تتزايد أهمية التحكيم التجاري في عالم اليوم جراء التداخل الكبير للتعاملات الاقتصادية بين الدول، وفي ظل التأثير المتنامي للعولمة على حركة التجارة، وتبعات ذلك على الاقتصاد، مما يحتم على الدول التعامل مع هذا الواقع وعدم إغفاله لما له من تأثيرات مباشرة على البنية الاستثمارية وتهيئة المناخات الصحية والشفافة للازدهار الاقتصادي.
ويكتسب المؤتمر السنوي الثامن عشر "التحكيم في منازعات أسواق المال بدول مجلس التعاون الخليجي" الذي انطلقت فعالياته في صلالة أمس، أهمية كبيرة لأنه معني في دورته الثامنة بالبحث في توفير بيئة استثمارية شفافة ومستقرة تساعد على الوصول إلى تكامل الأسواق المالية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتسهم في توحيد السياسات والأنظمة المتعلقة بها.
ومما يضفي المزيد من الأهمية على المؤتمر، أنه دورته الحالية تأتي في وقت تحرز فيه الاقتصاديات الخليجية تقدماً مضطرداً، وتكرس فيه جهوداً كبيرة وتوجه اهتماماً خاصاً لجذب استثمارات القطاع الخاص المحلي والإقليمي الدولي. الأمر الذي يزيد الحاجة إلى ابتكار صيغ ملائمة تساعد في تهيئة بيئة استثمارية شفافة ومستقرة تساعد على بلوغ هدف تكامل الأسواق المالية في دول المجلس وتوحيد السياسات والأنظمة والتشريعات المتعلقة بها بما يخدم النمو الاقتصادي لهذه الدول.
فأهمية أنظمة التحكيم تنبع من اتصافها بالثبات، ووضوح دورها في الارتقاء بكفاءة أسواق المال وحماية المستثمرين من خلال تبنيها لآليات واضحة وحاسمة وعادلة تسهم في فض النزاعات التجارية وبالتالي تحاشي التقاضي، حيث إنّه قد يترتب على تأخر الحكم والبت في المنازعات التجارية، إعاقة تدفق الاستثمارات، والإضرار بالمستثمرين وتعطيل مصالحهم بسبب طول مدة هذه المنازعات بالطرق التقليدية، وقد ينتج عن هذا بيئة غير مواتية للجذب الاستثماري مما قد ينعكس سلبًا على الاقتصاد.
وتتعاظم التطلعات خلال الفترة المقبلة، لأن يتم إرساء قواعد التحكيم بمركز التحكيم الخليجي، في مختلف النزاعات التجارية، بما ينعكس على البيئة الاقتصادية شفافية وجاذبية استثمارية.