إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الخبير الاقتصادي العالمي نبيل حشاد لـ"الرؤية": السلطنة من الدول الرائدة في جذب الاستثمار الأجنبي.. والمشاريع الإنتاجية الحل الأمثل لمشكلة الباحثين عن عمل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخبير الاقتصادي العالمي نبيل حشاد لـ"الرؤية": السلطنة من الدول الرائدة في جذب الاستثمار الأجنبي.. والمشاريع الإنتاجية الحل الأمثل لمشكلة الباحثين عن عمل


    تجربة الخصصة في السلطنة ناجحة
    منح الودائع الحكومية سعر فائدة مرتفع "يشوّه" النظام المالي ويضعف عدالة المنافسة بين البنوك
    تغير هيكل أسعار الفائدة حسب نوع الوديعة يحدث "تشوهات" في النظام المصرفي
    تغطية 6 أشهر من الواردات الحد الأمثل للاحتياطات الأجنبية
    دول الخليج ستضطر إلى فرض ضريبة الدخل على المدى المتوسط
    الدولار العملة الأنسب للربط مع العملات الخليجية
    الانفتاح الاقتصادي سبيل خروج الدول العربية المتعثرة من أزمتها الاقتصادية
    ضرورة خلق فرص استثمارية جاذبة للأموال المهاجرة
    تنويع الإنتاج يعزز التبادل التجاري بين الدول العربية
    غياب الإرادة السياسية السبب الرئيسي في تأخر التكامل الاقتصادي العربي
    الاقتصاد والديمقراطية.. ثنائية التنمية الحقيقية في الدول العربية
    لا مناص من التنويع الاقتصادي لدول الخليج
    الانفكاك عن المنظومة الاقتصادية الغربية لن يحدث في ظل العولمة
    أكّد الخبير الاقتصادي العالمي نبيل حشاد أن السلطنة من الدول الرائدة في جذب الاستثمارات الأجنبية، غير أنّه أوضح أهمية العمل المتواصل على جذب هذه الاستثمارات، وكذلك اتخاذ إجراءات مختلفة تجذب الأموال المهاجرة.
    وقال حشاد- في الحلقة الثانية من حواره مع "الرؤية"- إنّ المشاريع الإنتاجية وزيادة التوجه نحو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمثل الحل الأمثل لمشكلة الباحثين عن عمل. وتطرق حشاد في هذه الحلقة إلى الحديث عن اقتصاد السلطنة وحجم التبادل التجاري بين الدول العربية، والذي يرى حشاد أنه "متدنٍ للغاية"، مقارنة بحجم العلاقات الثنائية بين هذه الدول.
    ويعرج حشاد في حديثه على الاقتصاد العالمي والأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الاقتصادات الخليجية والعربية، بجانب التعليق على "الربيع العربي"، وما تلاه ما بدا أنه تغير في السياسات الاقتصادية للدول العربية، فضلاً عن التكامل الاقتصادي العربي، وسياسات التنويع الاقتصادي التي ينبغي التركيز عليها في ظل تقلبات أسعار النفط وحركة السوق الدولية.
    حوار- سمية النبهانية
    ** كيف تقيّمون تجارب خصخصة القطاع العام بالدول العربية؟ وما هي الأبعاد الاقتصادية لها؟ وهل استطاع الاقتصاد العماني الاستفادة منها؟
    تختلف تجارب الخصخصة في الدول العربية، فهناك بعض الدول التي حققت نجاحات وهناك دول أخرى عانت من الإخفاقات. وتشير التقارير الدولية إلى أنّ سلطنة عمان كان لها دور رائد في الخصخصة منذ التسعينيات، وبدأ ذلك بخصخصة شركات المياه والكهرباء، وقد قيمت بعض المؤسسات المالية تجربة الخصخصة في سلطنة عمان بأنها من أهم التجارب الناجحة في الدول العربية. وهنا يجب الإشارة إلى أنّ الخصخصة ليست هدفاً في حد ذاته، لكن ما ينتج عن الخصخصة من ناحية الكفاءة الاقتصادية والتنويع الأمثل للموارد الاقتصادية يأتي في مقدمة هذه الأهداف. لذا، عند وضع برنامج الخصخصة لابد أن يكون مدروسًا بعناية لمعرفة آثاره الإيجابية والسلبية، فإذا كانت آثاره الإيجابية أكبر من آثاره السلبية، فيمكن للدولة أن تقوم به.
    ** السلطنة، باعتبارها من الدول النفطية تلجأ إلى إيداع الفوائض النفطية بالبنوك، وتحصل الودائع الحكومية وحدها على امتيازات في أسعار الفائدة، إلى أي درجة يقودنا هذا السلوك في النظام المالي؟
    من حيث المبدأ، فإنّ التغير في هيكل أسعار الفائدة وتفضيل بعض أنواع الودائع أو بعض أنواع القروض فيما يتعلق بأسعار الفائدة، يخلق تشوهات لا تؤدي إلى المنافسة العادلة في الجهاز المصرفي هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، يلاحظ أن الدول التي تفضل أن تضع ودائعها في بنوك بأسعار فائدة عالية، فهذه البنوك تكون بنوكاً حكومية أو بنوك قطاع عام، ما يخلق أضراراً كبيرة على الجهاز المصرفي، وبالتالي، فإنّ تحديد سعر الفائدة لابد أن يترك لقوى السوق لكي تحدده.
    ** هل هناك سقف أمثل لحجم احتياطيات الدول العربية من العملات الأجنبية للتحوط لمخاطر تقلبات سعر الصرف، بحيث يمكن استغلال الفوائض المالية بطريقة تعود بمنافع أكبر على الاقتصادات الوطنية، بدلاً من أن تُجمد كاحتياطيات؟
    هناك طبعاً حجم أمثل للاحتياطيات، وهذا الحجم يقدره الاقتصاديون بتغطية 6 أشهر من الواردات. وفي بعض القياسات الأخرى، يختار الاقتصاديون معياراً يعتمد على 3 أشهر بدلاً من 6 أشهر. وإذا نظرنا إلى الدول العربية، فجميع دول الخليج تحقق هذا المعدل وزيادة، مما يمكنها من استغلال هذه الفوائض المالية بشكل أكبر. بينما هناك دول أخرى، مثل موريتانيا والصومال والسودان، تحقق أقل من الحد الأدني من الاحتياطيات وبالتالي تكون عرضة للأزمات المالية والضغط على سعر صرف عملتها.
    ضرائب الأفراد
    ** متى تتوقع توجه دول الخليج وتحديدًا السلطنة إلى فرض ضرائب على الدخل، ضمن سياسات التنويع الاقتصادي؟
    ضرائب الدخل في دول مجلس التعاون الخليجي كانت ولا زالت محل جدل كبير منذ فترة طويلة، ويرجع هذا الجدل إلى أنّ دول الخليج تتميز بارتفاع نصيب الفرد في الدخل القومي، وبالتالي ترى هذه الدول أنّ لا تفرض ضرائب على الدخل. لكن في اعتقادي أنّ هذا الموضوع أصبح محل دراسة لمناقشة مزاياه وعيوبه وقد يطبق في فترة ما في المستقبل سواء في السلطنة أو في دول الخليج الأخرى، ولكن ليس في المدى المنظور فقد يكون في المدى المتوسط أو المدى البعيد.
    ** هل يمكن لدول الخليج التخلص من الارتباط بالدولار، خاصة وأنّ دولنا النفطية تسعر الخام بالعملة الأمريكية؟
    هناك أنظمة عديدة لسعر الصرف منها ربط العملة الوطنية بعملة دولة أخرى مثل الدولار أو اليورو، أو ربط عملة الدولة بسلة عملات وتكون المكونات الرئيسية لهذه السلة تعتمد على حجم التجارة والعلاقة المالية والاقتصادية بين هذه الدولة والدول المكونة عملاتها لهذه السلة.
    أما بالنسبة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإنّ معظم الدول تربط عملاتها إما رسمياً أو عملياً بالدولار الأمريكي، وذلك منذ الثمانينات وحتى الآن. وفي اعتقادي أن الدولار هو أنسب عملة للربط وذلك لسببين؛ السبب الأول: هو أنّ النفط أو الغاز اللذين يمثلان المصدر الرئيسي للدخل الوطني يتم تسعيرهما في السوق الدولية بالدولار، وبالتالي فإنّ أي اهتزازات في سعر الدولار سواء بالانخفاض أو الارتفاع، ستستطيع دول الخليج امتصاصها. أما السبب الثاني، فإنّه كما هو معروف أن هناك الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول المجلس، للتوصل إلى تكامل اقتصادي يتوج بإصدار عملة خليجية موحدة. ومن المعروف أن أحد المراحل قبل الأخيرة في التكامل النقدي أي قبل إصدار العملة الخليجية الموحدة أن يكون هناك سعر صرف موحد بين دول مجلس التعاون التي ترغب في الانضمام إلى الوحدة الاقتصادية والنقدية، وبالتالي فإنّ هذا سوف يسهل على هذه الدول أن تحقق التكامل النقدي وإصدار عملة موحدة بسهولة ويسر.
    ** قلتم في أحد مؤلفاتكم إنّ ربط العملة المحلية بالدولار، يؤثر على ميزان المدفوعات، وبالتالي اتساع العجز التجاري.. هل ما زالت هذه الفرضية قائمة؟
    نعم، وهذه النتيجة تنطبق أيضاً على بقية العملات بمعنى أن السلطنة أو أي دولة خليجية تربط عملتها بالدولار أو اليورو سوف تعترض هذه النتائج، ولكن تعرضها لهذه الهزات أو التقلبات يكون أكبر بكثير من ربط الريال العماني بالدولار.
    وفي اعتقادي أنّ الدولار هو أنسب سياسة سعر صرف تنتهجها السلطنة. ومن الجدير بالذكر أنّ سلطنة عمان هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تربط عملتها رسمياً بالدولار، بينما بقية دول المجلس التي تربط عملتها بالدولار فإنّها لا تربطه رسمياً ولكن عملياً، بمعنى أنها تترك هامشاً يمكن أن يتحرك فيه سعر الصرف، ولكن في جميع الأحوال فهذا الهامش لا يستخدم كثيراً.
    ** هل المناخ الاستثماري بدول الخليج- وتحديداً السلطنة- كافٍ لجذب استثمارات حقيقة تغنيها عن الاعتماد على النفط؟
    هناك فرص استثمارية جيدة في السلطنة وبقية دول المجلس. فدول الخليج تتميز بفوائض مالية قد تزيد عن الفرص الاستثمارية الموجودة في دول المجلس، لذا فإنّ القضية الرئيسية الآن هي كيفية تشجيع الاستثمارات العينية أو المادية. ومن المعروف أنّ سياسات الاستثمار تحتاج إلى وقت كبير حتى تظهر نتائجها ولكن في اعتقادي أنّ السلطنة تمشي على الطريق الصحيح في هذا المجال وتعتبر من الدول القائدة في الإقليم كما ذكرت ذلك تقارير المؤسسات المالية الدولية.
    ** من المعلوم أنّ سعر الفائدة في الاقتصاد العالمي منخفض، فهل تتوفع أن تقود خطط وقف التيسير النقدي إلى رفع سعر الفائدة؟ وماهي انعكاسات ذلك؟
    الاقتصاد العالمي يُعاني من حالة ركود، لذا فإنّه من المتوقع أن تكون أسعار الفائدة منخفضة، لأنّ الطلب على الائتمان يكون منخفضاً، ولكن في حالة إذا كانت هناك بعض الدول التي ترغب في سياسة نقدية تقيدية، فإنّ ذلك يؤدي إلى تقييد الائتمان وارتفاع سعر الفائدة. ولكن اعتقادي أنّه في ظل الظروف الحالية يكون ارتفاع سعر الفائدة محدودًا.
    التنمية العربية
    ** على الرغم من الثروات التي تزخر بها الدول العربية إلا أنها تعاني من مشكلات اقتصادية كبيرة، ماهي أبرز المعوقات الرئيسية للتنمية العربية؟
    يمكن تقسيم الدول العربية من ناحية الهيكل الاقتصادي إلى اقتصاديات ذات فوائض مالية، وهي بصفة عامة الدول العربية المنتجة للنفط، وبصفة خاصة الدول الخليجية. أما المجموعة الثانية، فتقع ضمن الدول التي يمكن تصنيفها على أنّها تعاني عجزًا في الموارد المالية، وبالتالي، فإنّ نموذج التنمية في كل مجموعة يختلف عن النموذج الآخر.
    فاقتصادات دول الخليج بصفة عامة تعتمد على إيرادات النفط والغاز كمصدر أساسي للدخل، ومن التجارب التي شهدتها دول الخليج التقلبات الحادة في أسعار النفط بالسوق العالمي والذي يؤثر بطبيعة الحال على الموازنات العامة ومخططاتها، وبالتالي فقد تنبأت دول الخليج بتلك المشكلة، وباتت تتبنى سياسة اقتصادية تعتمد على تنويع مصادر الدخل وليس الاعتماد على النفط فقط كمصدر رئيسي للدخل. وقد شهدت دول الخليج طفرة كبيرة في استثمار ثراوتها السيادية بحيث أصبحت مبالغ صناديق الثروات السيادية في دول الخليج تمثل جزءًا لا يستهان به ضمن صناديق الثروات السيادية. هذا بالإضافة إلى أن هناك بعض المشاكل التي تواجه بعض دول الخليج مثل مشكلة الباحثين عن عمل، لكنها لا تعتبر مشكلة تؤرق الحكومات الخليجية ولكنها يجب أن تعمل على حلها بإنشاء المشاريع الإنتاجية التي تتناسب والمزايا التنافسية التي تتميز بها دول الخليج.
    أما المجموعة الثانية، وهي الدول العربية ذات العجز في الموارد المالية، فإنّها تواجه مشاكل اقتصادية حقيقية تستلزم سياسة اقتصادية تعتمد بصفة أساسية على إعادة هيكلة تلك الاقتصادات. وأقترح أن يكون محور سياسات التنمية الاقتصادية في هذه الدول مبني على عدة عناصر، منها تبني سياسة تعتمد بدرجة أكبر على الانفتاح الاقتصادي وتشجيع الصادرات؛ حيث إنّ سياسة تشجيع الصادرات تؤدي إلى مضاعفة الدخل مقارنة بسياسة إحلال الواردات التي أثبتت فشلها في كثير من الدول النامية التي تبنتها في الثمانينات والتسعينيات. وكذلك الاهتمام برأس المال البشري وبصفة أساسية التعليم والصحة؛ حيث يعتبر الإنفاق على التعليم والصحة بمثابة استثمار طويل الأجل يرتد مردوده بعد فترة طويلة ولكن هذا المردود يكون مردوداً مستداماً ويمثل الركيزة الأساسية في التنمية المستدامة لهذه الدول ومن الجدير بالذكر أنّ الدول التي تنفق بدرجة أكبر وصورة أفضل على التعليم والصحة قد حققت معدلات تنمية اقتصادية ونمو اقتصادي أفضل بكثير من الدول التي تنفق مبالغ ضئيلة على التعليم والصحة. والاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير الموارد المالية اللازمة لتشجيع هذه الصناعات باعتبار أنّ هذه الصناعات صناعات تعتمد على أسلوب كثافة العمل وليس كثافة رأس المال يعني أن هذه المشروعات تعتمد في إنتاجها بالدرجة الأساسية على الأيدي العاملة وبالتالي سوف تؤدي إلى تخفيض حجم البطالة التي تعتبر مرتفعة بجميع المقاييس في الدول العربية ذات العجز في الموارد المالية. والاهتمام بالبعد الاقتصادي والبعد السياسي معاً، واللذان يطلق عليهما "رغيف الخبز والحرية"؛ حيث إنّه يجب أن يسيرا جنباً إلى جنب ولا يجب أن يتم تغليب أحدهما على الآخر وسوف تؤدي هذه السياسيات إلى درجة أكبر من العدالة الاجتماعية وخصوصاً بالنسبة للفئات محدودة الدخل. بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي وتشجيع الاستثمار الخاص للمساهمة بدرجة أكبر في التنمية الاقتصادية ولن يتأتى ذلك إلا بإزالة العوائق التشريعية والممارسات العالمية في مجال الاستثمار.
    الأزمة العالمية والدروس المستفادة
    ** الأزمة المالية العالمية أثرت سلبا على التنمية الاقتصادية، وفقدت الدول العربية الكثير من استثماراتها في الغرب، فما هي الدورس المستفادة من الأزمة وتأثيرها علينا؟
    كما قلت سابقًا، يتم تقسيم الدول العربية إلى مجموعتين. المجموعة الأولى ذات الفوائض المالية وهي المجموعة التي تستثمر جزءًا لا بأس به من هذه الفوائض في الاستثمارات العالمية في الدول الأجنبية. وبالتالي فإنّه من المعروف أن الأزمة المالية في 2008 أثرت بدرجة كبيرة جداً في الاقتصاد والاستثمارات في أمريكا والدول الأوروبية، لذلك، فإنّ الاستثمارات العربية في تلك الدول خلال تلك الفترة قد تأثرت سلباً. وهذا ما دعا الاقتصاديين إلى مطالبة هذه الدول بأن تراجع سياساتها الاستثمارية الخارجية وأن تحاول أن تستثمر أموالها في دول تكون بعيدة عن التقلبات الاقتصادية الحادة، بل وطالب البعض بأن تعود هذه الأموال إلى الدول العربية مرة أخرى باعتبارها أكثر أماناً.
    وعلى الرغم من وجاهة وجهة النظر هذه، إلا أننا نرى أن الطاقة الاستيعابية في الدول العربية لهذه الاستثمارات تعتبر محدودة وبالتالي لابد من التفكير جيداً في خلق فرص استثمارية جادة تشجع على عودة الاستثمارت العربية في الخارج إلى الوطن الأم. وفي نفس الوقت تحقق عائدا مجزياً للمستثمرين سواء كانوا دول أو قطاع خاص. أما بالنسبة للدول العربية التي لا تمتلك فوائض مالية أو فوائضها المالية منخفضة للغاية وتلك الدول العربية التي يتميز اقتصادها بدرجة عالية من الانغلاق الاقتصادي فإنّها لن تتأثر بدرجة تذكر بالأزمة المالية العالمية في عام 2008.
    ** لا تزال مؤشرات التجارة بين الدول العربية دون المستوى.. فهل لك أن تطلعنا على بعض الآليات التي من الممكن أن تساهم في تفعيل التبادل التجاري؟
    يتراوح حجم التجارة البينية بين الدول العربية بين حوالي 8-11% خلال العقدين الماضيين وهي نسبة بطبيعة الحال منخفضة للغاية. ويرى الكثير من الاقتصاديين أنّه يجب أن تزيد هذه النسبة إلى درجة أكبر حتى تعكس درجة أكبر من التعاون الاقتصادي بين الدول العربية. لكن واقع الأمر أنّه لديّ وجه نظر مختلفة فيما يتعلّق بهذا الموضوع، وهي أنّه إذا كان هناك تشابه في الإنتاج بين الدول العربية، فلماذا إذن تقوم الدول العربية بتصدير واستيراد تلك السلع المتشابهة والتي تنتج في كل دولة. وبالتالي، الأصل في التبادل التجاري أن تتخصص كل دولة لإنتاج المنتجات التي تتميز فيها بدرجة عالية من الميزة التنافسية. لذا، فإنّه إذا كان هناك تنوع في الإنتاج في الدول العربية، فإنّ ذلك يعتبر مبرراً رئيسياً لمطالبة الدول العربية بزيادة حجم التجارة البينية بينهم. لكن ما ظن أنه مهم في هذه المرحلة التي تسارعت فيها خطى العولمة الاقتصادية والمالية أن يكون هناك تكامل اقتصادي بين الدول العربية. وأعتقد أن الدول العربية متأخرة كثيراً في هذا المجال. فعلى الرغم من أن اتفاقية التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول العربية قد أصدرتها جامعة الدول العربية في الخمسينيات وتقريباً في نفس توقيت الموافقة على الوحدة الاقتصادية الأوروبية، نجد أن الوحدة الاقتصادية الأوروبية وحدة متكاملة توجت أيضاً باتحاد نقدي كامل تمخض عن إصدار عملة واحدة وهي عملة اليورو واستخدام سياسة نقدية واحدة بين دول الاتحاد الأوروبي.
    أما بالنسبة للدول العربية، فإنّها ما زالت في المرحلة الأولى من مراحل التكامل الاقتصادي وهي مرحلة السوق الحرة، وليت مرحلة السوق الحرة تنفذ بالكامل. ولكن نلاحظ أن عدد السلع المستثناة في هذه السوق أكبر بكثير من السلع المسموح بتداولها ويرجع ذلك في رأينا إلى غياب الإرادة السياسية.
    ** اقتصاد المعرفة والاعتماد على تطوير العقول في التنمية، هل يمكن أن تجد مكاناً لها في التنمية العربية؟
    اقتصاديات المعرفة أصبحت من فروع الاقتصاد التي جذبت كثير من الاقتصاديين إليها وذلك بسبب التقدم التكنولوجي وتقدم الاتصالات وتقدم المعرفة بالإضافة إلى تقدم درجات العولمة الاقتصادية والمالية والسياسية، وأدى ذلك إلى انخفاض تكلفة تبادل تلك المعلومات من ناحية وسرعة تداولها بين الدول والمدن المختلفة من ناحية أخرى. قد تفوق كثير من الدول المتقدمة مثل أمريكا وأوروبا في مجال اقتصاديات المعرفة، بل إنّ هناك بعض الدول البازغة مثل الهند التي حققت تقدماً غير مسبوق في هذا المجال وأصبحت الهند من أكثر الدول المصدرة لتكنولوجيا اقتصاديات المعرفة.
    أما بالنسبة للدول العربية، فإنّنا مازلنا نتحسس الطريق في هذا المجال وإذا كان لدينا الرغبة الصادقة في تطوير اقتصاديات المعرفة وتكنولوجيا المعلومات في دولنا العربية، فإنّنا يجب أن نهتم اهتماماً كبيراً بالتعليم ومواكبة الدول المتقدمة في هذا المجال وإرسال البعثات للاستفادة مما حققته دول الغرب والدول البازغة في هذا المجال.
    ** قاد ضعف السياسات التنموية في المنطقة إلى أحداث "الربيع العربي"، برأيك ما هو النموذج الأفضل الذي يمكن أن يحقق تنمية حقيقية في المجتمعات العربية؟
    النموذج الاقتصادي والسياسي الذي كان يستخدم في دول الربيع العربي قبل بدء شرارة الربيع العربي كان يعتمد بدرجة كبيرة على الاهتمام بالخبز أي الاهتمام بالاقتصاد على حساب الحرية. والدليل على ذلك أنّ معظم المجالس النيابية والتشريعية كانت تدين بالولاء للحكومات وكانت وجهة نظر القائمين على الحكم في ذلك الوقت مبنية على أن هذه الدول ليست مؤهلة للديمقراطية. ثم اتضح بعد ذلك العكس وهو أن الحرية السياسية أصبحت هي المطلب الأساسي لدول الربيع العربي، والدليل على ذلك أنّ هذه الدول أولت اهتماما كبيرا للبعد السياسي على حساب البعد الاقتصادي، لذا نجد أن نموذج التنمية الذي يجب أن يسود دول الربيع العربي لابد أن يعتمد على جناحين: جناح الاقتصاد وجناح الديمقراطية أو الحرية حيث إن الخبز والحرية يجب أن يسيرا جنباً إلى جنب معاً.
    * الكثير من المحللين يصفون اقتصاديات دول الخليج بالريعية، فكيف يمكنها أن تتحول إلى اقتصاديات منتجة مستقبلاً؟
    لقد حبا الله دول الخليج العربي بثروات طائلة من البترول والغاز والتي أصبحت المكون الرئيسي للناتج المحلي الإجمالي ومهما طال أمد هذه الثروات فإنّه سيأتي يوم وتتقلص هذه الثروات. لذا، فإنّه يتعين على الدول الخليجية أن تتبع سياسات اقتصادية مبنية على التنويع الاقتصادي يكون فيها الإنتاج الحقيقي هو أحد المكونات الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي، ولن يأتي ذلك بين يوم وليلة، ولكن يحتاج بعض الوقت لأنّ هذا يعني تغيراً في الهيكل الاقتصادي للدول الخليجية.
    ** كيف يمكن للاقتصاد العربي أن يتخلص من "التبعية" للغرب؟ وهل يمكن ذلك في ظل اقتصاد العولمة؟
    انفكاك الاقتصاد العربي من التبعية الغربية يمكن تفعيله بطريقة أفضل وهي الاعتماد المتبادل بين الاقتصادات العربية وخصوصاً دول الخليج والاقتصادات الغربية؛ حيث إنّ الدول الغربية وكثيراً من دول العالم تعتمد بصفة أساسية على النفط العربي والغاز العربي، وهو مواد أولية. وفي نفس الوقت، تعتمد الدول العربية في كثير من وارداتها على الدول الغربية والدول الآسيوية، وذلك لاستغلال الميزة التنافسية في كلا المجوعتين. وهذا يعتبر متسقاً مع العولمة الاقتصادية والمالية، لذا لا أعتقد أنّ الدول العربية سوف تأتي في يوم من الأيام وتقلص اعتمادها على الدول الغربية وهذا لن يحدث.
يعمل...
X