الأرقام التي كشفت عنها النشرة الإحصائية المُتخصصة في الضمان الاجتماعي، وأفادت من خلالها بحدوث ارتفاع كبير في أعداد المستحقين خلال عامي 2011 و2012 -والذين وصلوا إلى 81 ألف مواطن ومواطنة- إنما تحمل بين طيَّاتها جانبًا سلبيًّا في مسار التنمية التي تعكف السلطنة على تعزيزها، من منطلق الرؤية السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة؛ والتي ترى المواطن العُماني أداة التنمية وغايتها؛ وهو ما يتضح من خلال التركيز الدائم على بذل الجهود الحثيثة لنمو المجتمع عبر بناء الإنسان في إطاره المجتمعي؛ سليمًا متعلمًا ومشاركًا فاعلاً في مسيرة البناء والتنمية والتقدم.
فالجهد المشكور الذي يوليه مسؤولونا اهتمامهم تجاه "مستحقي الضمان الاجتماعي"، لا يزال يحتاج إلى تفعيل خطط الدولة لمعاونة هؤلاء المستحقين في الاعتماد على أنفسهم وتحويلهم من متلقي معاشات إلى منتجين وأصحاب دخل حقيقيين يسهمون في عجلة الإنتاج؛ لاسيما وأن ما يصدُر من إحصاءات حول ارتفاع أعداد المستحقين، غدا أمرًا يتطلب إعادة النظر في آليات التعامل ومدى مواءمتها مع الواقع، ومن ثم مراجعتها وإن تطلب الأمر تعديلها؛ بما يضمن توسيع قاعدة الإنتاج والعمل، وهو بدوره سيؤدي إلى تقليص عدد المنتسبين لهذه الفئة، وفي الوقت ذاته الحد من المنضمين الجُدد، وما يُمثله ذلك من مؤشر على تزايد حالات الفقر في السلطنة... فالواقع يفرض حتمية التوصل لآلية تدفع القادرين على العمل والإنتاج من مستحقي معاشات الضمان الاجتماعي، للعمل الحقيقي والإنتاج المثمر، بما يؤهلهم ليكونوا شركاء في دعم الاقتصاد الوطني.
.. إن زيادة عدد مستحقي الضمان الاجتماعي خلال العامين الماضيين بات يتطلب وضع مفاهيم وتعريفات وطنية للفقر، على غرار التعريف الأممي، والاتفاق على الأُطر والحدود التي يُعتبر عندها المواطن مستحقاً لمعاش الضمان الاجتماعي؛ سواء كان ضمن الفئات التي يشملها الضمان حالياً أم لا؛ بحيث يوضح تماماً الحد الأدنى الذي يمكن أن تعيش به الأسرة حسب حجمها؛ وهو ما سيساهم -أيضًا- في الحد من تلك الارتفاعات التي باتت تُمنى بها إحصاءات ومؤشرات مستحقي الضمان الاجتماعي؛ بما يدعم الرؤية الاستراتيجية لمستقبل هذه الفئات.
ولن يتأتى ذلك سوى من خلال منحهم الفرصة للاعتماد على النفس؛ سواء عبر المساعدة على إقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة أو إتاحة فرص التدريب والتأهيل لأبناء هذا القطاع ومن في حكمهم؛ للارتقاء بمستوى دخولهم وضمان الأمان الاجتماعي وكرامة العيش لهم.