البوسعيدي: ارتفاع أسعار الفلل ناتج عن زيادة التمويل السكني من قبل المصارف الإسلامية
السليماني: السوق "متوازن".. ورفع الأسعار يخل بحجم المعروض
الرؤية- نجلاء عبد العال
استبعد مختصون في قطاع العقارات والتشييد، ارتفاع أسعار العقارات أو إيجارات السكن، على نحو مؤثر، بعد تطبيق الأوامر السامية بتوحيد رواتب العاملين بالقطاع المدني، وبالتبعية ارتفاع الرواتب مع بداية العام الجديد.
وقال سعادة المهندس محمد البوسعيدي عضو مجلس الشورى رئيس الجمعية العقارية العُمانية إن الأوامر السامية التي أصدرها صاحب الجلالة تهدف في الأساس لصالح المواطن بالدرجة الأولى، لذلك تضمنت ضرورة مراقبة الأسعار. وأضاف أنه ربما لا يكون للهيئة العامة لحماية المستهلك دور كبير في مراقبة أسعار الإيجارات أو العقارات بشكل عام، إلا أن المطمئن أن أسعار العقارات مرتبط بسوق العرض والطلب، موضحاً أنه في الوقت الحالي فإنّ السوق وصل إلى نقطة تعادل بالنسبة للوحدات السكنية الإيجارية.
وأشار إلى أن العرض ارتفع في الفترة الأخيرة من العقارات السكنية سواء في الشقق أو الفلل، موضحًا أنه على الرغم من أن الشقق حافظت على أسعارها، إلا أنه مقارنة مع أسعار الفلل فإنها تشهد انخفاضاً مستمرًا؛ حيث أصبح العرض أكبر. واستبعد البوسعيدي عدم تأثر أسعار العقارات بارتفاع الأجور، بشكل مباشر، لأن الأمر لن يغير شيئا في موازين الطلب. وأكد سعادته أهمية أن يكون هناك ضرورة لوجود جهة ما تختص بمراقبة الإيجارات وأسعار العقارات السكنية.
وأوضح رئيس الجمعية العقارية العُمانية أن هناك بالفعل ارتفاعا في أسعار بيع الفلل، خاصة في بعض المناطق التي تكتمل فيها الخدمات، لكنه أشار إلى أن هذا لا يرتبط بزيادة الرواتب بشكل مباشر، بقدر ما أنه ترجمة لحالة انتعاش السوق العقاري مع إتاحة تمويل من المصارف الإسلامية، والتي استقطبت فئة كانت تؤجل أو تستبعد فكرة الحصول على مسكن خاص، حتى لا تلجأ للاقتراض من البنوك. وأوضح أن دخول هذه الفئة إلى السوق، أدى إلى زيادة الطلب على شراء الأراضي والوحدات، سواء الشقق أو الفلل، فكان من الطبيعي أن يقابلها زيادة في الأسعار.
وتوقع رئيس الجمعية العقارية أن ينتعش سوق العقارات خلال الفترة المقبلة، لكنه قال "من الصعب أن يكون هذا مرتبطا بزيادة أسعار الإيجارات أو شراء العقارات خاصة وأن الزيادة في الرواتب ستكون متفاوتة وفي نفس الوقت لا يمكن الجزم بأن كل من سيتم تعديل راتبه سيكون أهم أولوياته الحصول على سكن جديد".
ومن ناحيته، قال الشيخ عامر السليماني أمين سر جمعية المقاولين إن شهية الإنفاق تتسع لدى الإنسان كلما زاد دخله، لكن حسب ما جاء في الأوامر السامية فإنّ سقف القروض لن يتم رفعه وهذا ما سيؤدي إلى كبح جماح الإنفاق، مشيرا إلى أنه يأمل ألا تشهد أسعار الإيجارات مزيدا من الارتفاع خلال المرحلة القادمة خاصة وأن السوق حالياً متوازن بين العرض والطلب بعد أن كانت هناك زيادة في الطلب عن حجم المعروض.
وأضاف أن التحدي الآن هو نوعية السكن وليس الكم، فالموقع الآن وحجم الخدمات المقدمة والقريبة أصبحت عاملا مهما في تحديد أسعار المساكن والأراضي. وأوضح أن بعض المناطق بدأت تشهد ارتفاعا في الأسعار، لكن هذا غير مرتبط بزيادة الدخل، بقدر ما أنه مرتبط برغبة المواطنين في الحصول على مسكن يتضمن إمكانية الوصول للخدمات التي يحتاجونها، مؤكدا أن فكرة القرب من الأهل كمعيار وحيد لاختيار المسكن بدأت تنحسر أمام أهمية أن يكون المسكن قريبا من المرافق والخدمات، وكذلك القرب من مكان العمل أو الوظيفة أو على الأقل يرتبط بها عبر طرق مثلما هو ملاحظ في ارتفاع الأسعار في منطقة العامرات على سبيل المثال، فمع مد المرافق والخدمات وتسهيل المرور منها وإليها كان هناك ارتفاع في الطلب وبالتالي ارتفاع في السعر.
وقال خبير عقارات لـ"الرؤية" إن هناك تداخلاً في نتائج ارتفاع الأجور والرواتب وما ستؤدي إليه من رغبة في تحسين السكن خاصة وأن الفئة الأكبر من الموظفين والعاملين من الشباب، وبالتالي فإنهم إما حديثو الزواج أو يرغبون في تحسين حياتهم ومساكنهم.
وأوضح الخبير أن ارتفاع مستوى المعيشة لن يكون رد فعله المباشر ارتفاع في أسعار الإيجارات والمساكن لكن انتقال المجتمع ككل إلى مستوى معيشة أرقى يقابله نوعيات أرقى من الخدمات والمستويات المعروضة من المساكن وهو ما يتكلف كلفة أعلى وبالتالي يكون سعره أعلى، لكن هذا لا يعني أن أسعار نفس العقارات المعروضة حاليًا ستشهد طفرة كبيرة لأن السوق فعلياً في مرحلة تشبع، وإذا ما كانت هناك رغبة من شريحة معينة من الموظفين في تحسين مستوى سكنهم فإنّ هذا سيعني انتقالهم من مسكن لآخر أي ارتقاء ضمن نفس الأسعار المعروضة والذي ربما لم يكن دخله يتيح له قبل ذلك تحمل إيجارها، لكن هذا سيعني على مستوى المعروض أن إحدى المساكن قد تم شغلها وواحدة أخرى قد أصبحت خالية بما يعني تغيرًا في المراكز وليس زيادة في العرض.
وأكد أنّه لا يستبعد تمامًا حدوث "اختلافات" في الأسعار لكنه سيكون مرتبطًا بحالة عامة فإذا ارتفعت على سبيل المثال أجور العمالة الوطنية مع شح في العمالة الوافدة وانتشار ظاهرة التجارة المستترة التي لا يمكن من خلالها توفير عمالة وافدة جيدة، فإنّ هذا كله سيكون له مردود على أسعار المناقصات ومواد البناء والخدمات وغيرها وكحلقة أخيرة سيكون له تأثير على أسعار المعروض من المساكن.