الرؤية- أحمد محمد
باتت المسيرة الاحترافية للأمين علي الحبسي مصدر إلهام للعديد من اللاعبين الشباب في منطقة الخليج؛ حيث تحوّل الرجل إلى أيقونة يأمل كثيرون في أن يحذوا حذوه... السطور التالية تكشف بالتحليل نقاط الضعف لدى عدد من المحترفين الخليجيين، وكيف فشلت هذه التجارب، وفي المقابل أسباب نجاح تجربة الحبسي الفريدة، وقد أثبت اللاعب قدرات استثنائية وندرة مكنته من اللعب في أقوى دوريات العالم وأعرقها "البرمييرليج".
"الرؤية" اطمأنت على حالة اللاعب عن طريق ذويه وأنه باشر التدريب الانفرادي والتأهيلي للعودة مجددًا للملاعب الإنجليزية بعد العملية الجراحية التي أجراها في يونيو الفائت والتي كللت بالنجاح. وتكمن صعوبة اللعب في مثل هذه الدوريات في حاجتها إلى مواصفات خاصة واستثنائية في اللاعب المحترف للعب فيها خصوصاً الأوروبي منها لأنها تطبق أعلى وأرقى وأدق مواصفات الاحتراف، فكل شيء عندهم بمقدار، وهنا تكمن الصعوبة لدى اللاعب الخليجي تحديدًا والذي أثبتت التجارب السابقة والتي فشلت في غالبيتها أنه وبالوضع الحالي لمنظومة كرة القدم الخليجية التي تدغدغ الاحتراف منذ أمد بعيد، بعيدة كل البعد عن الاحتراف الحقيقي لأسباب جغرافية واجتماعية تتعلق بالعادات، الأمر الذي قد يتطلب الانتظار لأجيال أو على أقل تقدير إلى سنوات وسنوات من أجل نضج اللاعب الخليجي فكريًا ونفسياً وتخليه عن الكثير من السلوكيات التي لا تتناسب مطلقًا مع الاحتراف في الدوريات الكبيرة حول العالم فضلاً عن الأوروبي منها خضوعه للأنظمة الاحترافية الصارمة من أجل الانطلاق نحو العالمية.
الأمين علي الحبسي كسر هذه القاعدة تماماً وأصبح نموذجًا فريدا من نوعه وأثبت إمكانية ذلك مع توافر العزيمة والإرادة والصبر، وسمعنا اليوم عن لاعبين تألقوا كثيرًا في منطقتنا الخليجية ولكن هذه التجارب فيما يبدوا أنها في طريقها للفشل، فتابعنا هرولة وكلاء الأعمال خلف نجوم الكرة السعودية أمثال نواف العابد وأسامة هوساوي لاعب الهلال والذي احترف لفترة وجيزة مع أندرلخت البلجيكي ولكن الأخير فضل عدم الإبقاء على اللاعب فتنازل عنه لمصلحة النادي المحلي الأهلي.
تجربتا كل من الكويتي عبد العزيز المشعان والسعودي صالح الشهري توصفان بأنهما تسيران في الطريق التي سلكها على الحبسي، فالأول يلعب في الدوري التشيكي مع نادي بريبرام ويبلي حسنًا في حين يلعب الشهري في الدوري البرتغالي مع نادي بيرمار ويقدم مستويات جميلة وقاد فريقه في أكثر من مناسبة إلى إحراج فرق كبيرة بالدوري البرتغالي.
لعل تجربة الأمين علي الحبسي لاعب ويجان الإنجليزي تشكل حالة خاصة وفريدة واستثنائية إذ لم تغلفها المجاملات أو حتى لعبة التسويق أو ما يعرف بـ"الكوبري"، إذ آثر النجم العماني أن يبدأ طريقه من الصفر فشقه من نادٍ مغمور فانطلق من نادي لين النرويجي في عام 2003 ولعب معهم حتى العام 2005 وحقق في العامين جائزة أفضل حارس في النرويج، ثم انتقل إلى نادي بولتون واندرز الإنجليزي في يناير 2006، لكنه لم يحرس مرمى بولتون سوى 18 مباراة فقط، ورفض البقاء احتياطيًا، وانتقل في 2010 لنادي ويجان أتلتيك الإنجليزي ليعوض غياب حارس ويجان كريس كيركلاند المصاب، وتألق الحبسي مع فريقه الجديد فضمن مركز الحارس الأساسي، وبلغ نهائي كأس إنجلترا وحققه مع ناديه كأعظم إنجاز للاعب خليجي، ويستعد لأنّ يكون ضمن فرق دوري أبطال أوروبا في سابقة نادرة واستثنائية للاعبي المنطقة.
ويبدو أنّ المشعان والشهري يسيران في نفس الطريق وما علينا سوى الترقب فبدايتهما هذه شبيه ببداية الأمين علي الحبسي من حيث اللعب مع أندية مغمورة ومن ثم التألق بها، الأمر الذي قد يضمن لهم مكانًا في الأندية الكبيرة والدوريات الأشهر عالميا كالبريمرليج والبوند سليجا والكاليشيو والليجا الأسبانية.
وقد سبقنا لهذا التحليل وسائل إعلام أفردت مساحات لمثل هذه القضية التي تؤرق اللاعب الخليجي وتحول دون نضوج تجارب الاحتراف الخليجية في أوروبا، إذ تعكس الشواهد والوقائع حجم الاستغلال الذي وأد كثيرًا من المشاريع التي كان يؤمل فيها أن تشق طريقها بثبات نحو مستقبل أكثر نجاحًا، حيث تقف خلاصة نتائج تجارب سابقة كالسعوديين سامي الجابر وياسر القحطاني والعراقي نشأت أكرم حجر عثرة تجاه الإقدام على هذه الخطوة، وتثير قلق الأندية التي ينتمون لها، لاسيما وأن الخليجيين لم يتجاوزوا حدود الدكة أو الرديف أو حتى الفريق الثالث، وعدد كبير منهم ذهبوا ضحية السمسرة والتجربة.
وبعيدا عن هذه الحالة الاستثنائية فشلت كثير من التجارب التي خاضها نجوم كبار ولم تكن سوى فرقعات إعلامية أو أمور تسويقية، بينما فشلت تجارب مميزة كانت وشيكة التفعيل لأسباب خارج ميدان المستطيل الأخضر لم يكتب لها النجاح على المستوى الخليجي.
وتلوح في الأفق بوادر لتجربة بطلها النجم الإماراتي الرائع "عموري" الذي تألق بشكل لافت في السنوات الأخيرة ويبلي حسناً بل إن الكثير من المحللين والمتابعين والمهتمين أكدوا في أكثر من مناسبة قدرات هذا اللاعب وإمكانياته التي تؤهله للعب في أرقى الدوريات العالمية وأقربها لمهارة اللاعب وإمكانياته الليجا الأسبانية، ولكنها فيما يبدو تجربة لن تكون أفضل حالاً من سابقاتها، إذ تمسك نادي العين باللاعب نتيجة مايرى أنه أمر غير منطقي وينتقص من قيمته الفنية العالية، فأعلن رفض ناديه عرضاً من آرسنال الإنجليزي، وذلك بعد أن لمس مماطلة من هذا النوع، ليصرح بعدها مسؤولو العين الإماراتي بأن "آرسنال يطلب اختبار عموري، ورفضنا الفكرة لن نقبل سوى عروض رسمية بشأن اللاعب، لن نناقش أي شيء أدنى منذ ذلك، ولا اختبار لعموري"
وهنا فقط تبرز قيمة وأهمية تجربة نجمنا علي الحبسي كونها وبلا شك ستكون النبراس التي يتوجب على كل لاعب خليجي طموح للوصول إلى نجومية الأمين أن يسلك طريق الصبر والمثابرة والانضباط.