القاضي يسأل المتهمين عن طبيعة الأموال التي يتلقونها.. والمتهم: "أمور طبيعية"
المتهم الثاني: أنا بريء من كافة التهم.. وهناك من يحاول الزج باسمي في القضية
المتهم الكوري يمتنع عن الرد لحين الاستعانة بمترجم
الرؤية- فايزة سويلم الكلبانية
أرجأت محكمة مسقط الابتدائية النظر في قضية التجاوزات والفساد بقطاع النفط والغاز إلى جلسة 9 يناير 2014، وذلك بناء على طلب الدفاع من أجل الاطلاع على ملف القضية، والاستعانة بمترجم للغة الكورية وفقا لطلب المتهم الكوري الثالث.
ووافق قاضي المحاكمة على الإفراج عن المتهم عادل الرئيسي بكفالة 100 ألف ريال عماني لوضعه الصحي في حال فقط لم يكن على ذمة أي قضية أخرى تتطلب بقاءه بالحبس؛ حيث أكمل 96 يومًا في الحبس الاحتياطي. ويحاكم في هذه القضية المتهمون أحمد الوهيبي الرئيس التنفيذي لشركة النفط العمانية، وعادل الرئيسي مستشار سابق بوزارة الاقتصاد الوطني (سابقًا)، ونائب رئيس الشركة الكورية المتهمة في رشوة المتهمين. وقد تم التحقق من أرصدة المتهم أحمد الوهيبي في سويسرا عن طريق التواصل مع الادعاء الفيدرالي السويسري، وتبين أنّ المتهم أحمد الوهيبي يملك شركة وهمية مودعة 16 مليون دولار في حسابات مجمدة.
وبدأ فضيلة الشيخ قاضي المحاكمة باستجواب المتهم أحمد الوهيبي بتهمة تلقيه 8 ملايين و40 ألف دولار رشوة مقابل تسهيل حصول شركة كورية على مشروع إنشاء مصنع العطريات بصحار، والذي يبلغ قيمته أكثر من مليار دولار. وأقر الوهيبي باستلام المبلغ، لكن دون أن يكون له أي دور يذكر في إرساء المناقصة أو العقد، وقال المتهم إنّه لا يعرف مقر الشركة، لأن المحامي الكوري، وهو نفسه مدير الشركة، يقوم بكافة الأعمال. كما أقر المتهم الثاني عادل الرئيسي بأنه تلقى "مبالغ بسيطة" من أحمد الوهيبي، لكن دون أن يكون له أي دور في الصفقة.
وقال المتهم أحمد الوهيبي إنه سلم عادل الرئيسي مبلغ 45 ألف ريال، مدعياً أن الرئيسي هو الذي عرفه على الشركة الكورية، حتى تكون شركة أحمد الرئيسي القائمة في سويسرا هي الوسيط؛ حيث أعطت الشركة الكورية المتهم أحمد الوهيبي 0.5 في المئة من قيمة عقد إنشاء مصنع العطريات بصحار والذي بلغ 8 ملايين و40 ألف دولار.
وكشفت وقائع الجلسة أن كافة هذه المبالغ دخلت في حساب شركة بسويسرا يملكها أحمد الوهيبي، وهي شركة قال الادعاء العام إنها وهمية، غير أن الوهيبي أنكر ذلك، وقال إنّ الشركة غير وهمية. وأوضحت التحقيقات أن الشركة الكورية قامت بالمشروع في السلطنة، وكان الوهيبي هو المخول بالتفاوض معهم في السعر.
ووجه فضيلة الشيخ القاضي سؤالاً للمتهم أحمد الوهيبي حول العمل الذي قامت به الشركة المملوكة له من أجل الحصول على هذا المبلغ، كما سأله عن دوره في هذه الصفقة.
وأجاب الوهيبي أنه لم يكن له أي دور ولم يقم بأيّ أعمال، معللا بأن الشركة في سويسرا يديرها مدير مفوض، ويتحكم في كافة الأمور.
ومن ثم وجه القاضي سؤاله للمتهم عادل الرئيسي، قائلا: "هل استلمت مبلغاً من أحمد الوهيبي؟"، فأجابه الرئيسي: "نعم.. استلمت ما يقارب 6 آلاف فرنك سويسري، وفي مرة أخرى استلمت 4 آلاف فرنك سويسري على ما أذكر لأنه منذ فترة طويلة مضت.... هذه الأمور طبيعية بيننا بحكم سفرنا الدائم بصحبة بعضنا، فتارة أنا أخذ منه وتارة أخرى يأخذ هو مني مبلغاً وهكذا".
وخلال المحاكمة تقدم محامي المتهم الثاني عادل الرئيسي بطلب للإفراج عن موكله بكفالة نظرا لحالته الصحية السيئة، وقال إنه قضى في الحبس أكثر من 96 يومًا وهذا مخالف للقانون، كما أن حالة المتهم الصحية لا تسمح ببقائه في محبسه. وأظهر المحامي تقارير طبية توضح أن موكله قد فقد النظر في عينه اليمنى خلال فترة الحبس الاحتياطي، محذرًا من أنه قد يأتي الجلسة القادمة فاقدًا البصر إذا لم يتم تدارك الأمر والإفراج عنه. غير أن الادعاء العام رفض طلب المحامي، وقال إن الأمر متروك للقاضي، لكنه أوضح أن المتهم في حال خروجه بكفالة ربما يعود للسجن الاحتياطي مرة أخرى على خلفية قضية أخرى جاري التحقيق فيها تخص العقود التابعة لناقلات النفط العملاقة.
ومن ثم عرض فضيلة الشيخ القاضي على المتهم أحمد الوهيبي رسالة من الشركة الكورية تشكر المتهم على جهوده المبذولة في المفاوضات، فيما علق الوهيبي قائلاً: "عادي.. بحكم منصبي اتلقى كثير من رسائل الشكر، وهذا لا يعني بأنني قمت بأي جهد لصالحهم".
أما المتهم عادل الرئيسي فقد أوضح أنه ليست لديه أي علاقة بالقضية، مدعيًا أنّ هناك من يحاول الزج باسمه في القضية. إلا أن القاضي واجهه برسالة بخط يده تؤكد علاقته بالقضية، وقال المتهم إن الرسالة "أخذت من جيبي بغير وجه حق… الادعاء العام طلب مني كتابتها وبعدها أغشي علي وأخذها الادعاء من جيبي بدون علمي".
وفي الأثناء، وجه فضيلة القاضي سؤاله لأحمد الوهيبي قائلا: "ما دمت لم تبذل أية جهود.. لماذا يعطونك هذا المبلغ إذن؟"، فأجاب الوهيبي: "لا أعرف.. اسألهم عن ذلك؟".
وكرر فضيلة الشيخ القاضي تساؤله للوهيبي بصيغة أخرى قائلا: "طيب دامك (ما دمت) ما بذلت أي مجهود تعتقد أن المبلغ لك حق فيه أو للحكومة؟". فأجابه الوهيبي: "أنا دمي وأموالي ومنازلي كلها ملك للحكومة".
فيما أكد المتهم عادل الرئيسي أنه لا تربطه أية علاقة بالمشروع كونه لا يعمل في شركة النفط العمانية، وليس مخولاً بالتفاوض، وإنما هناك من يصر على زج اسمه في الموضوع.
وتدخل محامو الدفاع معترضين على استجواب المتهمين بدون إعطائهم فرصة للاطلاع على ملف القضية، مرددين "نحن حاضرون وما شفنا (اطلعنا على) الملف أبدًا... ولا يمكن لنا أن ندافع عن المتهمين ونكمل بدون أن نرى الملف ونطلع عليه مسبقا". وأكد أحمد الوهيبي سفره بين فترة وأخرى إلى سويسرا لاستلام مبالغ من شركته نقدًا وكما ذكر بأن هذا وضع طبيعي وغير مجرم. في حين أن المتهم الكوري رفض الحديث، حتى تتم الاستعانة بمترجم كوري أو من يتقن الكورية؛ حيث قال إن إنجليزيته غير جيدة، ويخشى أن تصل المعلومات بصورة خاطئة.
مدير عام "تنمية نفط عمان" : الاتهامات تتعلق بأشخاص ولا تمس نظم العمل في الشركة
وتعليقا على القضية، قال راؤول ريسوتشي مدير عام شركة تنمية نفط عمان :" إنه يشعر بالصدمة والحزن والذهول". مؤكدا في نفس الوقت على أن الاتهامات لأشخاص ولا تمس نظم العمل في الشركة بوجه عام.
ورفض راؤول ريسوتشي خلال جلسة مع عدد محدود من الصحفيين، إبداء أي رأي حول القضية، قائلاً : إنه لا يجدر التعليق على قضية مازالت منظورة أمام القضاء.
وأشار إلى أن هناك ممثلين من الشركة يتابعون سير القضية ليس بوصفهم دفاعا عن المتهمين أو ادعاء ضدهم.
لافتا إلى أن جهات التحقيق وجدت كل تعاون مطلوب من قبل الشركة.
ورأى أنه سواء تمت إدانة المتهمين أو تبرئتهم، فإن ذلك لا يؤثر على أداء موظفي الشركة والعاملين بها والمتعاقدين معها والذين يفوق عددهم 8 آلاف. واطلع راؤول ريسوتشي الصحفيين على برنامج الانضباط الداخلي في الشركة والمراحل التي يشملها، موضحا أن الشركة ستتقدم العام المقبل للحصول على اعتماد دولي لهذا البرنامج لتكون أول شركة لديها هذا النوع من اللوائح والنظم بدءًا من التوعية وحتى إجراءات تطبيق الشفافية ومكافحة وقوع أية تجاوزات.