تشير كل الدلائل إلى أنّ النجاح لن يكتب لمحاولة وزير الخارجية الأمريكي ممارسة الضغوط على الدول العربية، لتضغط بدورها على الفلسطينيين للقبول باتفاق إطار يتضمن الاعتراف بـ"يهودية إسرائيل" ضمن محادثات السلام الجارية حاليا، والتي استؤنفت بين الفلسطينيين وإسرائيل نهاية يوليو الماضي برعاية أمريكية، بعد توقف استمر أكثر من ثلاثة أعوام.
لقد سعى الوزير الأمريكي جاهدًا خلال جولاته المكوكيّة بالمنطقة لتسويق هذا الاتفاق الإطاري الذي يوفر لإسرائيل كل ما تطالب به من ضمانات وتواجد على الأرض، وفوق هذا يقدم لها على طبق من ذهب المكافأة الكبيرة المتمثلة في الاعتراف العربي الفلسطيني بيهودية إسرائيل، لتمتطي لاحقًا ظهر هذه الهوية للتغوّل على المزيد من الحقوق الفلسطينية..وكانت هذه الضغوط الأمريكية حاضرة في لقاء وزير الخارجيّة الأمريكي مع نظرائه العرب في باريس. يحدث ذلك في الوقت الذي يأمل فيه الفلسطينيون والعرب جميعًا من الإدارة الأمريكية تحسين عروضها ومقترحاتها بشأن مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، بصورة تكفل تحقيق تقدم في سير المحادثات، عوضا عن تبني الوسيط الأمريكي وجهة النظر الإسرائيلية ومحاولة إقناع العرب بالموافقة عليها..
إنّ مثل هذه المحاولات لن تخدم عملية السلام، أو تدفع بخطواتها إلى الأمام، وإن بوصلة الضغوط الأمريكية اعتادت أن تؤشر في الاتجاه الخطأ، فبدلا من ممارسة هذه الضغوط على الطرف الإسرائيلي الذي يتحمل مسؤولية تعثر محادثات السلام، نجد أن واشنطن وبكل ما أوتيت من عناصر تأثير تحاول ممارسة الضغط على الطرف الفلسطيني والعربي لانتزاع المزيد من التنازلات منه لصالح إسرائيل ..
ويبقى القول إنّ الرسالة العربية للولايات المتحدة الأمريكية بوصفها راعية للمحادثات الجارية حاليًا بين الفلسطينيين وإسرائيل، واضحة وصريحة وهي أنّ العرب يرفضون الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل ويصرون على أنّ القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، كما يرفضون كذلك أي وجود أمني لإسرائيل في منطقة الأغوار بالضفة الغربية..
ونأمل أن تستوعب أمريكا هذه الرسالة على وضوحها، وتنقل مضمونها لإسرائيل وتقنعها بالتصرف بمقتضاها، لأنّه وبدون هذه الثوابت لن يكون هناك سلام.