غزة- الوكالات
زادت القيود المفروضة على الحدود في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس منذ سنوات، فقد تم إغلاق معظم أنفاق التهريب، وأصبحت حركة نقل الركاب صعبة سواء من أو وإلى القطاع وعُلقت الحركة التجارية الرسمية بين الجانبين.. وتعد هذه القيود هى جزء من الحملة الأمنية الدائرة الآن في شبه جزيرة سيناء، ولا تعنى محاولة إضعاف حكومة حماس أو إسقاطها.
سكان غزة ضاقوا ذرعا بالمصاعب اليومية للحياة تحت الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، ولكن وفقا لسكان غزة و مسئولى حماس فان الاجراءات المصرية الأخيرة هي الأصعب و الأكثر صرامة من مثيلتها وقبل ثورة 25 يناير 2011.
خالد جرادة وهو سائق سيارة أجرة في مدينة غزة يقول "إن الأمور تزداد سوءا كل يوم،" بعد نقص الوقود المصري الرخيص بسبب الإغلاق".. و يقضى خالد ساعات ينتظر في طابور بطيء الحركة خارج محطة وقود، تتقدمه أكثر من 30 سيارة أملا في تزويد سيارته بالوقود .
ويضيف خالد قائلا " عندما كان مبارك رئيسًا، كنا نحصل على الوقود عبر الأنفاق، إلى أن جاء الرئيس مرسى" .
بعض المسؤولين في حركة فتح المنافس الرئيسي لحركة حماس، أعربوا عن أملهم في أن حكومة حماس ستكون التالية بعد سقوط حكومة الإخوان المسلمين في مصر.. أمّا قادة حماس فقد حرصوا على عدم انتقاد الإجراءات المصرية على الحدود خوفا من اتهامهم بالتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، وأعلن رئيس الوزراء إسماعيل هنية، بأنّ تقارير وسائل الإعلام المصرية "حول تدخل حماس في الشئون المصرية تأييدا للرئيس مرسي ليست صحيحة"، وذلك ردا على ما أذيع ببعض وسائل الإعلام المصرية بأن حماس تساعد المسلحين في سيناء على انتهاك القانون وتدبير أحداث العنف في مصر، فبعد الإطاحة بحكم الإخوان وعزل الرئيس محمد مرسي فى 3 يوليو، قام الجهاديون في سيناء بالاستفادة من الاضطراب وشنّوا هجمات يومية ضد قوات الأمن المصرية، مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرة جنود ورجال الشرطة في هذا الشهر وحده.
لقد عانى قطاع غزة بدرجات متفاوتة منذ إغلاق الحدود الإسرائيلية والمصرية عام 2006، عندما وصلت حركة حماس الى السلطة في انتخابات البرلمان الفلسطيني، ثمّ تمّ تشديد الحصار بعد ذلك بعام إثر سيطرة حماس على قطاع غزة وتولى السلطة هناك منفردة بعد هزيمة القوات الموالية للرئيس الفلسطينى محمود عباس، الذي أصبحت سلطته مقتصرة الآن على الضفة الغربية.
لكن بعد انتخاب مرسي رئيسًا لمصر في العام الماضي، خفف بعض القيود المفروضة على الحدود، على الرغم من أنه لم يفتح بوابة غزة الوحيدة على العالم كما كانت تأمل حماس ومع ذلك، خلال حكم دام عاما كاملا للرئيس مرسي، كان الوقود الرخيص ومواد البناء تتدفق من مصر بحرية نسبية عبر أنفاق التهريب على الحدود إلى غزة، وتجاوز القيود الإسرائيلية المفروضة على بعض الواردات إلى الأراضي ، وفوق الأرض كان اهل غزة قادرون على عبور الحدود إلى مصر بعد سنوات من القيود المفروضة على السفر.
كل ذلك تغيرعندما عزل مرسي بعد خروج الملايين الشوارع في احتجاج شعبى ضد الرئيس ومؤيدي جماعة الإخوان له.. و منذ الإطاحة به ، سمح فقط لأولئك الذين يحملون جوازات سفر أجنبية والمرضى سمح لهم بمغادرة غزة عبر معبر رفح، وانخفض عدد المارين عبر المعبر يوميا من حوالي 1000 إلى 150 شخصا فقط .
ماهر أبو صبحة رئيس أحد موظفى الحدود على معبر رفح يقول ان هناك اكثر من 10 آلاف مواطن من القطاع وقعوا طلبات فى يوليو حتى الآن لمغادرة غزة ولكن سمح لجزء بسيط منهم فقط بالدخول إلى مصر .
قوات الأمن في مصر أيضا مازالت تقوم بحملة على الأنفاق، التي تهرب الاسلحة جنبا إلى جنب مع السلع الاستهلاكية، ثلاث مرات هذا الشهر، حلقت طائرة هليكوبتر عسكرية مصرية على جنوب غزة، وهو حدث نادر يعني بمثابة تحذير لحماس لمنع حركة المسلحين، وقال مسؤول للمخابرات المصرية لوكالة أسوشيتد برس أنه قبل عدة أسابيع من الاطاحة بالرئيس مرسي أمر الجيش بوقف اقتحام المنازل على الحدود بين غزة والتى يشتبه في ارتباطها بالأنفاق العاملة وقد صدر الأمر بعد وقت قصير من عقد مرسي مائدة مستديرة مع زعماء القبائل من شمال سيناء وضباط الأمن في القصر الرئاسي.
ووفقا للمسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالإفصاح عن معلومات للصحفيين، أنّ حماس تستخدم هذه الأنفاق كطرق للتهريب ولشراء وبيع الأسلحة..
و خلال فترة العام وهي مدة حكم الرئيس مرسي، أغرقت قوات الأمن العشرات من الأنفاق بمياه الصرف الصحي وقال روبرت سيري، مبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط، ومجلس الأمن أن مصر اتخذت "اجراءات قوية" ضد الأنفاق وأنه يعتقد أن 80 في المئة منها لم تعد صالحة للعمل.
أحد مهربي البضائع عبر الانفاق قال للاسوسيتدبرس إن ما يتم تهريبه الان أصبح قليلا مع الظروف الأمنية المشددة الآن، فقد أصبح هناك عدد قليل من الأنفاق لا يزال يعمل، ونحن لا نستطيع تلبية الطلب في السوق داخل قطاع غزة.
وسمير فارس (64 عاما) الذي يعيش على الجانب المصري من الحدود مع قطاع غزة، يؤكد أن الجيش المصري قد دمر العديد من الأنفاق ومع قلة الانفاق الصالحة للتهريب أصبح تهريب مواد البناء متوقفا تقريبا.
اقتصاد غزة الضعيف، أصبح أكثر هشاشة بعد سنوات من الإغلاق والعزل، لكن الانخفاض الحاد في الوقود الرخيص والأسمنت القادم من مصر هو الأكثر إضرارا لسكان القطاع حيث أصبحت حركة النقل والبناء والتشييد بالقطاع فى حالة شلل شبه كامل.
ويقول حاتم عويضة وزير الاقتصاد فى غزة إنّ الاقتصاد خسر حوالي 235 مليون دولار نتيجة للإجراءات الأخيرة، وهذا من المرجح يتضمن خسارة مباشرة لخزينة حماس تقدر بالملايين من الدولارات من عوائد الضرائب المفروضة عادة على السلع العابرة عبر الأنفاق.
بالطبع الوقود المستورد من إسرائيل لا يزال متاحا ولكن أكثر كلفة مرتين من نظيره المصري المدعوم، وفي بعض الأحيان قد تصل شحنة من الوقود المصري المهرب إلى غزة، فتجد سائقي السيارات مصطفين في محطات الوقود لشراء الوقود الرخيص نسبيًا .
ويقول محمد مسعود، مدير محطة لسيارات الأجرة في مدينة غزة، أن أزمة الوقود أدت لتعطل نصف السيارات فأصبحت عشر سيارات فقط من عشرين سيارة هي ما تعمل فقط نتيجة نقص الوقود، وشراء الوقود الإسرائيلي مكلف ويستلزم رفع الأسعار، وهي خطوة حظرتها الحكومة.
لقد أصبح سكان غزة في وضع كارثي أكثر بكثير مما كانوا عليه لسنوات، وليس من الواضح حتى الآن إلى أي مدى وإلى متى ستستمر الإجراءات المقيدة على غزة، وإن كان مع المناخ الحالي فى مصر لا يبدو من المرجح أنّه سيتم تخفيف القيود في أي وقت قريب.. و هو الأمر الذى يشدد من قبضة الخناق على حركة حماس ويضعها في موقف غاية الصعوبة أمّا سكان القطاع ولا يمكن التنبؤ بما قد يحدث مستقبلا وإذا ما كان القطاع سيظل تحت سيطرة حماس أم لا.