أحمد محمد
الشمس تشرق من المغرب، إنها من علامات القيامة الكبرى، هذه علمها عند الله سبحانه جل في علاه، لكننا وبأم أعيننا شاهدنا شمس الكرة العربية والمغربية خصوصًا تشرق مجددًا من المغرب بعد أن فرض الفريق العربي الرجاء البيضاوي المغربي اسمه كأحد طرفي نهائي كأس العالم للأندية أمام العملاق العالمي والآوروبي وقلعة الكوؤس ومقبرة الأندية بايرن ميونيخ الألماني والذي لم يمهل خصمه كثيرا فأحرز هدفين في أول 30 دقيقة من عمر اللقاء وحصد اللقب وأحرز الخماسية التاريخية والتي يصعب كسرها .إن ما حققه الفريق العربي المغربي إنما هو معجزة في زمان ولى فيه زمن المعجزات، فهذه البطولة تجمع بين أبطال قارات العالم، آوروبا القديمة (بطل التشامبين ليج)، أمريكا الشمالية (بطل الكونكاف)، أمريكا الجنوبية (بطل الليبرتيتادوس)، أبطال آسيا، أبطال إفريقيا وبطّل الأقيانوس، إلا أنّ الرجاء لم يكن أحد هؤلاء إنما تفطن الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى أنّ جماهير البلد المضيف لا تعير اهتمامًا للبطولة طالما أنّ فريق البلاد أو المدينة لا يلعب فأشرك بطل البلد المنظم ليلعب مباراة تمهيدية مع بطل الأوقيانوس أضعف قارات العالم في كرة القدم ومع ذلك فقد جرت العادة ألا يذهب بعيدًا هذا الفريق القادم للمشاركة الشرفية ولكن الـ FIFA استفاد كثيرا هذه المرة ووجد الزخم الجماهيري الكبير حتى النهائي بعد أن تواجد الرجاء البيضاوي المغربي طرفا فيه وأي طرف.
العرب المغاربة كسروا هذه القاعد فأطاحوا بأوكلاند سيتي بطل أقيانوس والخبير في هذه البطولة بعد أن صار نديمها ويشارك بها كل عام ثمّ جاء الدور على مونتيري المكسيكي بطل الكونكاف ليخرج هذا الأخير من الباب الضيق رغم أن الترشيحات كانت تصب لمصلحته، كل ذلك كان يثير دهشة العالم بأسره، إذًا الكرة العربية والممثلة بالرجاء البيضاوي المغربي لم تتوقف مغامراتها ولكن أنّى لها الاستمرار فالقادم سيكون سحرة البرازيل بقيادة الابن المدلل والماكر رونالدينهو، إلا أن الراقي لاعب وسط دفاع الرجاء كان أدهى وأمر من العلقم على البرازيليين، ليضرب المغاربة بقوة وبلا هوادة ولعب مدربهم الداهية فوزي البنزرتي بواقعية معتمدا على المرتدات السريعة فأحسن المحسنان (محسن ياجور ومحسن متولي) ورفاقهما وفادة الضيوف السحرة بثلاثية مقابل زيارة يتيمة للسيلساو في الشباك المغربية وبهدف حفظ ماء الوجه لتاريخ رونالدينهو وبقية السحرة البرازيليين .
وفي الوقت الذي كانت فيه الأفئدة العربية من الخليج إلى المحيط قد تفطرت بالخروج المروع للمنتخبات العربية من السباق نحو الوصول لكأس العالم بالبرازيل والذي سيشهد حضورًا عربيًا يتيمًا لمحاربي الصحراء المنتخب الجزائري، إذا بأسود الأطلس يداعبون القلوب العربية وبدون استحياء لتنتعش هذه القلوب وتخفق وتنبض مجددا لتهفوا نحو مدينة أغادير المغربية لتقف خلف هذه الأسود الذين أعادوا للكرة العربية شيئًا من هيبتها التي فقدت في السنوات الأخيرة .
وليس العرب وحدهم من يقف خلف ابن جلدتهم، بل إنّ إفريقيا شمالا وجنوبا تتمنى أن تزأر الأسود الأطلسيّة وتكسر القاعدة كأول نادٍٍ من خارج آوروبا (6 ألقاب) وأمريكا الجنوبية (4 ألقاب) يحرز لقب كأس العالم للأندية حيث فشلت محاولة مازيمبي الكونغولي في عام 2010 وخسر أمام إنترميلان الإيطالي في النهائي فضلا عن التعاطف الكبير الذي يحظى به الفريق من الجماهير في قارات الأرض الأخرى آسيا وأوقيانوس والكونكاف.
وقد حمل الرجاء البيضاوي المغربي لواء الكرتين العربية والإفريقية ليعيد ماضيا تليدا للكرة المغربية إبّان عنفوانها ونار جذوتها، ومن منا لا يتذكر التيمومي وعبدالرزاق خيري مدرب نادي صحار الممتع حاليًا ورفاقهم العام 1986 في بطولة كأس العالم بالمكسيك يوم أن صنعوا التاريخ الكروي العربي كأول فريق ينطق بلغة الضاد ويتأهل للدور الثاني، لذلك سعى أبناء الرجاء إلى تجاوز هذا الإنجاز المغربي وتعويض إخفاقات الكرة المغربيّة التي غاب بريقها طويلا وترجّل فرسانها عن صهوات المجد الكروي إلا أنّ هناك من ينفض الغبار المتراكم على الكرة المغربية وبجهد ذاتي لأبناء الرجاء ليحملوا أوزارًا فوق أوزارهم وأهمها رجاء الجماهير العربية والإفريقية بتحقيق الحلم العالمي الكبير والذي وأده الجيرمان سريعًا ليعودوا باللقب السابع لأوروبا المهيمنة عالميًا على الكرة ومقدراتها وبطولاتها.
لقد عاش العرب حلما جميلا والأجمل أنّ الطرف الآخر لم يتواجد في النهائي بمحض الصدفة، بل بعرق وجهد جهيد بدأه بوب هاينكس مدرب البايرن السابق وبطل الثلاثية وأكمله جوارديولا الذي وضع البافاري البايرن ميونيخ في النهائي وتجاوز ذلك بأن أحرز اللقب العالمي كاحد أعتى الفرق العالمية بعد أن أطاح بجوانزهو الصيني في نصف النهائي وبثلاثية نظيفة حيث لم يمهل خصمه كثيرا ولم يضع أي اعتبار لتاريخ وقدرات ليبي الإيطالي مدرب الفريق الصيني.
إنّ المغاربة وبالرغم من واقعية أدائهم ومعرفتهم بقدراتهم وأنهم ينطلقون من قاعدة جماهيرية ويقف خلفهم جلالة الملك والشعب المغربي والعربي إلا أنّ الخصم هذه المرة المكائن الألمانية التي لا تتوقف إلا مع صافرة النهاية، العالم كله يعرف الجيرمان وانضباط الفرق الألمانية وأن الفريق البافاري قادم وفي جعبته رباعية تاريخية في موسم واحد (الدوري، الكأس، أبطال آوروبا، السوبر الآوروبية) ويطمح في أن يحقق خماسية تاريخية لم يسبقه إليها أي ناد في العالم وأحرزها وهو جدير بذلك بل إنّه الطرف الأقوى نظريا وعمليا وبكل المقاييس، ويكفي الفريق الألماني أنّ قائمته تحوي أحد أفضل لاعبي العالم في الوقت الراهن إنّه الفرنسي ريبيري ذو الرئتين والذي لا يهدأ ولا يستكين إلا عندما يعلن حكم المباراة فوز البايرن.
ما يهمنا نحن من هذه المقال كعرب أننا لسنا بأقل من غيرنا شأنا متى ما تحققت الإرادة والعزيمة والإصرار على تحقيق المتعة والانتصار، وحتى وإن لم يحقق عرب المغرب اللقب فيكفي أننا عشنا حلم التواجد كطرف قوي ومنافس في النهائي ليثبت أبناء أغادير مقولة "إنّ لله رجالا إن أرادوا أراد" ولمن أراد أن يستمتع ويتحمس لكرته العربية ويقف خلفها فعليه أن ينتظر أن تشرق شمس الكرة العربية ولكن من المغرب.