إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصراع السياسي في مصر يعرض المسيحيين للخطر.. ومخاوف من "دفع ثمن" تأييد الجيش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصراع السياسي في مصر يعرض المسيحيين للخطر.. ومخاوف من "دفع ثمن" تأييد الجيش


    المنيا (صعيد مصر)- رويترز
    كان القس أيوب يوسف يقود سيارته متجها إلى بلدة دلجا بصعيد مصر عندما اتصل به صديق ونصحه بالعودة من حيث أتى.
    وحين وصل إلى البلدة كان نحو 20 منزلا قد احترق وتحطم دير قديم ونهبت محتوياته كما قتل أحد أبناء ابريشيته وهو حلاق يبلغ من العمر 60 عاما ويدعى اسكندر طوس. وقال القس الكاثوليكي إن المسيحيين في دلجا يعيشون الآن كالسجناء في منازلهم "لا أحد يخرج على الإطلاق.. لا لشراء طعام ولا دواء ولا أي شيء". كان الأقباط الذين يمثلون عشرة في المئة من سكان مصر البالغ عددهم 85 مليون نسمة يعيشون في سلام مع الأغلبية المسلمة منذ قرون. ينشب عنف من آن لآخر خاصة في الصعيد لكن الهجمات التي تعرضت لها كنائس وممتلكات لمسيحيين خلال الأسبوع الماضي كانت أسوأ هجمات منذ سنوات. وهوجمت نحو 20 كنيسة في محافظة المنيا؛ حيث تقع بلدة دلجا واحترق كثير منها بالكامل. وقتل العديد من المسيحيين ونهبت عشرات المحلات والمنازل والمدارس والأديرة في أنحاء شتى من البلاد. وكانت الشرارة التي فجرت هذه الهجمات هي فض اعتصامين بالقاهرة والجيزة يوم الأربعاء لمؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين كانوا يطالبون بعودة الرئيس الإسلامي محمد مرسي إلى الحكم بعد أن عزله الجيش في الثالث من يوليو تموز نتيجة لاحتجاجات حاشدة ضده. وقتلت قوات الأمن مئات المحتجين مستعينة بقناصة وعربات مدرعة مما دفع إسلاميين متشددين إلى تصور الأمر على أنّه جزء من حرب على الإسلام المسيحيون طرف فيها. وقتل 43 شرطيًا أيضا في الاشتباكات. وتنفي جماعة الإخوان أيّ صلة لها بالهجمات على المسيحيين وتتهم الجيش باستخدام الأقباط لتبرير حملة أكثر وحشية عليها. وقال أحمد عارف المتحدث باسم الجماعة في بيان قبل أيام من إلقاء القبض عليه إنّ قوات الأمن تركت الكنائس تتعرض لهجمات اتهم صبية حمقى بالمسؤولية عنها. لكن هذه التصريحات لم تقنع كثيرا من الأقباط الذين أبدى بعض رموزهم تأييدا قويًا للجيش الذي يقول إنّ حملته على "الارهاب". ويستحضر المسيحيون الآن ذكرى تمرد إسلامي في التسعينيات قتل فيه المئات كثيرون منهم في صعيد مصر حيث يعيش فيها الكثير من الأقباط وحيث يوجد معقل للحركات الإسلامية المتشددة.
    وظل الدخان يتصاعد من جميع جدران الكنيسة الإنجيلية في ملوي جنوبي مدينة المنيا بعد احتراقها نتيجة إلقاء قنابل حارقة واسطوانات غاز عليها. وانهار سقف الكنيسة وتناثرت قطع معدنية محترقة وملتوية وسط أكوام من الخشب المتفحم والحجارة. وظلت رائحة الدخان عالقة في الهواء. وكانت قوالب الطوب المكسور تتهشم تحت الأقدام. وأظهر شاب عددًا من فوارغ الطلقات أحدها من بندقية خرطوش والباقي من بنادق هجومية على ما يبدو. ويدوي صوت أعيرة نارية في البلدة حيث هاجم مسلحون مركز الشرطة ثلاث مرات منذ يوم الأربعاء وقتلوا شرطيين على الأقل. وقال ريمون الراوي وهو صحفي محلي يتابع الهجمات "أصبح الأمر أشبه بالحرب". وقال الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا إنّ الهجمات على كنائس المدينة تعود إلى عقود. ففي عام 1979 تعرض الانبا انطونيوس للضرب وفي مطلع التسعينيات قتل مسلحون مصلين مسيحيين. وأضاف "الأقباط دائمًا يدفعون الثمن.. في أيام جمال عبد الناصر.. في أيام السادات.. في أيام مبارك.. في أيام الحكم العسكري وفي أيام مرسي وما بعد مرسي". وشعر الكثير من المسيحيين بالقلق خلال فترة حكم مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها. فبعد انتفاضة 2011 التي أطاحت بمبارك ومهدت لانتخاب مرسي كثر ظهور رجال دين متشددين على شاشات التلفزيون وتهكم بعضهم من المسيحيين على الهواء. وأحيا مرسي كذلك ذكريات التسعينيات بتحالفه مع الجماعة الإسلامية التي شنت هجمات على مسيحيين وسائحين في الصعيد لكنها نبذت العنف بعد ذلك ودخلت الساحة السياسية. وأعلن البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تأييده لعزل مرسي وجلس مع شيخ الأزهر وسياسيين ليبراليين إلى جانب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي حين أعلن تدخل الجيش في الساحة السياسية. وجاء هذا التأييد رغم مقتل 25 شخصا على الأقل أثناء مسيرة لمسيحيين فرقتها قوات الجيش أيام حكم المجلس العسكري قبل انتخاب مرسي. وقال الأنبا مكاريوس إنّ المسيحيين كانوا يعانون نفس المشاكل التي عاناها مصريون آخرون مثل تداعي الاقتصاد وحرص الإخوان الواضح على الاستئثار بالسلطة مما دفع الكثير من الأقباط إلى الانضمام للمظاهرات المطالبة برحيل مرسي. وأضاف "عندما خرجنا في الاحتجاجات خرجنا كمصريين لا كأقباط. خرجنا رافعين أعلام مصر لا الصلبان."
    وبدأ العنف في المنيا حتى حين كان مصريون في أماكن أخرى يحتفلون بعزل مرسي لكنه تصاعد بشدة الأسبوع الماضي. وتعرضت كنيسة كاثوليكية قرب الكنيسة الإنجيلية المحترقة في ملوي للنهب والسرقة أيضًا. واحترقت رسوم تصور قديسين وتحطمت مقاعد خشبية وانكسر رأس تمثال للسيدة العذراء. وقال مارتن وجيه (32 عاما) الذي يعمل في استوديو للتصوير على الجهة المقابلة للكنيسة إنّه رأى أربعة ملتحين يرتدون الجلباب وهم يقودون دراجات نارية ويطلقون نيران بنادق آلية على الكنيسة ويلقون قنابل حارقة عليها قبل أن يقتحمها حشد مساء يوم الجمعة. وأضاف "لا نعرف ماذا نفعل الآن. لا نملك أي أسلحة. لو كانت لدينا أسلحة لتعاملنا مع الأمر". وتكررت مشاهد مشابهة في أنحاء المحافظة.
يعمل...
X