صلالة - إيمان بنت الصافي الحريبي
تتواصل، لليوم الثاني على التوالي، فعاليات المؤتمر الدولي حول النمر العربي، في جبل سمحان بمحافظة ظفار، والذي يُنظمه المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة، التابع لديوان البلاط السلطاني، بمشاركة عدد من الخبراء والمنظمات الدولية، وعدد من الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمع المحلي بمحافظة ظفار؛ وذلك بمنتجع الماريوت بمحافظة ظفار.
ويناقش المؤتمر محورين مهمين؛ هما: محور خطة العمل الوطنية، ومحور تطوير خطة العمل الوطنية لمحمية النمر العربي في السلطنة باستخدام الاستراتيجية الإقليمية للنمر العربي كدليل. كما سيتم تنفيذ خمس حلقات نقاش جماعية بين المشاركين من مختلف الجهات؛ وهي: الشراكة الاجتماعية، وأهداف الحماية، ورفع مستوى الوعي وبناء القدرات وشراكات المجتمعات المحلية، وإشكاليات الإنسان في الحياة البرية، والسيناريوهات الأسوأ وتداعياتها، وخطة ادارة لمحمية جبل سمحان؛ حيث ستسعى هذه المناقشات إلى الخروج بتوصيات ونتائج تحقق الأهداف التي وضعها المؤتمر لحماية النمر العربي من الانقراض والعمل على إكثاره.
وتم خلال المؤتمر، طرح 5 محاور أساسية؛ من خلال 16 ورقة عمل، تناول المحور الأول حالة ووضع النمر العربي وفرائسه داخل وخارج مناطق محمية جبل سمحان وتم خلاله طرح 7 أوراق عمل؛ حيث ألقى الدكتور أندرو سبالتون مستشار وزير الديوان لشئون البيئة ورقة عمل حول وضع وحالة النمر العربي في البرية، حيث أوضح من خلالها أن النمر العربي ظهر في أنحاء مختلفة من جبال شبه الجزيرة العربية ولكنه يقتصر اليوم على فئات سكانية صغيرة ومنعزلة وهي على شفا الانقراض محليا، وفي الشمال لا يوجد أكثر عن 10 نمور في صحراء النجف في المملكة العربية السعودية، باستثناء ثلاث حالات من الحيوانات تعرضت للتسمم، ولا توجد سجلات مؤكدة للنمور لأكثر من عشر سنوات. وهناك معلومات قليلة موثوق بها عن حالة النمور في الجمهورية اليمنية، ولكن تشير التقارير إلى أنها قد لا تزال موجودة في أعداد صغيرة في أربع مواقع على الأقل.
أما في سلطنة عمان، فإن النمر لم يعد يظهر في جبال مسندم ولا في جبال الحجر. ومع ذلك، لا تزال النمور موجودة في سلسلة جبال ظفار؛ حيث إنها تحتل نسبة صغيرة من مساحة تواجدها السابق، وتقتصر إلى حد كبير على المنحدرات الجنوبية والمنحدرات من جبل القمر وجبل القرا وجبل سمحان في أعداد معرضة للخطر.
أما هادي الحكماني (من مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني)، فألقى ورقة عمل حول البحث الميداني للنمر العربي في عُمان؛ أوضح من خلالها أنه بدأت البحوث حول النمر العربي في سلطنة عمان رسميًّا في 1999م في محافظة ظفار، ونظرا للطبيعة المراوغة لهذا النوع فقد طبقت مجموعة من التقنيات مثل الكاميرات الفخية، وأطواق الراديو والتحليل الجيني للنظام الغذائي ومخلفات النمر؛ حيث إن الكاميرا أداة فعالة إذ توفر المعرفة التامة عن وجود أو غياب النمر العربي في المنطقة كما توفر المعلومات حول الوفرة النسبية لأنواع فرائس النمر في جبال ظفار وأعداد النمور الفردية إن وجدت داخل المنطقة.
وألقى الدكتور سالم الرواحي خبير بيئي ورئيس لشركة الأوائل لما وراء البحار، ورقة عمل حول حالة المراعي ووضع المواطن في جبال ظفار، وأشار خلال ورقته الى أن بقاء النمر العربي في المناطق التي تدخل في صراع مع البشر والتنمية الحضرية، ومعرفة ما تبقى من السكان في المناطق الجنوبية وسكان عمان من تصورات ومواقف أصحاب المصلحة في المناطق التي تعيش هذه الحيوانات فيها له أهمية حاسمة في السعي من أجل التعايش.
أما ورقة العمل الرابعة، فألقتها تيسا مكجريجور، والتي تعمل حاليا على مشروع النمر العربي في منظمة إيرث ووتش حول وضع وتوزيع فرائس ومفترسات النمر العربي، وذكرت في ورقة عملها أن النمر العربي يعتمد على مجموعة من الأنواع البرية كفريسة له، وأنواع الفريسة الرئيسية له في سلسلة جبال ظفار هي الوعل العربي والوبر الصخري والغزال العربي.
أما ورقة العمل الخامسة، فألقاها الدكتور يورسوكريستين وبريتينموسر، اللذان أسسا أسسا منظمة (KORA) غير الربحية وتعني "بيئة الحيوانات المفترسة وإدارة الحياة البرية" حول محميات التكاثر الدولية، وتطرقا في الورقة إلى أن تجربة إعادة إدخال الحيوانات المفترسة أوضحت أن الحيوانات المولودة في البرية لديها فرصة أكبر للبقاء على قيد الحياة، كما أن المرجعيات والتوصيات العامة تنصح باستخدام الحيوانات البرية أينما توفرت.
وألقى ورقة العمل السادسة الدكتور خالد الراسبي مدير مركز تكاثر الحياة الفطرية التابع لشؤون البلاط السلطاني، حول قصة النمر العربي في مركز تكاثر الحياة الفطرية، حيث اشار في ورقته الى ان مركز تكاثر الحياة الفطرية ببيت البركة يعتبر أول مؤسسة معروفة للحيوانات المأسورة في هذه المنطقة لتربية النمر العربي في المناطق المجاورة لها.
وألقى الدكتور سنان باقر أستاذ مساعد في قسم الأحياء جامعة السلطان قابوس، ورقة العمل السابعة حول ذكورة النمر العربي، وتطرق خلالها إلى أن هناك واحدًا وأربعين نوعا من فصيلة السنوريات في هذا العالم من بينها النمر العربي المهدد بالانقراض.
الإطار القانوني والتشريعي
أما المحور الثاني، فركز حول الإطار القانوني والتشريعات. وتم خلاله طرح ورقة عمل واحدة ألقتها ثريا بنت سعيد السريرية مديرة دائرة التنوع الإحيائي بوزارة البيئة والشؤون المناخية حول الإدارة المستدامة للمحميات الطبيعية في عُمان.. وأشارت في ورقتها إلى أن سلطنة عمان توفر مَواطن طبيعية برية وبحرية لأحياء فطرية تميزت بها شبه الجزيرة العربية، غير أن موارد الحياة الفطرية شهدت تدهورا ملموسا خلال القرن الماضي نتيجة الأنشطة البشرية المختلفة مثل الصيد والرعي الجائر والتطور العمراني والصناعي والزراعي، إضافة إلى التغيرات المناخية وانتشار ظاهرة التصحر.
وكانت النتيجة أن اختل التوازن الطبيعي في الموائل الطبيعية وهددت الكثير من الحيوانات بالانقراض مثل النمر العربي وغيرها من أنواع الحيوانات والنباتات البرية والبحرية.
التنمية المستدامة
فيما تركز المحور الثالث حول محمية النمر العربي والتنمية المستدامة في محافظة ظفار، وتم خلاله طرح 6 أوراق عمل؛ حيث قدَّم سعادة الشيخ رامس المهري عضو مجلس الشورى، ورقة العمل الأولى حول دور المجتمع المحلي في دعم مبادئ التنمية المستدامة في محافظة ظفار والحفاظ على التنوع الأحيائي في المحافظة.
أما ورقة العمل الثانية، فقدمها الدكتور آلان روي الذي يعمل حاليًا مع المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة ضمن برنامج إيرث ووتش عمان حول استخدام الأرض وتفاعل المجتمع المحلي في جبل سمحان.
وقدَّم الدكتور مسلم العوائد (من مكتب محافظ محافظة ظفار) ورقة العمل الثالثة حول دور مكتب وزير الدولة ومحافظ محافظة ظفار في خطط التنمية في محافظة ظفار. أما ورقة العمل الرابعة، فقدمها الدكتور هادي اللواتيا مدير إدارة الصحة الحيوانية بوزارة الزراعة والثروة السمكية، حول استراتيجية وزارة الزراعة والثروة السمكية في إدارة الثروة الحيوانية في جبل سمحان، واستعراض نتائج تعداد 2013/2014، حيث استعرض في ورقة العمل بيانات عن جبل سمحان بما في ذلك عدد من القرى في المنطقة والسكان، وعدد الحيازات الحيوانية، إضافة إلى تعداد الحيوانات التي تعيش في القرى الجبلية وفقا لتعداد عام 2004/2005.
أما ورقة العمل الخامسة، فقدمها الدكتور رواس الرواس مدير دائرة التنمية السياحة بالمديرية العامة للسياحة بمحافظة ظفار، حول دور وزارة السياحة في خطط الحفاظ على البيئة.
وقدَّم الدكتور أمير حسين خليجي الذي يشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لمشروع الحفاظ على النمر الفارسي في كلستان الحديقة الوطنية في شمال شرق إيران ورقة العمل السادسة حول المحميات المحلية للنمر العربي في حديقة كلستان الإيرانية؛ حيث أشار في ورقته إلى أن الحديقة الوطنية بكلستان هي الأولى من نوعها في ايران منذ أكثر من 50 سنة، وتضم طائفة واسعة من الموائل في الشمال الشرقي من البلاد، من الغابات الخضراء إلى السهوب العالية والسهول شبه القاحلة. المنطقة كما هو معروف عنها المعقل الأكثر أهمية في العالم للنمر الفارسي، وهي واحدة من السلالات المهددة بالانقراض؛ حيث يُعتبر ضغط الصيد الجائر عاليًا من المجتمعات المحلية في هذه الحديقة.