بروكسل- الوكالات
عاشت بلجيكا يوما تاريخيا مع اعتلاء الملك فيليب العرش ليصبح العاهل السابع في تاريخ هذه المملكة التي تتبع نظاما ملكيا دستوريا وراثيا، وسط أجواء تسودها شكوك كبيرة حول مستقبل بلد منقسم وضعيف.
وفي حفل نقله التلفزيون البلجيكي مباشرة من القصر الملكي في بروكسل، وفي حضور أعضاء الحكومة والسلطات التشريعية ووسط مراسم غلب عليها الطابع العاطفي, وقع ملك بلجيكا ألبرت الثاني أمس الأول وثيقة تخليه عن العرش, ليصبح ابنه الأكبر الأمير فيليب الملك السابع للبلاد.
وكان الملك قد أعلن في خطاب مفاجئ للأمة قبل أسبوعين أنه سيتنازل عن العرش لابنه الأكبر الأمير فيليب نظراً لأن عمره وصحته لا يسمحان له بأداء واجبه كما يود، وقال ألبرت :"بعد حكم دام 20 عامًا, أشعر أن الوقت قد حان لأن أنقل الشعلة للجيل المقبل"وتخلى الملك عن العرش في الوقت الذي تحتفل فيه البلاد بعيدها الوطني.
وقال ألبرت لوريثه خلال مراسم التنازل :"فيليب, أنت تمتلك جميع الملكات القلبية والعقلية لخدمة بلادنا بشكل جيد من خلال مسؤولياتك الجديدة .. أنت وزوجتك العزيزة ماتيلدا تتمتعان بكل ثقتنا".
وأثنى الملك المتنازل عن العرش على رئيس الوزراء البلجيكي إيليو دي روبو, كما شكر ألبرت زوجته الملكة باولا على دعمها له وبعد ذلك, عانق ألبرت نجله الأكبر, لتدمع أعين ماتيلدا تأثرا بالموقف، وقال دي روبو للملك ألبرت :"برأس مرفوعة عاليا وواجب أنجزته على أكمل وجه, تطوي اليوم صفحة مهمة في تاريخ بلادنا".
وقد تنازل الملك البير الثاني، ملك البلجيك منذ عشرين عامًا منذ وفاة شقيقه بودوان في 1993، تنازل طواعية عن العرش لابنه البكر فيليب الذي أصبح الملك السابع في تاريخ بلجيكا بعد حلف اليمين الدستورية أمام مجلسي البرلمان مجتمعين حيث يقوم النظام الملكي على اعتلاء البكر أياً يكن جنسه ذكراً أم أنثى العرش بالوراثة منذ العام 1991.
وتحكم الأسرة الملكية في بلجيكا منذ إنشاء المملكة في 1831 وانتخاب الأمير الألماني ليوبولد لساكس-كوبورغ-سالفيلد ليصبح ليوبولد الأول.
ويجلس العاهل البلجيكي على العرش لكن بدون تاج ولا صولجان اللذين يعتبران من الخصائص الملكية الرمزية غير المعروفة في بلجيكا، وفي الصف الأول تجلس زوجته ماتيلد وأولاده الأربعة بينهم ابنته البكر اليزابيث التي ستصبح قريباً في سن الثانية عشرة الأميرة الجديدة وريثة العرش.
وبعد أداء القسم ظهر الملك الجديد وزوجته على شرفة القصر قبل أن يحضرا العرض العسكري التقليدي، حيث يصادف العيد الوطني للبلاد، ويلتقيا الحشد وسط عروض حضرها مئات آلاف الأشخاص في وسط بروكسل.
وفي بلجيكا ينص الدستور على أن الملك يرعى البلاد ولا يحكمها ولكنه يتمتع بمكانة فريدة من نوعها لأنه رسميا من أصل ألماني لا ينتمي لأية طائفة بلجيكية ولا ينتمي إلى أي حزب سياسي أي أنه الحكم الفعلي بين مختلف مكونات البلاد.
وقد أعلنت الحكومة البلجيكية أن مظاهر الاحتفال متواضعة بسبب تداعيات الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد وتجنبا لإثارة إشكاليات مع الطائفة الفلمنكية التي تطالب بربط الأحزمة والحصول على مزيد من الصلاحيات وتقليص السلطات الملكية.
وعشية اليوم الكبير لم تشهد العاصمة أي مظاهر حماسية معينة باستثناء "الحفل الراقص الوطني" الذي شارك فيه الملك ونجله مع زوجتهيما مساء السبت، بعيدا عن الحشد الذي تدفق إلى هولندا نهاية أبريل أثناء اعتلاء الملك الجديد فيليم-الكسندر العرش.
ولم يدع أي من الملوك أو القادة الأجانب إلى الاحتفالات والشخصية الوحيدة الحاضرة هي رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو.
ويأتي تسلم الملك الجديد فيليب للعرش قبل أشهر من استحقاق انتخابي مصيري العام المقبل للبلاد ووسط سعي القوميين الفلمنكيين بزعامة بارت ديوفر مسؤول الحزب القومي الفلمنكي لانتزاع مزيد من الصلاحيات لصالح مقاطعة الفلاندر الشمالية والثرية.