أنصار "الإخوان" يحرقون مقار حكومية ومنشآت شرطية
"الإخوان" تزعم مقتل 4500 شخص في عموم البلاد
حرق كنائس مسيحية وإضرام النيران في ممتلكات للأقباط
مقتل 4 جنود برصاص مسلحين بشمال سيناء
القاهرة- عواصم- الوكالات
شدد مجلس الوزراء المصري أمس على تصميم الحكومة على مواجهة ما سمتها بـ "الأعمال الإرهابية والعمليات التخريبية التي تقوم بها عناصر من تنظيم الإخوان"، بعد وقوع هجمات على عدد من أقسام الشرطة والمباني الحكومية في القاهرة والمحافظات في أعقاب استخدام القوة في فض اعتصامين للإخوان المسلمين في القاهرة.
وقال المجلس في بيان إنّ "محاولات الاعتداء على المواطنين والمنشآت العامة... تدور في إطار مخطط إجرامي يهدف بوضوح إلى تقويض أركان الدولة المصرية". وأضاف "أنّ الحكومة تسعى لعملية سياسية شاملة تتسع لكافة القوى والأفراد الذين لم يتورطوا في أعمال العنف ولم تتلوث أياديهم بدماء الشعب".
وأعلنت وزارة الداخلية أنها أصدرت أوامر لكل أفراد الشرطة باستخدام الذخيرة الحية في مواجهة أي اعتداء على المنشآت أو القوات بعد "استهداف تنظيم الإخوان المسلمين لبعض المنشآت الحكومية والشرطية" في البلاد. وصدر البيان بعد ساعات من إضرام متظاهرين النار في مبنى حكومي في ضاحية بالقاهرة بعد يوم من مقتل المئات حين تدخلت قوات الأمن لفض اعتصامين لمؤيدين للرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي.
إلى ذلك، قال جهاد الحداد المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر إنّ الجماعة وحلفاءها تلقوا ضربة قوية من حملة أجهزة الأمن ضدهم وإنّهم فقدوا قدرتهم على التنسيق المركزي وإنّ العنف معناه أنّ الغضب "خرج عن نطاق السيطرة" الآن. وأضاف الحداد أن اثنين من قيادات الجماعة أصيبا بالرصاص حين اقتحمت الشرطة اعتصامين لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي بالقاهرة، الأمر الذي أدى لمقتل مئات الأشخاص. وقال إن إراقة الدماء زادت صعوبة الأمر على جماعة الإخوان المسلمين في إقناع أعضائها بالالتزام بالمقاومة السلمية للحكومة التي شكلت بعدما عزل الجيش مرسي في الثالث من يوليو عقب احتجاجات واسعة ضده. وتابع "بعد ما نتعرض له من ضربات واعتقالات وقتل صارت الانفعالات أقوى من أن يوجهها أحد". وقال الحداد الذي تحدث إلى رويترز عبر سكايب إنّ تحركاته محدودة بسبب نقاط التفتيش الأمنية. ولم يستطع تحديد أماكن قيادات الجماعة. وأضاف "لا يمكننا حتى الآن تأكيد أماكنهم جميعا. أصيب اثنان من كبار القادة بالرصاص لكنهما على حد علمي ما زالا على قيد الحياة. فقد نحو ستة منهم أبناءهم وبناتهم ... إنها ضربة مؤذية .. ضربة قوية جدا". وتابع "لم يعد الأمر يتعلق بمرسي. هل سنقبل بطاغية عسكري جديد في مصر؟". وقال الحداد إن عدد القتلى يصل إلى ثمانية أو تسعة أمثال العدد الرسمي البالغ نحو 500 قتيل، وهو ما يعني بلوغ الحصيلة إلى 4500 شخص.
ودعت الجماعة أنصارها إلى مسيرة احتجاجية في القاهرة أمس. وتعرضت القاهرة ومدن أخرى لأعمال عنف صادمة يوم الأربعاء، ولكنّها اتسمت بالهدوء بدرجة كبيرة ليل الأربعاء بعد أن أعلنت الحكومة المدعومة من الجيش حالة الطوارئ لمدة شهر وفرضت حظر تجوال من غروب الشمس وحتى الساعات الأولى من الصباح في العاصمة و13 محافظة أخرى. ولم يتضح بعد ما إذا كان الجيش سيتمكن من كبح جماح غضب أنصار الرئيس المعزول.
واشتبك إسلاميون من أنصار مرسي مع قوات الشرطة والجيش التي استخدمت الجرافات والقنابل المسيلة للدموع والذخيرة الحية يوم الأربعاء لفض اعتصامين في القاهرة والجيزة تحولا إلى بؤرتين للمواجهة بين الإخوان والجيش.
وهذه ثالث واقعة قتل لمتظاهرين إسلاميين منذ عزل مرسي قبل ستة أسابيع، لكن نطاق إراقة الدماء يوم الأربعاء فاجأ كثيرين وأشار إلى أن الجيش عازم على إحكام قبضته على البلاد. وجاء قرار فض اعتصامي الإخوان بمثابة تحد لمناشدات الغرب بضبط النفس والتفاوض على تسوية للأزمة السياسية في مصر وجاءت إدانات من عدة دول وليس كلها.
وفي موقع اعتصام مسجد رابعة العدوية بالقاهرة، قام جامعو القمامة بتنظيف المكان من بقايا الخيام المحترقة. وفكك الجنود المنصة المقامة في قلب مكان الاعتصام. وكان هناك مدرعة محترقة متوقفة في شارع قريب.
وتقول جماعة الإخوان المسلمين إنّ أعداد القتلى أعلى بكثير من البيانات الرسمية وقال متحدث باسمها إنّ نحو ثلاثة آلاف شخص قتلوا في "المذبحة". ومن المستحيل التحقق من البيانات بشكل مستقل نظرًا لاتساع نطاق العنف. ويمنح إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال للجيش سلطات الاعتقال والاحتجاز لأجل غير مسمى التي احتفظ بها على مدى عقود في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية عام 2011.
ويؤكد الجيش إنّه لا يسعى للسلطة وأنّه تحرك الشهر الماضي لعزل مرسي استجابة للإرادة الشعبية واحتجاجات حاشدة لكن الأزمة السياسية التي مزقت المصريين بين موال ومعارض لمرسي طغت على جهود استعادة الديمقراطية.
وتحدث رئيس الوزراء حازم الببلاوي في كلمة بثها التلفزيون قائلا "لم يكن قرارا سهلا" موضحا أنّ السلطات لم يكن أمامها خيار آخر. وأضاف الببلاوي إنّ الأمور "وصلت إلى درجة لا يمكن لدولة تحترم نفسها أن تقبلها." وامتدت أعمال العنف إلى خارج القاهرة فاشتبك انصار مرسي وقوات الأمن في الإسكندرية وألمنيا وأسيوط والفيوم والسويس والبحيرة وبني يوسف. وقالت قوات الأمن ووسائل الإعلام إنّ الإسلاميين شنّوا هجمات انتقامية على أهداف مسيحية في عدة مناطق وأضرموا النيران في كنائس ومنازل وشركات يملكها أقباط بعد أن أعطى البابا تواضروس مباركته لعزل مرسي. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية إن الكنائس هوجمت في المنيا وسوهاج وأسيوط حيث فر المسيحيون عن طريق الاسطح إلى المبنى المجاور بعد أن أحاطت حشود بالكنيسة ورشقتها بالحجارة. وقال وزير الداخلية محمد إبراهيم في مؤتمر صحفي إنّ 43 شرطيًا قتلوا في الاشتباكات. وأكد مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية لوكالة أنباء الشرق الأوسط مقتل ثلاثة من رجال الشرطة في الساعات الأولى من صباح أمس الخميس، أثناء دفاعهم عن قسم شرطة حلوان. وقالت الوكالة إنّ مئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين قاموا في الساعات الأولى من الصباح بالتجمع أمام قسم شرطة حلوان في محاولة لاقتحامه وهو ما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن. وبالبيانات الرسمية عن أعداد قتلى الأربعاء يتجاوز عدد القتلى منذ عزل مرسي 800 قتيل أغلبهم من أنصار الرئيس المعزول. وأدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة العنف وطالبوا برفع حالة الطوارئ وإلى حل سياسي شامل للأزمة. ووصف جون كيري وزير الخارجية الأمريكي إراقة الدماء في مصر بأنّها "مؤسفة" وهي كلمة نادرا ما يستخدمها الدبلوماسيون الأمريكيون وحث جميع الأطراف على السعي لحل سياسي.
إلى ذلك، أعلنت السلطات أنّها ستقلل عدد ساعات حظر التجول الذي فرض بالقاهرة و13 مدينة أخرى عقب العنف السياسي الذي قتل فيه أكثر من 500 شخص. وقال مجلس الوزراء في بيان إنّ الحظر سيبدأ في التاسعة مساء (1900 بتوقيت جرينتش) بدلا من السابعة مساء وحتى الساعة السادسة صباحا.
في الأثناء، أكدت مصادر طبية وأمنية مقتل أربعة جنود مصريين على الأقل برصاص مسلحين مجهولين قرب مدينة العريش في شمال سيناء أمس الخميس. وأصيب خمسة جنود آخرين في حادث منفصل عندما فتح مسلحون النار على خيمة للجيش.