تصاعدت الأحداث في الشقيقة مصر خلال اليومين الماضيين؛ لتصل إلى ذروتها بسقوط دماء على قارعة الميادين والاعتصامات؛ لتدخل البلاد في مرحلة أخرى من الشقاق والنزاع الذي يقترب من أن يكون دمويًّا، وهو ما يُثير القلق العربي والدولي، وأنظار الجميع شاخصة تتخوَّف من مصيرٍ شاهده القاصي والداني في العراق وسوريا وليبيا.
... إن المحنة التي تمر بها مصر منذ ما يقرب من عامين ونصف العام آن لها أن تزول؛ لتتحقق طموحات الشعب المصري الذي خرج بالملايين مُطالبًا بالعزة والكرامة، واللتين لا معنى لهما مع سقوط القتلى والمصابين.. بيد أنه في الوقت نفسه يتعيَّن على كافة أطراف المعادلة العسيرة أن يتحدوا وأن يصلوا بقلب العروبة إلى بر الأمان.
فأمنُ المنطقة يتعرَّض لتهديدات خطيرة تُنذر بأن تؤصل لصراعٍ طائفيٍّ ومذهبيٍّ قد يذهب بالأخضر واليابس؛ فمصر قلب العالم العربي تئن تحت هذه الويلات التي يقترفها البعض تحت زعم "خدمة الوطن والدين"، غير أنه بات من الواضح أن تلك الادعاءات لم تخدم الوطن ولم تنهض بالدين؛ مما يستلزم على الجميع أن يقفوا صفًّا واحدًا وتحت لواء مصري خالص؛ بعيدًا أن أي تجاذبات سياسية أو تعصب مذهبي، لشخص دون آخر.
... إن الشعب المصري الذي أذهل العالم في ثورة 25 يناير، وزاد دهشته في 30 يونيو؛ لقادر على تجاوز الصعوبات، شريطة أن يتحلَّى بالصبر، وأن يؤمن بمبدأ "المصالحة الوطنية"، ليضربوا أروع الأمثلة في التسامح الوطني بين أبناء الجلدة الواحدة.
فعودة الاستقرار والأمان ضرورة حتميَّة ليس لمصر والمصريين فقط، بل لكل العرب من المحيط إلى الخليج، وهذا الاستقرار سيؤثر بالإيجاب على المنطقة برمَّتها، وسيسحب البساط من تحت أقدام المتربصين والمتواطئين للنيل من كرامة مصر.
لقد خرج الشعب المصري ليحلم وليؤسس لحياة كريمة، وهو حق أصيل لا نزاع عليه.. خرجوا ضد الظلم والقمع بما يُسهم في نيل الحريات.
ولا شك أن أعداء الأمة والمتربصين يُريدون مصر ضعيفة وهنة، مشغولة بالاقتتال الداخلي، ولكن.. إرادة الشعب ستنتصر وتواصل الدفاع عن أهداف الثورة.
وعلى العالم أن يُصلي من أجل مصر، وأن يبتهل بالدعاء في سجوده، وأن يُردد ترانيم المحبة والسلام، حتى تنعم أم الدنيا بالأمن والاستقرار المنشودَيْن.