الكويت – رويترز
توجه الناخبون الكويتيون أمس لمراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لاختيار 50 عضواً في مجلس الأمة (البرلمان) وسط إقبال ضعيف بسبب ارتفاع درجة الحرارة التي تتواكب مع صيام رمضان ودعوات من المعارضة للمقاطعة اعتراضاً على النظام الانتخابي.
وهذه هي الانتخابات السادسة التي تجرى في الكويت في سبع سنوات منذ 2006 ولم يكمل أي من البرلمانات السابقة دورته التي تبلغ أربع سنوات إما بسبب الحل من قبل الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي يمتلك هذا الحق طبقاً للدستور أو من خلال حكم المحكمة الدستورية العليا التي أبطلت استحقاقين انتخابيين أولهما جرى في فبراير 2012 والآخر في ديسمبر من نفس العام بسبب أخطاء وصفت بالإجرائية.
وتجرى الانتخابات بنظام الصوت الواحد لكل ناخب في خمس دوائر انتخابية وهو النظام الذي أقره أمير الكويت من خلال مرسوم أميري اعترضت عليه المعارضة قبل أن تجيزه المحكمة الدستورية العليا في يونيو حزيران الماضي.
ودعت الكتل الرئيسية للمعارضة إلى مقاطعة هذه الانتخابات البرلمانية مواصلة نهجها الذي بدأته في أواخر العام الماضي احتجاجًا على نظام الصوت الواحد الذي ترى أنّ هدفه خلق برلمانات موالية للحكومة وحرمان المعارضين من التحالف مع بعضهم كما كان يحدث في انتخابات سابقة بينما ترى السلطة أنّ نظام الصوت الواحد ضروري من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية ونسيج المجتمع في ظل وجود قبائل وعائلات كبيرة في الكويت إضافة إلى نسبة من الشيعة تعيش وسط غالبية سنية.
وأمام مدرسة ثانوية عبد الله الجابر الصباح في منطقة الروضة التي تتميز بارتفاع المستوى المعيشي لسكانها اختفت كل المظاهر الاحتفالية التي كانت تصاحب كل انتخابات جرت في السابق في هذا المكان واقتصر الحضور على عدد قليل من أنصار المرشحين الذين استظلوا تحت سقف المكان المخصص لحماية السيارات من حرارة الشمس المحرقة بينما كانت أعداد المتواجدين داخل اللجان الانتخابية متواضعة للغاية.
لكن المستشار إبراهيم العبيد رئيس اللجنة التي تقع ضمن الدائرة الثالثة قال لرويترز إنّ 50 ناخباً أدلوا بأصواتهم في الساعة الأولى من الصباح من أصل 788 ناخباً وهو معدل "أكثر من جيد".
وأضاف "هذه أول انتخابات تمر علينا في رمضان وبالتالي صعب أن نحكم عليها" من حيث معدل المشاركة.
وأعرب أحد المرشحين لرويترز عن خيبة أمله من تواضع عدد المشاركين في ساعات الصباح وقال "الحضور نص نص. كنا نتوقع أن يكون أكبر... لكن يبدو أنهم لا يزالون نائمين. نتوقع أن يزيد الإقبال بعد صلاة العصر."
وقال محمد الدلال النائب السابق في برلمان فبراير شباط 2012 وأحد رموز الحركة الدستورية الإسلامية المقاطعة للانتخابات "هناك جموع كبيرة من الرجال والنساء لديهم قناعة بأن هذه المجالس مؤقتة وأنها مرشحة للإبطال من قبل القضاء أو الحل من قبل أمير البلاد. وبالتالي المشاركة في مثل هذه الانتخابات وهذه المجالس هي نوع من تضييع الوقت والعبث والإرهاق السياسي غير المطلوب."
وقال الشيخ سلمان الحمود الصباح وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب في تصريح لتلفزيون الكويت إنّ المواطنين سيقبلون على الانتخابات لأنّ "الأجر مضاعف في هذا الشهر الفضيل.. وخدمة الوطن عبادة."
وأكد وزير الإعلام أن الحكومة وضعت الاستعدادات كافة لتنسيق العملية الانتخابية وتسهيلها على المواطنين جميعا مشيرا الى أن الاستعدادات تسير بالشكل الصحيح وأن "الكويت تفخر بتنظيم العملية الانتخابية في إجراءات شفافة ونزيهة ومن خلال تجربة ديمقراطية رائدة."
وقاطعت المعارضة انتخابات ديسمبر كانون الأول الماضي ونظمت مسيرات احتجاجية في نهاية 2012 وصفت بغير المسبوقة في تاريخ الكويت ولاقت دعوتها للمقاطعة في حينها صدى بين شرائح عريضة من الشعب.
وجاءت الانتخابات في ديسمبر كانون الأول بأضعف مشاركة انتخابية في تاريخ الكويت إذ بلغت نسبتها 39.5 في المئة بينما النسب المعتادة تزيد عن 60 في المئة وقد تصل في بعض الأحيان 80 في المئة.
ولم تدع المعارضة هذه المرة لتسيير احتجاجات في الشوارع ضد الانتخابات واقتصرت على الدعوة للمقاطعة. ويقول مراقبون إنّ قدرة المعارضة على حشد الجماهير في الشوارع تراجعت كثيرًا عما كانت عليه في نهاية 2012.
وأكد الدلال أن "المعارضة ظلت متماسكة بشخصياتها ورموزها ضد خوض الانتخابات وأن 32 نائباً (سابقا) من أصل 35 من نواب المعارضة في برلمان فبراير شباط 2012 هم مقاطعون للإنتخابات الحالية لأنها ستؤدي إلى مجلس صوري لا رؤية له ولا ثقل وستؤدي إلى سيطرة الحكومة على المجلس وقراراته."
ونجت الكويت من رياح الربيع العربي بفضل ما تمتلكه من ثروة نفطية وقدرة على منح المواطنين مزايا مالية ووظيفية إضافة إلى أن لديها نظاماً يتمتع بديمقراطية نسبية هي الأفضل في دول مجلس التعاون الخليجي لاسيما مع وجود برلمان منتخب وقدر نسبي من حرية الصحافة.
ويبلغ عدد الناخبين في الكويت 440 ألف ناخب من أصل 1.2 مليون مواطن بينما يبلغ إجمالي عدد السكان 3.9 مليون نسمة.