "ستريتفور" إلى أنّ الجيش قام من جهته بدور في سقوط الرئيس الإسلامي.
وقالت إنّ "مرسي لم يسيطر فعليًا أبدًا على جهاز الحكم، وذلك يفسر من جهة بضعفه السياسي ومن جهة أخرى بكون الإخوان المسلمين لم يكونوا جاهزين للحكم ومن جهة ثالثة لأنّ الجيش لم يتركه يفعل ذلك".
وتابعت مجموعة ستراتفور إنّ "العسكريين لم يكونوا يرغبون في أن تحل الفوضى ولم تكن لديهم أي ثقة بالإخوان المسلمين وكانوا سعداء بإجبارهم على التنحي عن الحكم".
وقد أولت وسائل الإعلام الغربية اهتمامًا واسعًا بالمشهد السياسي المصري، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق مبارك في يناير 2011، وحتى ليل الأربعاء 3 يوليو 2013، اليوم الأخير لحكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي.
الانبهار كان عنوانًا رئيسًا لتغطية معظم وسائل الإعلام الغربية، لثورة يناير، وكان التحفظ واضحًا في وصف ما حدث بالانقلاب أو الثورة في الثالث من يوليو.
"الجارديان" وصفت ثورة يناير بأنّها " أعظم ثورة في التاريخ البشري بأكمله"، بينما جاءت افتتاحية "ديلي تليجراف" حينها: "قوة الشعب تصنع التاريخ في مصر".
أمّا شبكة CNN الإخبارية الأمريكية فلم تخف انبهارها بالثورة التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك حيث قالت:"لأول مرة فى التاريخ نرى شعبا يقوم بثورة ثم ينظف الشوارع بعدها".
ثم يأتي هذا اليوم المشهود في تاريخ مصر ألا وهو يوم عزل الرئيس محمد مرسى بعد أن أساء لكافة مناحى وأوجه الحياة في مصر سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الدولي.
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أبرزت سعادة القادة العرب من السعودية إلى سوريا بالإطاحة بمرسى، وهو ما اعتبرته الصحيفة "لحظة نادرة من الوحدة في منطقة تموج بالتطورات.
ورأت الصحيفة أنّ الاستجابة السعيدة، ردًا على إطاحة الجيش بمرسى تؤكد مدى فشل الأخير فى كسب حلفاء بالخارج، مثلما "فشل" في الداخل، لافتة إلى أنّ "مرسى قام "بتنفير" أصدقاء مصر التقليديين وأعدائها أيضًا، على حد سواء، بعد انتهاج سياسة خارجية غير منظمة.
وأضافت: "اختلفت ردود الفعل الدولية، بسبب تعرج مسار السياسة الخارجية لمرسى بين محاولة لتعديل العلاقات المتوترة تاريخيًا لمصر مع إيران، وتأييد الجهاد ضد الشيعة في سوريا".
من جانبها دعت صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية، الإدارة الأمريكية إلى حث الجيش المصري على إجراء انتخابات بشكل سريع، مع ضرورة وجود "جدول زمني".
من جانبها، قالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إنّ ما حدث بداية النهاية للإسلام السياسي في العالم العربي، مشيرة إلى أن الإسلاميين في مصر الآن، في حالة من الفوضى يقاومون فقط، لحفظ ماء الوجه.
وقالت "لوموند الفرنسية" إن ردود فعل المجتمع الدولي والحكومات الغربية على الإطاحة بمرسى تعكس حالة من الانزعاج والقلق بين الإحراج، والتهاني، والإدانة، وسط إعراب عدد من الدول عن استعدادها للعمل مع الحكومة الجديدة في مصر.
وذكرت الصحيفة أنّه بين الحديث عن ثورة أو انقلاب عسكري، لم تستخدم أي من القوى الغربية الكبرى مصطلح انقلاب، وهو الأمر الذي من المفترض أن تدينه الديمقراطيات، ومع ذلك دعت الدول الغربية إلى انتقال سريع للعملية الديمقراطية.