إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مصر.. "مقبرة" لطموحات الإسلاميين في السلطة وانهيار "مذهل" لحلم "دولة الإخوان"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مصر.. "مقبرة" لطموحات الإسلاميين في السلطة وانهيار "مذهل" لحلم "دولة الإخوان"


    -محللون يلقون باللوم على "الغباء" السياسي والرغبة في الاستحواذ وإقصاء معارضيهم
    خبراء: الانتحار السياسي لـ"الإخوان" أفرز انتكاسة إقليمية للتنظيم-
    بيروت- رويترز
    باتت مصر توصف بأنّها "مقبرة" للربيع العربي ولآمال الإسلاميين في تشكيل مستقبل المنطقة، في ضوء الحملة الصارمة التي يشنها الجيش على الإخوان المسلمين في شوارع القاهرة، بعد أن تدخل لعزل الرئيس محمد مرسي في أعقاب احتجاجات حاشدة ضد حكمه.
    وكانت الأحداث المأساوية التي وقعت هذا الأسبوع بمثابة زلزال في مصر المركز السياسي والقلب الثقافي للعالم العربي. ولن يكون لاستيلاء الجيش على السلطة تأثير متشابه في المنطقة إذ إنه في الوقت الذي تخوض فيه دول مثل مصر معركة حول الهوية فإنّ دولاً أخرى من سوريا إلى اليمن ومن ليبيا إلى العراق تخوض صراعاً من أجل البقاء. وكان الفصل المصري من فصول الصحوة العربية بدءًا بانتفاضة أنهت حكم الرئيس حسني مبارك الذي دام 30 عاماً واستمر حتى الانهيار المذهل للإخوان الذين حلوا محله في الحكم. ورغم الحظر المتقطع الذي تعرضت له جماعة الإخوان منذ تأسيسها قبل نحو 80 عاماً فقد استطاعت الفوز في الانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل أن تنتقل إلى التدمير الذاتي في عام واحد. ويقول محللون إنّ الرئيس المعزول محمد مرسي تجاهل جميع الفئات باستثناء أنصاره المتشددين وذلك من خلال تكريس كل طاقته للسيطرة على مؤسسات الدولة المصرية بدلاً من تطبيق سياسات لإنعاش اقتصاده المتداعي ومعالجة الانقسامات السياسية.
    وقال جمال عرفاوي المحلل المتخصص في شؤون تونس مهد انتفاضات الربيع العربي "أذهلني السقوط السريع للإسلاميين". وأضاف "كنت أتوقع أن يستمر الإخوان طويلاً في السلطة وأن يستفيدوا من تجربة الإسلاميين في تركيا"؛ حيث فاز حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية في ثلاثة انتخابات متتالية. وأصبح الإخوان لديهم الآن ما يدعوهم للخوف من أن تصبح جماعة منبوذة مرة أخرى لعقود من الزمان بعد أن فرض الجيش حالة الطوارئ الأسبوع الماضي. وكانت آخر مرة فرضت فيها حالة الطوارئ بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 وظلت سارية لأكثر من 30 عامًا. وبرهن مرسي ومؤيدوه في جماعة الإخوان المسلمين خلال توليهم السلطة على عجزهم عن التعاون مع حلفائهم الإسلاميين الآخرين أو معارضيهم الليبراليين وأقصوا الجيش الذي حاولوا في بداية الأمر تحييده لصالحهم. وازداد الانقسام في البلاد في ظل الإخوان أكثر من أي وقت مضى منذ أن أصبحت جمهورية عام 1953. ويقول جورج جوف وهو خبير في شؤون شمال أفريقيا في جامعة كمبردج "ليس لديهم فهم على الاطلاق لأسلوب العمل السياسي (في النظام) الديمقراطي". وتابع "من الصعب تخيل كيف يمكن لأحد جاءته فرصة اعتلاء السلطة أن يتصرف بمثل هذا الغباء الذي تصرفوا به. وهذا ينم عن عجز مذهل". وعززت انتفاضات 2011 مكانة جماعات إسلامية مماثلة لجماعة الإخوان أو خرجت من عباءتها في العالم العربي، ويقول معظم المراقبين إن الأحداث في مصر ليست انتكاسة محلية فحسب بل هي انتكاسة إقليمية لجماعة الإخوان. وقال الأستاذ الجامعي فواز جرجس إنّ "الإخوان انتحروا سياسياً. وسيكون أمامهم عشرات السنين للتعافي مرة أخرى نتيجة أن عددا كبيرا من المصريين بات لا يثق بهم". وأوضح أن الإخوان أصبحوا رمزًا سيئاً في مصر والمنطقة. وأضاف أن الأضرار التي لحقت بهم تتخطى حدود مصر لتصل إلى الفروع في تونس والأردن وغزة؛ حيث إنّ حركة حماس التي تحكم قطاع غزة خرجت من رحم الإخوان المسلمين. وأسعدت الانتكاسة التي لحقت بالإخوان زعماء مثل الملك عبد الله عاهل المملكة العربية السعودية الذي كان يشعر بالقلق من الإخوان، وكذلك الرئيس السوري بشار الأسد الذي رحّب بتدخل الجيش المصري لعزل مرسي الشهر الماضي باعتبار ذلك مبررًا لحملته الدموية ضد الإسلاميين. ويقول البعض إنّ الأحداث التي شهدتها مصر تمثل انتكاسة للديمقراطية في العالم العربي. وقال جرجس إنّ ما حدث في مصر "نزع شرعية الصندوق الانتخابي وأضفى في أعين العرب شرعية على الجيش باعتباره المؤسسة الوحيدة التي يمكن الاستعانة بها لحمايتنا من التفكك أو من الإسلاميين الذين خطفوا الدولة". وقال طارق عثمان مؤلف كتاب "مصر على شفير الهاوية" إن مصر تمثل صراعًا يدور حول ما إذا كانت هذه الدول ستحكم طبقاً لتقاليد الوطنية العلمانية أو أن تتعرض هوياتها الثرية العريقة للضغط تحت قيود الإخوان المسلمين. ويقول إنه "في إطار المرجعية الإسلامية في مقابل الهويات القومية القديمة والمترسخة والثرية، فإنّ صراع الهويات هذا هو السبب الرئيسي للعداوة التي تكنها قطاعات واسعة من المجتمع للإسلاميين". وقد يكون الصراع حول هوية الدولة في دول مثل مصر وتونس؛ حيث تكون التركيبة السياسية قوية نسبياً ولكن في ليبيا واليمن اللذين تمزقهما الخصومات القبلية ويفتقران لوجود مؤسسات فعّالة على نحو ملائم فإنّ الصراع يكون حول بقاء الدولة. ويقول جوف "الإخوان في ليبيا لا يكادون يمثلون جزءًا من المشهد.. الخطر يتمثل في وجود حالة من الفوضى وعدم وجود حكومة مركزية وعدم وجود سلطة إقليمية من أي نوع". وملأت الميليشيات المسلحة في ليبيا الفراغ الذي خلفته الإطاحة بمعمر القذافي. وفي اليمن سيطر المتشددون الإسلاميون على قطاعات من الأراضي اليمنية في الوقت الذي يمزق فيه التنافس الطائفي والقبلي والإقليمي الدولة التي يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة. وفي سوريا تحولت انتفاضة شعبية على حكم عائلة الأسد المستمر منذ 40 عاماً إلى حرب أهلية حصدت أرواح 100 ألف شخص وقدمت فرصة جديدة لتنظيم القاعدة وساحة حرب بالوكالة للخصمين الإقليميين السعودية وإيران. وفي العراق بدأ السم يسري من جديد في الصراع بين الأقلية السنية والأغلبية الشيعية. ويقول محللون إنه بات واضحاً أن مستقبل دول شرق البحر المتوسط مثل العراق وسوريا ولبنان في خطر، فهذه الدول شكلتها بريطانيا وفرنسا من الأقاليم العربية التي كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، لكن المصالح الاستعمارية لبريطانيا وفرنسا كان لها الأولوية على الصراع الطائفي والعرقي في الدول الجديدة آنذاك. وظلت هذه الصدوع ساكنة منذ ذلك الحين بسبب الجمود العميق للوضع الأمني العربي. وأدت الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 والتحدي المسلح للأسد إلى بزوغ نجم الإسلاميين وجعل من هذه الدول خط المواجهة للصراع الطائفي بين الشيعة والسنة. وقال عثمان "الطائفية أصبح لها السيطرة. الحرب العراقية وتبعاتها قسمت البلاد بشكل فعال إلى خطوط طائفية ثم جاءت الحرب الأهلية السورية بما لها من توابع في لبنان الذي يعاني بالفعل من الطائفية ما يخلق أسبابا مختلفة لصراعات أوسع نطاقا". وتابع "هذه الدول القومية سقطت (في العراق وسوريا) وتواجه تهديدات خطيرة (في لبنان) هذه الحقائق تتداعى ومجتمعات المنطقة تواجه هذه الشياطين". وسارع مقاتلو القاعدة لاستغلال التوتر الطائفي في العراق وفراغ السلطة في اليمن والحرب الأهلية في سوريا. ولم يلعبوا حتى الآن دورًا بارزًا في مصر رغم أن وزارة الخارجية المصرية وزعت صورًا تظهر من بين أشياء أخرى أعضاء من الإخوان وهم يحملون هراوات وأسلحة نارية وعلم القاعدة وذلك في إطار سعي الوزارة لنشر رؤية الدولة للأحداث في مصر. وينفي الإخوان أي صلة لهم بالقاعدة. وفي النظام العربي الجديد يجد زعماء المنطقة وقادتها العسكريون أن شعوبهم لم تعد تتراجع أمام القمع العنيف. وأدت محاولات استخدام القوة لإخماد اضطرابات مدنية إلى الإطاحة بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وكذلك الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بالإضافة إلى إثارة انتفاضة ضد الأسد. ورغم أن الإخوان المسلمين هم الخاسر الأكبر في الأسابيع الأخيرة، فإنّ منطقة الحرب في القاهرة تعد مثالاً حياً لعدم الخوف حيث يتدفق الإسلاميون الشبان إلى الشوارع غير عابئين بالمدرعات وقناصة الجيش المصري القوي وقوات الأمن. وأكثر من ثلثي السكان في مصر وتونس وسوريا وأجزاء أخرى من المنطقة تحت سن الثلاثين وهو ما يجب أن يجعل قادة الجيش وأفراد أجهزة الأمن والسياسيين سواء كانوا إسلاميين أو علمانيين يتريثون في التعامل معهم. ويقول طارق عثمان "لا يحتشد هؤلاء الشبان فحسب من أجل مطالب اقتصادية فورية بل إنهم أول جيل عربي ينضج ولديه حالة من الإشباع والتعبير الفوري عن آرائه". وأضاف "انفتاحهم على الإنترنت والقنوات الفضائية والاتصال المباشر يجعلهم يعبرون عن رأيهم بسرعة ويتبادلون مشاعر الإحباط مباشرة، يشيدون ويدمرون رؤية الأحداث بسرعة لا تصدق، وبالتأكيد ليسوا على استعداد للانتظار والصبر حتى يتعلّم قادة عديمو الخبرة من البقاء في مناصبهم".
يعمل...
X