مسقط- الرؤية
يعد الشواء من الوجبات الأساسية التي يحرص الشباب على إعدادها وتحضيرها بجانب وجبات رئيسة أخرى، يتميز بها المطبخ العماني، ومنها العرسية والهريس والمشاكيك.
ويقول ناصر الإسماعيلي إنّ تحضير الشواء عمل جماعي لا يقتصر تنفيذه على شخص واحد، وإنما يجتمع فيه الأهل والجيران؛ حيث يبدأ العمل الجماعي من خلال اجتماع الأهل بيوم ذبح الأضحيّة وتقطيعها، وتوزيع اللحم ورصد الكميّة المطلوبة ومن ثم غسله جيدًا بالماء، وتأتي هنا المرحلة الأهم وهي إضافة البهارات والمذاقات المختلفة على حسب ما تفضله العائلة، حيث البعض يضيف إليه الزبادي والبعض الآخر يفضل إضافة الخل وهناك من يفضل الإكثار من الفلفل ليمنح الطعام واللحم مذاقا مختلفا، ومن بعدها يلف اللحم بأوراق من شجرة البيذام والموز وذلك بعد غسله وشطفه جيدًا بالماء، ومن ثمّ يلف عليه بقطع من الألمنيوم لتحافظ على نظافة اللحم وكذلك لتساعد على شوائه جيدًا، ومنعه من الاحتراق، بعد ذلك يؤخذ اللحم من بعد تجميعه وتغليفه بأوراق الشجر والألمنيوم ويدخل في كيس من السعف يسمى بالمحلية ( جونية) ويحكم جيدًا بإقفاله حتى لا يتسبب الجمر في حرق قطعة السعف والوصول إلى اللحم بسهولة والذي سيؤدي إلى تفحم اللحم واحتراقه.
أمّا عن طقوس الشواء يضيف ناصر
وأن الأسرة والجيران يتجمعون حول مكان الشواء وهي عبارة عن حفرة دائرية يصل طولها إلى أكثر من مترين تشعل فيها النار على حطب يكون في العادة من شجر السمر والذي يعرف بأنه سريع الاشتعال وينتج عنه جمر يطول اشتعاله إلى فترة طويلة ويعتبر الأنسب للشواء، ومن بعد اجتماع الكل بموقع الشواء يتم التأكد بأنّ الحطب تحول إلى كتل من الجمر يرمى كل أحد منهم جونيته الخاصة به ومن بعدها يتم إغلاق فتحة الحفرة جيدًا بقطعة نحاسية أو حديدة تغطي الفتحة بأكملها والتأكد من عدم دخول هواء إلى حفرة الشواء ويتم تأكيد ذلك بتوزيع التراب على أطراف القطعة النحاسية، ويعرف كل مكان يتسرب منه الهواء من خلال خروج الدخان من فتحات ضيقة بين التراب، يعود فيها من جديد بوضع التراب عليه لللتاكد من أن الهواء لا يدخل إلى الحفرة وكذلك الدخان لا يطلع منها، ويرجع بعدها النّاس إلى بيوتهم للاغتسال والاستحمام من عناء يوم تحضيري شاق للشواء.
ويتابع: في العادة يُترك اللحم بحفرة الشواء لمدة يومين حيث يعود من بعدها الناس للاجتماع من جديد لإخراج الشواء أو التنور مثلما يسمى في بقيّة الولايات، ويبدأ من جديد النّاس بإزالة التراب عن الغطاء النحاسي ليسهل عليهم رفعه وفتحه لإخراج الشواء من الحفرة، وبالعادة ينزل شخص أو شخصين إلى إسفل الحفرة ومعهم حبل لربط كل (جونية) بمفردها ليقوم من بأعلى الحفرة بسحبها، وتتم هذه العملية إلى أن يتم استخراج جميع (الجواني) من الحفرة.
وللطمانينة على أنّ الشواء أصبح جاهز للأكل وأنّ العملية تمت بنجاح يبادر أحدهم بفتح اللحم ويتذوق منه، حيث يدرك الجميع بأنّ نجاح أحدهم يعتبر نجاحًا لجميع اللحوم التي تمت خلال عملية الشواء، وفي بعض الولايات يتم زف الشواء إلى البيت عن طريق رقص وغناء الأطفال، يأكل بالعادة الشواء مع الأرز الأبيض وتضاف إليه نكهات متنوّعة ليضيف مذاقا آخر للوجبة باجتماع الأسرة.
ويقول ناصر المعولي: الشواء من ألذ الوجبات بالنسبة إليّ وأعتبر يوم الشواء من أحلى أيام العيد والذي يصادف عادة رابع الأيام، حيث اعتادت مظاهر العيد لدينا بأن يكون اليوم الأول يوم الزيارات وتبادل التهاني بين الأقارب والأهل والجيران، واليوم الثاني هو يوم الذبائح، حيث يتم فيه ذبح الأغنام أو الأبقار ويعتمد ذلك على حسب حجم العائلة وما تحتاج إليه من لحوم يغطي احتياجات الأسرة والضيوف، كما أننا لا ننسى توزيع جزء منه للفقراء والمحتاجين لنشاركهم فرحة العيد السعيد، أمّا اليوم الثالث فيكون للمشاكيك، حيث يتم فيه تقطيع اللحم إلى قطع صغيره أقرب إلى أن تكون مربعات وبعدها يتم غسله جيدًا، ويضاف إليه البهارات والمكونات الأساسية كالثوم والفلفل الأحمر والأسود والقرفة والكركم ويتم بعدها تركيبها بأعواد حديد أو أعواد من سعف النخيل والذي يضيف بالعادة طعما أحلى وألذ، واليوم الأخير هو يوم توديع العيد وتناول وجبة الشواء مع الأرز الأبيض ويضاف إليه السمن العماني.
أمّا حسن اللواتيا فقال: لم نتعود على إقامة وجبات الشواء بعيد الفطر وإنّما بعيد الأضحى، حيث تعودنا على تناول وجبة الشواء من خلال الدعوات والعزائم التي تقدم لنا خلال العيد، ويضيف ضاحكا: لعلنا لا نستطيع هذا العيد تغطية كل العزائم بحكم أن الإجازة لن تسعفنا أو تمكننا من زيارة الأهل في المناطق البعيدة، واعتقد أنّ الشواء بهذا العيد سيحرم منه الكثير لاستعداد أغلب العوائل للذهاب إلى صلالة وقضاء الإجازة فيها، وأضيف بهذه المناسبة أنّه لابد من استغلال مهرجان خريف صلالة لتعريف السواح الخليجيين بطرق وتفاصيل تحضير الشواء العماني، ودلالته وارتباطه بالإنسان العماني القديم، والذي يعتبر من العادات الأساسيّة للوجبات العمانية التقليدية والمتعارف عليها من قديم الزمن.
أمّا عبدالله الكيومي فقد قال: الشواء من الوجبات العمانية الأصيلة حالها حال الحلوى العمانية وكذلك الهريس والعرسية، ولكن ما يميز الشواء أن تحضيره يجمع الأهل والأصحاب ويكون فرصة لتجديد الأواصر، بالإضافة إلى اجتماع الأطفال والذي يزرع فيهم الأصالة العمانية ليحافظوا على هذه العادة ويتوارثوها عن آبائهم والذين هم كذلك ورثوها عن أجدادهم، حيث تتميز السلطنة عن بقيّة دول الخليج الأخرى بأنّها تفضل عادة نحر الذبائح خلال عيد الفطر المبارك على خلاف الشعوب الخليجية الأخرى التي يكون الذبح فيها فقط خلال عيد الأضحى المبارك فقط، فقد حافظ العمانيون عليها كموروث من السابق ونلاحظ بأنّ شباب الجيل الحالي أصبح مدركا لأهميّة هذه العادة وأصبحوا يتسابقون فيها لتحضير وجبات العيد، والتي تعتبر من الوجبات التي تخص الرجل أكثر من المرأة لما فيها من عناء ومشقة، حتى أنها أصبحت دلالة أو رمزا على الهويّة العمانيّة، وتعتبر ضيافة يحتفل بها العماني مع أفراد عائلته وضيوفه، وهذه دلالة أخرى على الكرم الذي يتحلّى به الشعب العماني وبأنّه مضياف لأبناء بلده والقاطنين كذلك على أرض السلطنة.
ويتابع: خلال العيد الفطر أقدم الدعوات إلى أصدقائي وزملائي من غير العمانيين ليتناولوا معي بالبيت اللحم المقلي والمشاكيك وكذلك الشواء والتي اعتبرها رسالة (ضيافية) وكذلك تعريفية بما لدى السلطنة من موروث غذائي قلّما نجده في بقيّة دول الخليج، ونثمن وجباتنا المحلية وبالتحديد وجبات العيد مثل الشواء والمشاكيك فهي من الوجبات الصحيّة التي تخلو من الزيوت المضرة بالجسم والتي تسبب ارتفاع ضغط الدم وكذلك انسداد الشرايين، ومن المتعارف عليه أنّ الأطباء دائما ينصحون بمثل هذه الوجبات النقيّة والتي تكون ذات قيمة غذائيّة عالية.