توجه لإنشاء مركز وطني لتدريب وتأهيل العاملين في "الكهرباء والمياه".. و271 مليون ريال مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي
غياب الرقابة على آليات التعمين في القطاع يعرقل جهود توطين الوظائف
تمويل 12 مشروعًا بتكلفة 24 مليون ريال ضمن آليات تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
3 مليارات ريال قيمة استثمارات قطاع الكهرباء في السلطنة
مشروعات التوظيف الذاتي الحل الجذري لقضايا التعمين في مختلف القطاعات
مطالب بإعادة النظر في قانون مجلس المناقصات والضمانات البنكية عند تأسيس الشركات
مقترحات بإنشاء حاضنات أعمال لشركات الكهرباء والمياه للشباب
كشف سعادة محمد المحروقي رئيس الهيئة العامة للكهرباء والمياه عن توجه لإنشاء مركز وطني لتدريب وتأهيل العمالة الوطنية بقطاع الكهرباء والمياه، بهدف رفع كفاءة القطاع وزيادة نسب التعمين، بما يتماشى مع التوجهات الاستراتيجية للدولة في هذا الشأن.
وناقشت غرفة تجارة وصناعة عمان خلال الأمسية الرمضانية الرابعة التحديات والحلول للتعمين في قطاع الكهرباء والمياه. وأقيمت الأمسية برعاية معالي يحيى بن سعيد الجابري رئيس هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وبحضور سعادة محمد بن عبدالله المحروقي رئيس الهيئة العامة للكهرباء والمياه والمهندس أحمد بن حمد الصبحي رئيس اللجنة القطاعية للتعمين وعدد من الجهات الحكومية المعنية بالتعمين، كوزارة القوى العاملة واتحاد عمال السلطنة إضافة إلى عدد كبير من أصحاب وصاحبات الأعمال.
الرؤية- فايزة الكلبانية- يوسف الحبسي
تصوير- راشد الكندي
واستهلت الأمسية بورقة عمل أعدتها اللجنة المشتركة للتعمين في قطاع الكهرباء والمياه والتي سعت من خلالها إلى الارتقاء بالموارد البشرية ورفع كفاءة القوى العاملة الوطنية بالقطاعين من خلال التركيز على التدريب النوعي وخلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة تدار ذاتياً من قبل كوادرنا الوطنية.
قطاعات رئيسية
وتطرقت ورقة العمل إلى الحديث حول القطاعات الرئيسية الأربعة التي يشملها القطاع، أولها قطاع إنتاج المياه والطاقة، حيث إن القطاع يضم محطات توليد الطاقة وتحلية المياه وتعمل به شركات عالمية (وتمثل استثمارات ورؤوس أموال عالمية) ونسب التعمين فيه تتجاوز 50 بالمائة، مشيرة إلى أنه قطاع مستقر نسبيا. وأوضحت الورقة أن معدل الدوران الوظيفي يبلغ ما بين 4 إلى 6 بالمائة، وهو معدل يتماشى مع متوسط الاستقرار الوظيفي العالمي، وأكثر من 8 % يعد غير مستقر، ومتوسط عدد الموظفين 560 موظفا واستثمارات هذا القطاع تزيد عن 300 مليون ريال لكل محطة تقريبًا وتعمل به 13 محطة رئيسية؛ حيث إنّ مساهمة قطاع الكهرباء والمياه في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 271 مليون ريال.
أمّا القطاع الثاني فهو قطاع نقل الطاقة والمياه، حيث تعمل في نقل الطاقة الشركة العمانية لنقل الكهرباء وهي شركة حكومية ونسب التعمين فيها تتجاوز 90 بالمائة، أمّا قطاع نقل المياه فهو تابع للهيئة العامة للكهرباء والمياه ونسب التعمين فيه تتجاوز 90 بالمائة، أمّا مشروعات النقل فتعمل بها شركات مقاولات محلية وعالمية ونسب التعمين فيها لا تتجاوز 30 بالمائة ويعد قطاعا غير مستقر؛ حيث إن متوسط عدد الموظفين في شركة نقل الكهرباء 250 موظفا يقابلهم عدد أقل في قطاع شبكات نقل المياه، بينما يبلغ حجم الاستثمارات 100 مليون ريال عماني سنويا أو يزيد بالنسبة لقطاع نقل الطاقة، ويقابله المبلغ نفسه أو أقل بالنسبة لقطاع نقل شبكات المياه.
وأشارت ورقة العمل إلى أن ثالث القطاعات هو قطاع توزيع الطاقة والمياه، ولفتت إلى أن توزيع الكهرباء تعمل به 5 شركات بما فيها كهرباء المناطق الريفية، ونسب التعمين تتجاوز 90 بالمائة والدوران الوظيفي 9 بالمائة، أما قطاع توزيع المياه فهو تابع للهيئة والتعمين فيه يتجاوز 90 بالمائة، كما أن قطاع مشاريع التوزيع تعمل به شركات مقاولات محلية يملك الأجانب أغلب أصولها، والتعمين فيها عند الحد الأدنى، ويصنف على أنه غير مستقر. وفي قطاع أعمال الطوارئ والتوريدات تعمل شركات مقاولات محلية، يملك الأجانب أغلبها، والتعمين فيها يبلغ الحد الأدنى وهو قطاع غير مستقر أيضا؛ حيث إن متوسط عدد العاملين يبلغ 1500 موظف بالنسبة لقطاع توزيع الكهرباء، وهناك 250 شركة مسجلة في أعمال المقاولات والتوزيع بالنسبة لقطاع الكهرباء وتبلغ الاستثمارات في قطاع الكهرباء 200 مليون ريال سنويا. أمّا القطاع الرابع وهو تحصيل الطاقة والمياه، فتعمل به شركات وطنية وتضم كوادر وطنية وكوادر وافدة، وتصل نسب التعمين فيه إلى 60 بالمائة في الوظائف الدنيا، وهو قطاع غير مستقر؛ حيث يتجاوز الدوران الوظيفي فيه أكثر من 40 بالمائة.
وأكّدت ورقة العمل أنّ قطاع الكهرباء تمّ تخصيصه بالكامل، ونسب التعمين فيه مرتفعة، لكن يعمل به عدد لابأس به من الكوادر الوافدة. وأوضحت الورقة أنّه تمّ إقرار تخصيص القطاع في عام 1999 وتمّ تحويله تمامًا في عام 2005 وتنظم عمله هيئة تنظيم الكهرباء، مع ملاحظة أنّ فترة الـ6 سنوات كانت كافية لتأهيل الكوادر الوطنيّة للعمل في المؤسسات التجارية وكفيلة لصقل مهارات كوادرنا الوطنيّة الأمر الذي كان سيغني عن الاستعانة بالكوادر الوافدة. أمّا قطاع المياه، فتؤول مسؤوليته بالكامل للهيئة العامة للكهرباء والمياه ونسبة التعمين فيه كبيرة وتشرف على إدارته شركة فيوليا الفرنسية.
تحديات التعمين
وسلطت ورقة العمل الضوء على تحديات التعمين في قطاعي الكهرباء والمياه، وعلى رأسها عزوف الشباب عن الأعمال الميدانية، وتفضيل أنماط الحياة العصرية والاتكاليّة، بما يشكل عائقًا حقيقيًا عند البعض في الانخراط بسوق العمل في مثل هذه القطاعات الفنية التي يغلب عليها طابع العمل الميداني.
وأشارت ورقة العمل إلى أنّ مخرجات المؤسسات التعليميّة ومراكز التدريب لا تفي بمتطلبات القطاع، وهناك قلة في الكليات والمعاهد المتخصصة التي تخرج كوادر تعمل في هذين القطاعين التخصصين، كما أنّ تخصيص القطاع غيّب نوعًا ما عملية التعمين في القطاع بسبب زيادة نسبة الكوادر الوافدة، كما أنّ التجارة المستترة وخاصة شركات المقاولات المتوسطة والصغيرة والفردية تشكل عائقًا أمام التعمين، وكان تحويل قطاع الكهرباء إلى قطاع تجاري حكومي معوقًا نسبيًا للكوادر الوطنية بسبب عدم التأهيل المسبق للعمل في المؤسسات التجارية. وأضافت ورقة العمل أنّ غياب سلطة مراقبة التعمين في القطاع أسوة بالبنك المركزي في قطاع المال، يعد معضلة عامة تواجه التعمين في العديد من القطاعات.
وأوضحت ورقة العمل أنّه جرت الموافقة على مقترح نسب التعمين بالقطاع من قبل اللجنة الإشرافية للتعمين بجلستها الرابعة في يناير الماضي على أن يتم رفع تلك التوصيات للجهات العليا لإقرارها واللجنة بصدد تلقي القرار الملزم للبدء في وضع آلية للتنفيذ بعد إقرارها من الجهات المختصة.
حلول مقترحة
وحول المقترحات التي قدمتها اللجنة لتذليل المعوقات التي تحول دون زيادة نسب التعمين، أوضحت ورقة العمل أنّ الحد الأدنى للرواتب موضوع شائك ويجب دراسته بعناية، وربطه بنظام التأمينات الاجتماعية وضمان دخل معين للموظف عند فقده وظيفته لأي سبب كان حتى ينتظم في وظيفه أخرى ويعالج ذلك في نسب الاستقطاع أو أي آلية أخرى ليضمن صندوق التأمينات حقوقه وهذا يؤدي إلى الاستقرار الوظيفي. وأوصت ورقة العمل بأهمية توعية الموظف في القطاع الخاص بمسؤولياته وواجباته تجاه المؤسسة التي هي مصدر رزقه وفي الوقت نفسه هو أداة من أدوات الإنتاج فيها ويعتبر حجر زاوية. وشددت على دور النقابات العمالية، وكذلك تثقيف المواطنين بأهمية العمل في القطاع الخاص كونه مصدرًا من مصادر الدخل القومي واحترام العاملين فيه وتفعيل دور وزارة التربية والمؤسسات الأخرى لترغيب الطلبة بالقطاع الخاص وأهميته ودوره في دفع عجلة التنمية كذلك تدريب الطلبة لتحديد مستقبلهم وكيف يضعون هدفا لحياتهم ومفهوم الولاء والمواطنة الحقة.
وأشارت الورقة إلى أنّ مراكز التدريب المهني والتأهيل يجب أن تكون مسمياتها تتناسب مع طبيعة عملها وأن تكون جذابة للطلبة والقطاع الخاص وأن يشارك القطاع الخاص في إعداد المناهج التي تلبي احتياجاتهم، وإشراك اللجنة في مراجعة المناهج الدراسية كذلك تبسيط إجراءات القبول فيها واستحداث برامج تدريب للمتسربين من المدارس من مراحل دراسية مختلفة وتشجيع تكوين النقابات العمالية والانخراط فيها وتمّ الاتفاق على تنظيم حملات توعية على مستوى الشركات والعمال. وبالنسبة للتدريب والتأهيل لضمان التدرج الوظيفي والترقيات إلى الوظائف العليا أوضحت الورقة أنه تم الاتفاق على إضافة بند حول الموضوع في قانون العمل.
واقترحت ورقة العمل أن تصدر وزارة القوى العاملة نشرة باسم "أين تتوظف؟" على غرار "أين تتسوق؟"، والتي أصدرتها حماية المستهلك؛ حيث تنشر قائمة الشركات المتميزة بالاستقرار الوظيفي والمعاملة الجيدة ورضي الموظفون فيها وقد تمّ الاتفاق على رفع الموضوع إلى اللجنة الوزارية.
مبادرات فردية
وفيما يخص تشجيع المبادرات الفردية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أوضحت ورقة العمل أنّ فريق تطوير المؤسسات الفردية والصغيرة والمتوسطة قام بعرض الرؤية النهائية لاختيار 12 مشروعًا من بين 32 مشروعا؛ حيث عرض الفريق الجدوى الاقتصادية لكل مشروع، وقد قامت اللجنة الرئيسية باختيار الأنسب من حيث فرص العمل والتكلفة والإمكانات المالية والفنية ليتم عرضها على اللجنة الإشرافية للجان القطاعية ومثالا على ذلك كهربائي منشآت. وتبلغ تكلفة تمويل المشاريع الـ12 لمدة 5 سنوات نحو 24 مليون ريال عماني والعائد المادي المتوقع للاقتصاد الوطني إثر تطبيق المشاريع يوازي 60 مليون ريال عماني وعدد العمانيين المتوقع تشغيلهم 12000 ونسبة النجاح المتوقعة 60 بالمائة.
من جهته، أوضح المهندس أحمد بن سيف المزروعي عضو اللجنة القطاعية المشتركة للتعمين والرئيس التنفيذي لشركة كهرباء مجان في عرضه حول أهميّة دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أن برنامج خواطر الذي يتم بثه عبر قناة MBC وبرنامج قيم العماني الاثنان يلتقيان في نفس الطريق وهي الطاقة الموجبة، فكلما وجد في المجتمع طاقة موجبة عاش بسلام، وكلما وجدت الطاقة السلبية السلبية عاش في مشكلات.
واعتبر المزروعي أنّ التوظيف "مشنقة الإبداع"، وهو القفص الذي يحبس الصقر بداخله، أمّا العمل الحر فيمثل الفضاء الذي يتيح لصاحبه حرية الحركة في التجارة والأعمال، والعالم أجمع يدخل في مسألة التوظيف الذكي، باعتباره المخرج لجميع دول العالم وليس السلطنة فحسب، وذلك من خلال تفعيل دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لتأكيد فكرة التشغيل لا التوظيف.
وقال: "بحثنا في المشاريع ووجدنا 33 مشروعًا، وهناك أمران يقيم عليهما الفرد لا ثالث لهما (الإنجاز والكفاءة)، والشعب العماني الآن يتمتع بالكفاءة، لكن نسبة الإنجاز أقل، ولذا فنحن بحاجة إلى انجاز، وقد تم اختيار 12 مشروعا لهذا العمل سواء في المنشأت أو الحدائق والصيانة وغيرها، وبعد الدراسة وجدنا أنه في حالة التركيز على الاثني عشر مشروعا المخصصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فبعد 5 سنوات سيجري توظيف 12 ألف عماني. وأشار إلى أنّ أحد المشاريع لشابين عمانيين، وهما أصحاب مشروع لتسليك الكهرباء في المنازل؛ حيث قدموا بداية راغبين في إنشاء مشغل لصناعة الأنابيب، ولكن اقتُرح عليهم أن يبدأوا بمشغل لصيانة المكيفات وسيكلفهم ذلك حوالي 5000 ريال، مشيرا إلى إن مشروعهم يسير على الطريق الصحيح.
الجلسة النقاشية
وبدأت الجلسة النقاشية، بسؤال وجهه أحمد الهوتي لسعادة محمد المحروقي رئيس الهيئة العامة للكهرباء والمياه، حول آليات التعامل والتفاعل مع الوزارات والجهات المختلفة خاصة التعليم العالي والقوى العاملة والجامعات والكليات لتأهيل وتدريب وتهيئة الشباب العماني للعمل في هذا القطاع.
وعقب سعادة محمد المحروقي أنّ الأرقام الواردة في ورقة العمل حول توقعات التوظيف في القطاع مبالغ فيها، خاصة أنه مع تطور التكنولوجيا تقل الحاجة للعمالة، واعتبر سعادته أن نسب التعمين الحالية في شركات الكهرباء والمياه تعد جيدة. وفيما يتعلق بالتوظيف، قال إنه قد يكون من الأفضل التركيز على زيادة نسب التعمين في الشركات الخدمية المرتبطة بعمل القطاع، مشيرا إلى أن قطاع الكهرباء والمياه صار عملا إشرافيا خاصة في الأعمال المهنية، وليس عمليات مهنية مباشرة حقيقية؛ حيث إن الشركات تترك العمليات المهنية للعمالة الوافدة، وهناك اتجاه لدراسة إنشاء مركز وطني للتدريب والتأهيل يتولي سد احتياجات القطاع من العمالة الماهرة وتوفير عمالة مدربة للشركات سواء الحكومية أو المساندة التي تتولى تقديم الخدمات وسيتم إقامة المركز بشراكة بين شركة الكهرباء القابضة وشركة فيوليا الفرنسية المتخصصة في المرافق العامة وهذا المركز سيكون مساهمة حقيقية في جهود التدريب والتأهيل.
الاستثمارات الحكومة
وفيما يتعلق بالاستثمارات الحكومية، أوضح المحروقي أن بعض التفاصيل الواردة في ورقة العمل تحتاج إلى تصحيح، منها أن قطاع الكهرباء والمياه لم يتم تخصيصه بالكامل، وما تم هو إعادة هيكلة القطاع وتحويله إلى شركات تعمل على أسس اقتصادية بحتة. وأضاف أنّ هناك مشاركة للقطاع الخاص في جانب الإنتاج، أمّا النقل والتوزيع فما زالت تشرف عليه الشركات المملوكة من قبل الحكومة والتي تقوم بالاستثمار في قطاع البنوك تحديدا. وأشار إلى أنّ هناك استثمارا واحدا متمثلا في محطة صور بطاقة 2000 ميجاوات وكل محطة لها تكلفة استثمارية. وتابع أنّ الأرقام الخاصة بإجمالي استثمارات القطاع تحتاج أيضًا إلى تصحيح، إذ من المعروف أنّ الكلفة الإجمالية لكل ميجاوات كهرباء هي حوالي مليون دولار، فالمحطة ذات الـ400 ميجاوات تكلفتها الاستثمارية 400 مليون دولار أي ما يعادل 150 مليون ريال عماني، والقيمة الاستثمارية في السلطنة حاليا في هذا القطاع ما يقارب 3 مليارات ريال عماني.
ورد رئيس اللجنة القطاعية المهندس أحمد الصبحي أنّ الأرقام الخاصة بالتوظيف "تقديرية"، وقد تمّ التوصل إليها بناءً على الدراسات المتوفرة لدى اللجنة.
وتباينت الآراء حول قضيّة التوظيف في قطاع التحصيل والفوترة، وشهدت الأمسية مداخلات ساخنة من قبل أصحاب الأعمال العاملين بقطاع الكهرباء والمياه، وسعود بن علي الجابري رئيس الاتحاد العام لعمال السلطنة الذي قال إنّ الحديث عن 10 آلاف وظيفة في قطاع الفوترة يبدو غير واقعي؛ حيث إنّ هناك معاناة في التوظيف بهذا القطاع، داعيًا إلى وضع حلول تقنية لحل مشكلاته. وكشف الجابري في مداخلته عن أنّ هناك عملا جادًا يجري حاليًا لتنظيم عملية المطالبة بالحقوق والتفاوض على تحسين شروط العمل من خلال إدخال آليات جديدة لتنظيم المفاوضة الجماعية، بما يمكن من تجنب توقف العمل في المؤسسات التي بها مطالبات عمالية. وأكد أنّ هناك مفاهيم عديدة تحتاج للمراجعة والتغيير، منها أنّ العامل هو إحدى أدوات الإنتاج والصحيح أنّه لابد أن يتم التعامل معه على اعتبار أنّه شريك في الإنتاج.
الدوران الوظيفي
وفي مداخلة لشبير اليوسف الرئيس التنفيذي لشركة عمان للاستثمارات والتمويل، أوضح أنّ قطاع الفوترة يعاني بالفعل من مشكلات بسبب الدوران الوظيفي؛ حيث إنّ الواقع يختلف تمامًا عن الإحصائيات، والتي توضح أن هناك نحو 400 مواطن يتركون عملهم في القطاع سنويا، والسبب هو أنّ طبيعة العمل ميداني ومرهقة، كما أنّ تفاوت الرواتب بين العاملين في القطاع يعد مشكلة أخرى ولابد من توحيد الرواتب. وأضاف أنّ إحدى المشكلات في القطاع تتمثل في أنّه منذ تسع سنوات لم تتغير قيم المناقصات التي تحصل عليها الشركات العاملة في قطاع الفوترة، رغم تغير عديد من العوامل منها الحد الأدنى للأجور. وقدم الجابري اقتراحًا بتشجيع تكوين شركات يديرها مواطنون لقراءة العدادات في المناطق والمحافظات.
فيما أوضح سالم الحضرمي مدير عام التشغيل بوزارة القوى العاملة أنّ قطاع الكهرباء والمياه يعد من القطاعات الرائدة، ويأتي في المرتبة الثانية كنسبة تعمين تمّ تحقيقها بعد البنوك التي وصلت فيها النسبة إلى 91 في المئة، أما قطاع الكهرباء والمياه فقد وصلت نسبة التعمين فيه إلى 75.6 في المئة باستثناء شركات المقاولات في مجال الكهرباء والمياه. وثمّن الحضرمي التقدّم الملحوظ في التعمين، مشيرًا إلى أنّ قطاع الكهرباء والمياه من القطاعات التي لم تسجل أي حاله لترك العمل والهروب خلال 2012 وهذا يعود إلى وضوح سياسة التعمين التي رسمت في هذا المجال. وأكد الحضرمي أنّ الوزارة ستعمل على مساندة مشاريع الشباب في مجال قراءة العدادات وتوزيع الفواتير واستقطاب الشباب لمثل هذه الوظائف، وأعرب عن تأييده لفكرة إقامة شركات خاصة للفوترة.
وردا على عدد من التساؤلات حول مسؤولية التعمين المنوطة بوزارة القوى العاملة، أشار الحضرمي إلى أن متابعة التعمين ليس مقصورًا على وزارة القوى العاملة، ولابد من اللجان القطاعية أن تتعاون مع الوزارة وتتابع باستمرارية كل ما يخص التعمين في مختلف القطاعات. وأشار إلى أنه لابد من تغيير بعض الممارسات التي تدخل على شروط المناقصات بحيث تلزم الشركات الكبرى بإسناد جزء من أعمالها إلى أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ووضع ضوابط لهذه المناقصات من قبل الهيئة العامة لقطاع الكهرباء والمياه. وتابع أنّه فيما يتعلق بالحديث عن المطالبة بوجود لجنة مركزية لتنظيم سوق العمل فإنّ على جميع الجهات أن تساهم في جهود التعمين.
ومن جانبه، أكد المهندس أحمد بن سيف المزروعي عضو اللجنة القطاعية المشتركة للتعمين والرئيس التنفيذي لشركة كهرباء مجان أنّ الحل الجذري للتعمين سواء في قطاع الكهرباء والمياه أو قطاعات أخرى، هو مشروعات التوظيف الذاتي والمبادرات، مشيرا إلى أنّ غالبية العمانيين حتى لو حصلوا على أجر 1000 ريال للعمل كقارئ عدادات سيتركون العمل، لكن في حالة ممارستهم هذا العمل من خلال شركة خاصة بهم سيختلف الأمر وسينتظمون في العمل.
تجربة شبابية
وقام عدد من رواد الأعمال بعرض تجربة رائدة لمشروعهم للتمديدات وأعمال الكهرباء بالمباني والمنشآت، مشيرين إلى أن الفكرة من ناحية الجدوى تعد جيدة جدا، وعندما احتاجوا مساهمة من العمالة الوطنية وجدوا ترحيبا كبيرا من أصدقائهم ومعارفهم للعمل معهم، لكن التحدي الأساسي كان في العمالة الوافدة التي تأتي دون إلمام باللغة العربية أو الإنجليزية، وقد تحتاج أيضا إلى التدريب على العمل وهو ما يتطلب شهورا طويلة يتم فيها دفع رواتب لهذه العمالة الوافدة وهو أمر لا تستطيع أغلب المشروعات الناشئة أن تتحمله.
وتحدث سالم العبري عن تجربته في تأسيس شركة الرائدة للطاقة في قطاع الكهرباء والمياه، قائلا: نعمل على تمديد الكهرباء للمنازل. وأوضح شريكه عمر العبري أنّ هناك عدة تحديات تواجههم في تأسيس الشركة وهي كثرة الشروط التي يطلبها مجلس مراجعة قواعد التوزيع عند الرغبة في الحصول على العمالة الوافدة، ومنها شرط توفر خبرة لا تقل عن أربعة سنوات لدى الوافد العامل في وظيفة تمديد الشبكات الهوائية، وذلك لعدم وجود عمانيين يعملون في هذه الوظيفة، إضافة إلى إلزام المجلس بإخضاع العمال لدورات في السلامة وتكون هذه الدورات باللغة العربية أو الإنجليزية، وفي كل هذه الدورات التي نقدمها يواجه العامل صعوبة في النجاح فيها لعدم إلمامه باللغتين؛ كل هذه الإجراءات تأخر عملنا وفي المقابل ندفع رواتب شهرية للعمال. وأضاف أنّ عدم وجود مركز تدريبي لتأهيل العمانيين وإعطائهم الخبرات في مختلف مجالات قطاع الكهرباء والمياه من بين التحديات التي يواجهونها.
وتوجه يوسف الهوتي بسؤال إلى المهندس زاهر السليماني نائب رئيس اللجنة حول كيفية تشجيع الشباب لفتح شركاتهم الخاصة في قطاع الكهرباء والمياه. وردّ المهندس زاهر السليماني مؤكدًا أهميّة إعادة النظر في القوانين الحالية كقانون مجلس المناقصات والقانون المالي، وكذلك الضمانات البنكية التي تشكل مصاريف مالية عالية لمن أراد تأسيس مؤسسة خاصة في قطاع الكهرباء والمياه، لذا لابد من النظر في هذه القوانين وعمل التسهيلات التي تساعد الشباب في بداية تنفيذ مشاريعهم.
حاضنات للأعمال
وقال صاحب الأعمال المهندس صالح الشنفري إنّ الاستمرار في عملية التوظيف ليس الحل المثالي للاستفادة من طاقات الشباب، داعيًا إلى ضرورة العمل على تشجيع الشباب لإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة واستقطابهم في قطاع الكهرباء والمياه، وكذلك أهميّة إنشاء حاضنات للأعمال في مختلف مناطق وولايات السلطنة بإشراف مباشر، إمّا من قبل الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو من جانب الشركات الكبرى أو الهيئة العامة للكهرباء والمياه، بحيث يتلقى فيها الشباب التدريب والتأهيل كيفية إدارة شركاتهم الخاصة وتوفير الدعم المادي حتى يتسنى لهم البدء في مشاريعهم.
وعقب الهوتي قائلا إنّ تجربة تأسيس الحاضنات التي قامت بها واحة المعرفة نموذج يحتذى به؛ حيث عملت على تأسيس مؤسسات صغيرة استطاعت أن تتنافس في الحصول على المناقصات، ومن خلال الأمسيات الرمضانية في الغرفة يتضح أنّ المشكلة في الآليات المعمول بها، وليس الأفكار، وهو ما يفرض إعادة النظر في تفعيل الآليات لاحتضان الشباب الباحثين عن عمل. وطرح الهوتي سؤالا على سعادة محمد المحروقي، قائلا إنّ التقارير الدولية والمحلية توضح أنّه لابد من توفير ما يقارب 500 ألف فرصة عن عمل للشباب خلال الخمس سنوات المقبلة، ويوجد أكثر من 105 آلاف شاب على مقاعد الدراسة الجامعية داخل وخارج السلطنة ويبحثون عن وظائف متخصصة، فكيف يمكن لقطاع الكهرباء والمياه أن يتابع التوظيف التعمين في هذا المجال؟
ورد سعادة محمد المحروقي إنّ المبادرات الفردية مهمّة، لكنّها قد لا تكفي ولابد من عمل مؤسسي وإنشاء هيئة مختصة بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة أمر مهم ويصب في صالح المؤسسات الصغيرة.
فيما أكد سعادة خليل بن عبدالله الخنجي رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان أنّ الحفاظ على التنمية سواء في السلطنة أو أي مكان آخر يتطلب أن تسير جهود التوظيف في المصانع والشركات بالتوازي مع المبادرات الفردية ورغم أهمية المبادرات الفردية فلا تكفي وحدها وعلى الشباب أن يبادر أكثر بالتوظيف في القطاع الخاص.
مشاريع مستقبليّة قادمة
من جهته، قال معالي يحيى بن سعيد بن عبدالله الجابري رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إنّ تأسيس شركات صغيرة ومتوسطة لقراءة العدادات وتوزيعها بحيث تعطى كل شركة تؤسس من قبل الشباب منطقة معينة لقراءة العدادات بشكل مستمر، سيساعد على استقطاب الشباب للانخراط في هذا المجال، خصوصًا في ظل عدم تقبل البعض للعمل في مثل هذه الوظائف.
وأكّد الجابري أنّ توزيع قراءة العدادات كل في منطقتة سيسهل عملية التحكم ومعرفة إجمالي القراءات التي ترصد في كل شهر. وعن التعمين وواقع التوظيف في منطقة الدقم الاقتصادية، قال معاليه إنّ المنطقة تأسست منذ قرابة عام ونصف العام، وجاء إنشاء المنطقة من أجل رفع كفاءة المنطقة ومواكبتها للتنمية في مختلف محافظات ومناطق السلطنة، مشيرًا إلى أنّه بالنظر إلى المشاريع التي أقيمت يلاحظ أنها مشاريع بنى أساسية باستثناء الحوض الجاف والذي تبلغ نسبة التعمين فيه ما نسبته 25% وهنالك بعض الوظائف التي يترفع بعض المواطنين عن مزاولتها.
وأشار إلى أن الحديث عن التوظيف يعود بنا دائما إلى قضية أخلاقيات العمل، فالشباب ما زال يترفع عن بعض الأعمال، لكن بشكل عام، وحتى عام 2020 نتوقع أن تجذب منطقة الدقم نحو 67 ألف نسمة بين ساكن وعامل ومستثمر، لكن إحدى التحديات الأساسية تتمثل في قلة عدد سكان المنطقة، وكذلك عدد المتعلمين وارتفاع نسب التسرّب من التعليم، موضحا أنّ مشروع المنطقة الخاصة بالدقم يهدف بشكل أساسي إلى تنمية المنطقة ورفع كفاءتها. وقال إنّ أحد المقترحات لتحقيق الهدف هو إنشاء معهد تدريب لتأهيل المواطنين للعمل بالمشروعات القائمة والجاري تنفيذها، وأيضا مشروعات المستقبل، كاشفا عن أنّه سيتم إنشاء المعهد بالتعاون مع وزارة القوى العاملة.