القاهرة- رويترز
تلغي تعديلات على الدستور اقترحها الحكام المدعومون من الجيش في مصر مواد ذات صبغة إسلامية كانت قد أدخلت في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي وتستعيد نظام تصويت انتخابي يرجع إلى عهد سلفه حسني مبارك.
وعبر إسلاميون وليبراليون عن قلقهم تجاه الاقتراحات التي طرحتها لجنة تعديل الدستور التي شكلها ضباط كبار بالجيش عزلوا مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الثالث من يوليو، وسط احتجاجات حاشدة ضد أول رئيس منتخب انتخابًا حرًا في البلاد. وعطل الجيش مؤقتًا العمل بالدستور الذي كان مرسي قد تبناه في أواخر العام الماضي. وجرى التصديق على هذا الدستور في استفتاء بعد أن انتزع مرسي صلاحيات استثنائية ليكفل إقراره مما أشعل فتيل احتجاجات بالشوارع كانت الأشد عنفًا خلال فترة حكمه المضطربة التي استمرت عاماً. والآن تتولى الحكومة الانتقالية تعديل الدستور الذي انتقد لكثرة المواد ذات الصبغة الإسلامية به وعدم مراعاة حقوق الإنسان لاسيما حقوق المرأة والأقليات ومن بينها المسيحيون الذين يشكلون نحو عشرة بالمئة من عدد السكان. وأعدت لجنة من عشرة أعضاء هذه التعديلات التي تسربت إلى وسائل الإعلام يوم الأربعاء- وهو نفس اليوم الذي أمرت فيه محكمة بإخلاء سبيل مبارك- في إطار خارطة طريق للجيش هدفها تحقيق الديمقراطية. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إنّ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بحث خارطة الطريق وتعديل الدستور في مكالمة مع وزير الخارجية نبيل فهمي. وعبرت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء حملة الجيش على جماعة الإخوان المسلمين وأعمال عنف أخرى قتل فيها أكثر من 1000 شخص نحو عشرة في المئة منهم من جنود الشرطة والجيش منذ عزل مرسي. ولم يصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى حد قطع المعونة السنوية التي تقدمها واشنطن لمصر وحجمها 1.5 مليار دولار معظمها مساعدات عسكرية لكنه استبعد عودة العلاقات إلى سابق عهدها.
ومن المقرر إحالة هذه التعديلات الدستورية التي أعدتها لجنة العشرة إلى لجنة أخرى تضم 50 عضواً يمثلون مختلف الأطياف تعينها الحكومة المؤقتة. وعلى خلفية الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى عزل آخر رئيسين لمصر من السلطة تتضمن التعديلات مادة تجرم هذا الأمر وتقصر هذا الحق على البرلمان. وتساءل الناشط الحقوقي جمال عيد عن جدوى هذه المادة قائلاً إن العالم بأسره سوف يسخر من مصر. وذكرت مصادر باللجنة أن من المرجح أن تقترح الإبقاء على مادة بالدستور تستثني الجيش المصري من المحاسبة المالية أو السياسية. ولم يمس مرسي هذه المادة حرصًا منه على عدم إغضاب المؤسسة العسكرية.
ومن أهم التعديلات المقترحة العودة إلى نظام الانتخاب الفردي بدلاً من نظام القوائم الحزبية في الانتخابات البرلمانية. وبموجب النظام الحالي الذي يتضمن تخصيص ثلثي المقاعد للقوائم الحزبية والثلث لقوائم الفردي فازت جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية بنحو 80 في المئة من المقاعد في أول انتخابات برلمانية بعد الإطاحة بمبارك عام 2011. وقال عيد إن هذا التعديل يستهدف الإسلاميين فيما يبدو وسيكون معيبا وغير ديمقراطي. وأضاف أن ثمة شكاوى من التيار الإسلامي بصفة عامة لكن هذا لا يعني إبعاده عن الساحة السياسية لأن هذا سيؤدي إلى مزيد من العنف. ووصف خالد داود عضو حزب الدستور الليبرالي هذا الاقتراح بأنه يمثل عودة الى عصر مبارك عندما كان يتم تزوير الأصوات بطريقة روتينية لتمكين الحزب الوطني الديمقراطي من الهيمنة على البرلمان. وأتاح هذا النظام لأفراد أغلبهم من المتحالفين مع الحزب الوطني خوض الانتخابات "كمستقلين" واستخدام شبكات المصالح المحلية في دخول البرلمان. وشارك الإخوان أيضا بمرشحين كمستقلين للإبقاء على وجود محدود لهم داخل البرلمان. وبمجرد الإطاحة بمبارك خرجت الحركة الإسلامية إلى دائرة الضوء واستغلت قوتها التنظيمية للفوز في خمسة انتخابات متتالية ونالت مقاعد في البرلمان بنظامي القوائم الحزبية والفردي. وقال داود إنه يشعر بالقلق من توجه للابقاء على مواد تعاقب بسجن الصحفيين في اتهامات بإهانة الرئيس وإمكانية إغلاق الصحف في جرائم النشر وهي عقوبات كانت سارية أثناء حكم مرسي وحكم مبارك الذي استمر 30 عامًا. وقال "أريد حريات جديدة ومزيدا من الحريات وليس الانتهاء إلى شيء على غرار دستور 1971 أو دستور أسوأ من دستور مرسي عام 2012". وغضب الإسلاميون لأسباب عدة قائلين إن هذه التعديلات ترقى إلى حد التعدي على "الهوية الإسلامية" لمصر.