مطالب تسريع إجراءات التراخيص للأنشطة السياحية
مقترحات بإقامة نزل تراثية وبيوت ضيافة عمانية بالمحافظات
الرؤية- نجلاء عبدالعال
تصوير/ ديانا الحوسني
دعت ورشة العمل المعنية بمناقشة تحديات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في قطاع السياحة إلى إيجاد نظام تمويل إسلامي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القطاع، فضلا عن المطالبة بتسريع إجراءات التراخيص للأنشطة السياحية بوزارة السياحة.
وأشاد معالي أحمد بن ناصر المحرزي وزير السياحة بالجهد الذي بذله المشاركون في الورشة وآليات مساعدتها لمواجهة هذه التحديات. وأكد معاليه أنّ هناك عددا من المقترحات التي طرحتها الورشة، تمّ وضعها في عين الاعتبار في التعديلات المقترحة لمسودة قانون السياحة، مشيرًا إلى أنّ البعض الآخر سيتم تقييم آليات إدخاله حيز التنفيذ. وقال معاليه- في ختام الورشة التي استمرت على مدى يومين بفندق قصر البستان- إنّ أهم ما يميّز هذه الورشة أنّها جمعت غالبية أطراف المشاركين في مسؤولية التعامل المباشر مع أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة معًا، وعلى طاولة واحدة، حتى يمكن تبادل وجهات النظر بما يخرج بحلول قابلة للتنفيذ.
واستمع معاليه لما استخلصه كل فريق من مقترحات حول عدد من المحاور بهدف الخروج بمشروعات لتخطي التحديات في كل محور؛ حيث كانت الورشة قد شكلت فرقًا يختص كل منها ببحث مواجهة أحد المحاور الست التي تمّ الاتفاق على أنّها تشكل أهم المعوقات التي تواجه رواد الأعمال في مجال السياحة. وناقش معالي الوزير مع أعضاء الفرق بعض تفاصيل المشروعات التي تمت صياغتها خلال ورشة العمل، وأشار إلى أنّ بعضها يجري بالفعل تنفيذه من قبل الوزارة، وذكر منها مشروع إنشاء تطبيق على الهواتف الذكيّة، وتطوير الموقع الإلكتروني للوزارة، ليصبح أكثر تفاعلية وفائدة لأصحاب المؤسسات، وبما يوفر عليهم الوقت والجهد الذي ينفقونه في الاستفسار المباشر.
الجلسة الختامية
وخلال الجلسة الختامية للورشة، أكّد خلفان الراشدي نائب رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة عمان أنّ الأكثر أهمية من التوصل لمقترحات، هو تطبيقها على أرض الواقع، وأن تكون هناك متابعة لهذا التنفيذ؛ بحيث تتم محاسبة المقصر. فيما قال الشيخ صلاح المعولي مدير عام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالهيئة العامة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إنّ هناك مسؤولية جماعية تقع الآن على جميع الأطراف لتحويل هذه المقترحات إلى واقع، مشيرا إلى أنّ هناك جزءًا كبيرًا من المسؤولية يقع على رواد الأعمال أنفسهم الذين يحتاجون لاستغلال ما تمّ منحهم إياه من حقوق في شكل قرارات وميزات تختص بها المؤسسات التي يتفرغ أصحابها لإدارتها.
قرارات وتوصيات
وخرج المشاركون في الورشة بعدد من القرارات والمشروعات التي تساعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على التطوّر والنمو والمساهمة في تنشيط قطاع السياحة بشكل عام، وكان من أبرزها إنشاء قسم معني ببحوث السوق السياحي، وإنشاء نزل تراثية وبيوت ضيافة عمانية بالمحافظات، تعمل في مجال استقبال السيّاح، إضافة إلى إيجاد نظام تمويل إسلامي لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القطاع السياحي، وكذلك التنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالترخيص للأنشطة السياحية للخروج بخطة مختصرة، تتضمن خارطة طريق سريعة لترخيص المشاريع السياحية بشكل أسرع. كما طالبوا بتنفيذ برنامج تدريب وتأهيل متكامل للمقبلين على المشاريع الصغيرة والمتوسطة في القطاع السياحي، مع تدريب وتأهيل موظفي وزارة السياحة في خدمة العملاء والتوعية والإعلام.
وتوصل المشاركون إلى أنّ المشروعات السياحية الصغيرة والمتوسطة تواجه تحديات متعددة الأوجه، تبدأ بالإجراءات اللازمة للشروع في العمل، مرورًا بالحصول على التمويل، وهي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال السياحة أكثر مما تعانيه العاملة في مجالات وقطاعات أخرى، بل إنّ بعض الدراسات وفقًا لما تمّ عرضه خلال الورشة اثبتت أنّ المؤسسات السياحية الصغيرة والمتوسطة تواجه تحديات أكبر من غيرها في الحصول على التمويل وذلك بسبب تعرضها لمخاطر أكبر حسب رؤية المؤسسات التمويلية.
غير أنّه على الجانب الآخر، تمّ التأكيد على أنّ هناك فرص واسعة لإقامة وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في قطاع السياحة، كما أنّ فرص نجاحها كبيرة جدًا في ضوء الإمكانات والمقومات السياحية العديدة والمتنوعة التي تزخر بها السلطنة، إذ تمكنت الوزارة من تذليل العقبات ومعالجة التحديات التي تواجه هذه المؤسسات وفي مقدمتها التمويل والدعم الفنّي واللوجستي لأصحاب تلك المؤسسات، وإن ظلت هناك عقبات منها تعقيد الإجراءات الحكومية الخاصة بإقامة مشروع سياحي. وتبدأ هذه العقبات بتحديات التمويل التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتمثلة في محدودية الموارد المخصصة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والشروط المعقدة المطلوب استيفاؤها من قبل هذه المؤسسات للحصول على التمويل، والتكلفة العالية للقروض، وعدم وجود مؤسسة متخصصة لتقديم الضمان نيابة عن هذه المؤسسات مما يعيق حصولها على التمويل.
دراسة مسحية
وتشير نتائج الدراسة المسحية المشتركة بين اتحاد المصارف العربية والبنك الدولي عن حصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط من إجمالي القروض إلى تدني هذه النسبة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتبلغ نحو 2%، وتأتي عمان في المرتبة الثانية بين دول المجلس وبنسبة 2% بعد دولة الإمارات العربية المتحدة والتي حققت بنسبة 4%. في حين أنّ حصة هذه المؤسسات في بعض دول المنطقة تتجاوز كثيرًا حصتها في السلطنة إذ تبلغ نحو 10% في الأردن، و15% في تونس، وتصل إلى نحو 24% في المغرب، أمّا أبرز التحديات والمعوقات التي تواجهها المؤسسات العاملة في قطاع السياحة بشكل منفرد فتتركز بشكل أساسي في جوانب اجتماعية وما يرتبط بها في سوق العمل خاصة من ناحية تقبل المجتمع المحلي للعملية السياحية والانخراط فيها وهو ما يستلزم الكثير من حملات توعية، وكذلك الارتباط الوثيق بين التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على التنمية السياحية.
واستعرضت النقاشات دور التخطيط الشامل والمتكامل للعملية السياحية مؤكدة على ضرورة إيجاد منتجات سياحية عالية الجودة وقادرة على المنافسة، والعمل على الزيادة المنتظمة في إعداد السياح، والحد من الآثار البيئية والطبيعية، ووضع أسس ومعايير وضوابط شفافة لتوزيع الأراضي السياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، كما كان للجوانب المؤسسية حيز وافر من المناقشات خاصة جوانب أهمية التحديث والتطوير المستمر للأطر التنظيمية والقانونية واللوائح، وإقامة المؤسسات الداعمة للقطاع مثل الجمعيّات والاتحادات المتخصصة بجانب إنشاء المؤسسات التعليمية والتدريبية في مجال السياحة، إضافة إلى ضرورة تأهيل وتدريب موظفي الوزارة في كافة الجوانب المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وفيما يتعلّق بمسألة التمويل، فتطرق المشاركون إلى تحديات التمويل الحكومي وأهميّة دعم استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وتشجيع إقامة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تحفيز مشاركة المجتمعات المحلية في إقامة المشروعات السياحية، كما شملت الحلقات النقاشية محور طبيعة القطاع السياحي خاصة وأنّ صعوبة الخدمات والمنتجات السياحية تكمن في كونها خدمات غير ملموسة ومتلازمة الانتاج والاستهلاك ومتقلبة في مستوى الإنتاج وقصيرة في عمر الإنتاج، وهذه خواص تزيد من صعوبة الاستفادة من القطاع مقارنة بالمنتجات الصناعية على سبيل المثال.
الظروف السياسية والمناخية
ولفتت دراسات مجمعة تمّ تقديمها خلال ورشة النقاش أنّ القطاع السياحي سريع التأثر بالظروف السياسية والمناخية، خاصة وأنّ البدائل والوجهات السياحية متعددة أمام السائح، ولذلك فإنّ تأثر السياحة سريع بالمنازعات السياسية وكذلك بالأنواء المناخية غير العادية. وحول آليات تطوير المنتج السياحي والتسويق، تطرقت النقاشات إلى أهمية استحداث منتجات سياحية جديدة، وتكثيف الحملات الترويجية، وكذلك تطوير الكتيبات والمطويات الترويجية، بجانب التحديث المستمر لموقع وزارة السياحة على الانترنت.
من جانبه، أوضح إيهاب الحاج الرئيس التنفيذي لمؤسسة بروسبير- التي تولت تنظيم ورشة العمل- أنّ ورشة العمل استهدفت توحيد المفاهيم والتطبيق، مؤكدا أنّه بالفعل خرج اليوم الأول بستة محاور وتمّ توزيع المجموعات باختيار الأفراد للمحاور التي يريدون المشاركة في مناقشتها، وتضمن كل محور الأفكار والمشاريع التي ينبغي مناقشتها للخروج بقرارات يمكن تنفيذها، وفقا لما وعد معالي وزير السياحة. وتابع أنّ الجهات الممثلة في ورشة العمل ضمت 20 جهة، أمّا المحاور فتشمل التمويل، والتسويق، والدعم الفني واللوجستي، والإجراءات والخدمات، والمبادرات والابتكار، إضافة إلى الثقافة والوعي المجتمعي، وهو ما شهد مناقشات بناءة في اليوم الثاني كانت وراء الخروج بهذه المقترحات العملية القابلة للتنفيذ.
فيما أشار يوسف بن أحمد الهوتي الباحث الاقتصادي بوزارة السياحة إلى أنّ الإعداد لورشة العمل بدأ منذ تمّ عقد ندوة سيح الشامخات، وقال إنّه منذ ذلك الوقت تمّ العمل على عقد هذه الورشة بشكل جماعي بين جميع مديريات الوزارة، كما تمّ التنسيق مع عدد كبير من الجهات وكان التفاعل إيجابي للغاية، ولضمان نجاح الورشة قامت الوزارة بإعداد ورقة علمية تجمع الدراسات المتخصصة التي تفيد هذا المجال. وأضاف أنّ الوزارة قامت بإجراء تقييم للموظفين لاختيار من يستطيع منهم المشاركة بفاعلية في الورشة، كما تمّ عمل استطلاع رأي لمعرفة ما يمكن أن يساعد على مواجهة التحديات التي تواجه القطاع وآرائهم في كيفية مواجهتها والتغلب عليها، مضيفا أنّه ستتم متابعة مخرجات الورشة وموافاة كل مشارك بتطورات ما يتم اتخاذه بشأنها.