ردود الفعل المتباينة التي أثارها اعتذار المملكة العربية السعودية عن قبول مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي؛ أمر يستوجب التوقف عنده، ليكون منطلقًا لإصلاح مجلس الأمن، وإعادة الدور المفقود لهذه الهيئة الأممية، التي بدأت صلاحيّاتها في التآكل مؤخرًا؛ نتيجة لعوامل عدة أبرزها استخدام حق النقض من قبل الدول دائمة العضوية في المجلس، وازدواجيّة المعايير خاصة في القضايا التي تهم منطقة الشرق الأوسط.
فالرفض السعودي للمقعد الأممي يعد تعبيرًا عن الاستياء من حالة العجز التي وصل إليها المجتمع الدولي؛ خاصة عندما يتعلّق الأمر بقضايا الشرق الأوسط، ومنها القضيّة الفلسطينية والحرب في سوريا.
وينتظر أن تستثمر الدول العربية هذا الموقف السعودي، لاقتراح ما تراه من إصلاحات ضرورية لمجلس الأمن الدولي؛ حتى يتمكن من النهوض فعليًا بواجباته، وتحمل مسؤوليّاته تجاه الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين؛ وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
فمجلس الأمن؛ وبوصفه جهاز الأمم المتحدة المسؤول عن كل التبعات الرئيسية لقضايا السلم والأمن العالميين يحتاج إلى إصلاح جوهري في نظامه بما يدعم دوره، في ظل ما يعج به عالمنا اليوم من اضطراب أمني وسياسي؛ تجعل الحاجة ماسة إلى هذا الإصلاح.
ورغم أنّ السعودية سعت جاهدة إلى نيل عضوية مجلس الأمن، وبالرغم مما تحمله عضوية مجلس الأمن من مكانة دوليّة، إلا أنّها باعتذارها عن قبول عضوية المجلس بسبب عجزه عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته؛ تسجل موقفًا ينبع من قناعاتها واهتماماتها بهموم وقضايا أمّتها العربية، وباستقرار جوارها الإقليمي، كما ينطلق أيضًا من اهتمامها بالقضايا الدولية والاستقرار العالمي الذي يضطلع مجلس الأمن بالمسؤولية الرئيسة إزاءه.
وهذا الموقف السعودي ينبغي أن يُقرأ في سياق الحرص على التمسّك بالشرعيّة الدولية، والرغبة الصادقة في تفعيل دور مجلس الأمن، وغيره من مؤسسات الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة حتى تسهم بفعالية في جعل العالم أكثر أمنًا واستقرارًا.