عواصم- الوكالات
مع تواصل دقات الساعة يحبس العالم أنفاسه ترقباً لضربة عسكرية وشيكة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، حيث يعتزم الغرب شن عمليات عسكرية ضد أهداف معينة تستهدف البنية الأساسية للقوات الموالية للأسد، في مسعى ربما يدفع بالحرب الأهلية المندلعة هناك منذ عامين ونصف العام، إلى مسار جديد قد يعيد رسم خريطة المنطقة مجددًا حال سقوط النظام، في حين تتصاعد الدعوات التي تطالب مجلس الأمن الدولي باتخاذ "ما يلزم من إجراءات" لحماية المدنيين في سوريا بعد مقتل المئات في هجوم مزعوم بالأسلحة الكيماوية.
وتستعد الولايات المتحدة وحلفاؤها لضربة عسكرية محتملة لمعاقبة الأسد الذي يلقون عليه باللائمة في الهجوم الكيماوي المزعوم. ودعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيج مجلس الأمن الدولي إلى العمل على وقف إراقة الدماء في سوريا من خلال اعتماد مشروع قرار تدعمه بريطانيا يقضي "باتخاذ ما يلزم من إجراءات" لحماية المدنيين. وقال هيج للصحفيين "نحن نعتقد أنّ الوقت حان لنهوض مجلس الأمن بمسؤولياته بخصوص سوريا وهو ما لم يقم به على مدى فترة العامين ونصف العام الأخيرة". ومضى يقول إنه يخشى أن تتدخل روسيا والصين لإحباط مشروع القرار.
إلى ذلك، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن مجلس الأمن القومي في بريطانيا أيد بالإجماع اتخاذ إجراء ضد سوريا رداً على هجوم مشتبه به بالأسلحة الكيماوية بعد يوم من طرح فكرة القيام بضربة عسكرية. وقال كاميرون على حسابه الرسمي على تويتر بعد اجتماع لأعلى هيئة أمنية في البلاد "وافق مجلس الأمن القومي بالإجماع على أن استخدام أسلحة كيماوية من جانب الأسد غير مقبول وإن العالم يجب ألا يلزم الصمت".
وفي تطور آخر، قال أندرس فو راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أمس إن معلومات من عدد من المصادر تشير إلى أن قوات الرئيس السوري بشار الأسد استخدمت أسلحة كيماوية في سوريا. وأضاف متحدثاً بعد اجتماع لسفراء الحلف في بروكسل أن أي استخدام لمثل هذه الأسلحة "غير مقبول ويجب الرد عليه" غير أنه لم يقترح أي رد. وتابع في بيان "هذا خرق واضح للمعايير والممارسات الدولية القائمة منذ فترة طويلة... المسؤولون يجب أن يحاسبوا".
من جانبه، قال المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي إنّ أي تدخل عسكري أمريكي رداً على الهجمات المزعومة بأسلحة كيماوية في سوريا سيكون بحاجة إلى موافقة مجلس الأمن. وأضاف في مؤتمر صحفي في جنيف "أعتقد أن القانون الدولي واضح بخصوص هذا الأمر. القانون الدولي ينص على أن العمل العسكري يتخذ بعد قرار من مجلس الأمن. هذا ما ينص عليه القانون الدولي". ومضى قائلا "لزاما علي أن أقول إنني أعلم أن الرئيس أوباما والإدارة الأمريكية ليسا سعداء. لا أعلم ما سيقررونه ولكن القانون الدولي بالتأكيد واضح للغاية".
فيما نقلت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء عن دبلوماسي روسي كبير قوله إنه يتحتم على مجلس الأمن انتظار تقرير مفتشي الأسلحة بشأن الهجوم المزعوم بأسلحة كيماوية في سوريا قبل دراسة الرد. ويشير تصريح فلاديمير تيتوف نائب وزير الخارجية الروسي إلى معارضة روسيا لاقتراح بريطانيا تقديم مسودة قرار إلى مجلس الأمن يوم الأربعاء يفوض باتخاذ "الإجراءات اللازمة" لحماية المدنيين السوريين. ونقلت انترفاكس عن تيتوف قوله "سيكون من السابق لأوانه على أقل تقدير مناقشة أي رد فعل لمجلس الأمن إلى أن يقدم مفتشو الأمم المتحدة الذين يعملون في سوريا تقريرهم". وتقول روسيا إنها تشتبه بأن المعارضة ربما نفذت الهجوم بالغاز من أجل استفزاز الغرب لكي يقوم بتدخل عسكري وحذرت من أن أي استخدام للقوة بدون موافقة الأمم المتحدة سيشكل انتهاكاً للقانون الدولي.
إلى ذلك، قالت قناة (برس تي في) التلفزيونية الإيرانية الناطقة بالإنجليزية إن إيران نفت تقارير بأن الرئيس السوري بشار الأسد سافر إليها. ونقلت عن عباس عراقجي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله إن التقارير "سخيفة". وكان بعض المتعاملين في الأسواق المالية تناقلوا أمس تقارير من منطقة الشرق الأوسط تشير إلى أن الأسد غادر سوريا متجها إلى إيران.
وفي الداخل السوري، قال فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري إنّ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ساعدت "إرهابيين" على استخدام أسلحة كيماوية في سوريا وإن نفس المجموعات ستستخدمها قريبًا ضد أوروبا. وأضاف للصحفيين خارج فندق فور سيزونز في دمشق إنه قدم لمفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة أدلة على أن "مجموعات إرهابية مسلحة" استخدمت غاز السارين في كل مواقع الهجمات المزعومة. وقال إن سوريا تكرر أن جماعات إرهابية هي التي استخدمت الأسلحة الكيماوية بمساعدة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا مضيفًا أنه يجب أن يتوقف هذا الأمر. وتابع أن هذا يعني أن نفس المجموعات ستستخدم هذه الأسلحة الكيماوية ضد أوروبا.
وفي تصعيد من جانبه، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إنّ العراق وضع قواته الأمنية في حالة تأهب قصوى قبل هجوم دولي متوقع على سوريا. وأضاف المالكي "نعلن أننا وجميع القوى الأمنية والسياسية في بغداد والمحافظات والعراق أجمع نعلن عن حالة استنفار قصوى وحالة إنذار شديدة على مستوى التحديات الأمنية والإجراءات". وأضاف أن السلطات العراقية تتخذ التدابير اللازمة "لتخفيف ما قد يترتب على الحرب من أزمات داخلية على مستوى الاقتصاد والخدمات والقضايا الطبية والصحية". وعزز العراق الإجراءات الأمنية على امتداد حدوده مع سوريا وطولها 680 كيلومترا ليجعلها أكثر حدوده تأمينا. وتقول الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة إن الحرب الأهلية في سوريا تغذي الهجمات في العراق من جانب جماعات مرتبطة بالقاعدة تعمل على جانبي الحدود.
وفي سياق متصل، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل تنشر كل دفاعاتها الصاروخية كإجراء احترازي ضد أي هجوم انتقامي محتمل من جانب دمشق إذا نفذ الغرب تهديداته ووجه ضربات إلى سوريا. ولم تقدم الإذاعة أي تفاصيل عن عدد بطاريات الصواريخ الاعتراضية أو مواقعها متعللة بضروريات أمنية. وتتضمن الأنظمة التي ينشرها سلاح الجو الإسرائيلي القبة الحديدة للصواريخ القصيرة المدى وصواريخ باتريوت المتوسطة المدى وصواريخ أرو 2 الطولية المدى.