محمد آل عبدالسلام.. بائع الخضار الذي تفوق على أقرانه وبلغ منصب مندوب المبيعات
قد تبدو قصة محمد آل عبد السلام أقرب إلى حكايات الدراما العربية أو أحد تلك الأعمال السينمائية التي تبرز قصص النجاح لبث روح التفاؤل وشحذ الهمم في النفوس المتراخية.. لكنها حدثت بالفعل وتتكرر في بقاع كثيرة من هذه الأرض الطيب أهلها..
هو محمد خصيب آل عبد السلام الشاب الذي يملؤه الطموح، وترتسم على وجهه ملامح الجد والإخلاص في العمل، نشأ في أسرة متوسطة الحال، وهو الأخ الأكبر لتسعة أشقاء بينهم فتاة واحدة، ويبلغ من العمر 30 ربيعًا، حالت الظروف الأسرية دون مواصلة تعليمه الجامعي، لكنها لم تقتل الإصرار في نفسه الشغوفة بالعمل، بل ساهمت في أن تكون حافزاً لدفعه نحو مزيد من الاجتهاد والتميز.
يقول محمد إنه يعمل منذ نعومة أظافره في بيع الخضار بالسوق المركزي بجوار سوق السمك في ولاية السيب، واضعًا نصب عينيه مساعدة والده وإخوته التسعة.. ويضيف أن والده كان داعما رئيسيا له لتعلم الاعتماد على النفس والتمكن من مساعدة إخوته، والذين نجح محمد بالفعل في الإنفاق عليهم، وتمكينهم من الانتهاء من التعليم المناسب، ليس هذا فحسب، بل إن منهم من بدأ في العمل وتقلد الوظيفة.
لم تكن نسبة الـ62% بالثانوية العامة مصدر إحباط لمحمد أو استسلام للقدر، بل إنها كانت الداعم للعمل والتميز، فعمل في وظيفة سائق بشركة خاصة تعمل أيضا في مجال الخضار والفواكه، براتب 150 ريالاً، وعمل بها لفترة 4 سنوات. بعدها توجه للعمل في شركة أخرى، في وظيفة سائق (نقل ثقيل) بمرتب 170 ريالا..
يقول محمد: "وقتها كنت العائل الوحيد لإخوتي، وكنت أعلم أنه مبلغ بسيط، لكن كنت احتاجه من أجل الإنفاق على الأسرة، وظللت أكافح في العمل من أجل تحسين وضعي أو أن أحصل على وظيفة براتب أفضل، بعدها تم تعيني مسؤول مخازن بالشركة، ثم مندوب تسويق". ويوضح محمد أن راتبه زاد تدريجياً حتى وصل إلى 450 ريالا، في نفس الشركة التي ظل يعمل بها طيلة 6 سنوات من العمل المتفاني. ويشير محمد إلى أنه دائما في حالة صراع مع النفس لتوجيهها نحو تجويد العمل والاستفادة من الخبرات المختلفة بهدف تحسين أوضاعه الوظيفية والمادية.
ويؤكد محمد أنه عقب الدوام وفي الفترات المسائية لا يخلد للراحة، حيث يعمل سائقاً لسيارة أجرة (تاكسي) من أجل تحسين دخله المادي، والإيفاء بمتطلبات أسرته اليومية، والتي تتطلب احتياجات في الأكل والشرب وغيره.
وعلى الرغم من ظروف العمل هذه التي تبدو قاسية لاسيما في السلطنة، إلا أن محمد يبدي سعادة تملأ وجهه، بما يقوم به من عمل.. "الإنسان إذا تذوق طعم الكفاح والنجاح فإنه يكد طوال حياته دون أن يشعر بالتعب أو الملل طالما أنه يسعد آخرين"، كهذا كان قول محمد تأكيدًا لسعادته.
ويمضي يقول إنه فى أوقات كثيرة يحرم نفسه من أمور يحتاج إليها كغيره من الشباب، فقد يصل به الحال أن يمنع نفسه من أجل إخوته، والذين بدورهم- كما يؤكد محمد- يحفظون له الجميل. "كلي ثقة بأنهم سيقفون بجانبي إذا احتجت لهم.. لا أطمع في شيء منهم بقدر ما أتمنى أن يحيوا سعداء ويحصلون على فرص أفضل مما أنا عليه" يضيف محمد.
التجارة كانت ولا تزال إحدى الجينات القابعة في ذاته الطموحة، فالولع بالبيع والشراء متأصل في طبيعته الشخصية منذ أن كان يساعد والده في تجارته، وهو بذلك ينقل تجربته لأقرانه من الشباب الذين تفوق عليهم، قائلاً: "على الشباب ألا يستكين في انتظار الوظيفة.. عليه أن يبحث في كل موقع وطوال الوقت عن العمل، في أي مجال، فلا عيب أن يعمل المرء في أي مهنة تجلب له المال الحلال، لكن العيب كل العيب أن يجلس الشباب مفتور الهمة في انتظار من يمنحه فرصة عمل هنا أو وظيفة هناك".