إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جنوب السودان.. تجليات الصراع القديم داخل الحركة الشعبية تسيطر على المشهد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جنوب السودان.. تجليات الصراع القديم داخل الحركة الشعبية تسيطر على المشهد


    جوبا - الأناضول
    حصرت تقارير إعلامية وتحليلات مراقبين طبيعة الأزمة الراهنة في جنوب السودان في الصراع العرقي، وهو ما اعتبره مراقبون محليون تجاوزا لجملة حقائق موضوعية، ساهمت في تفاقم الأوضاع داخل الدولة حديثة الاستقلال بعد انفصالها عن السودان في يوليو 2011.
    فالصراع، الذي بدأ منتصف ديسمبر الماضي، بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها على خلفية اندلاع قتال بين وحدات مختلفة من الحرس الرئاسي في العاصمة جوبا، امتد لاحقا إلى أنحاء أخرى في البلاد، جاء تجسيدًا لاحتقان سياسي طويل، ومتجذر داخل "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، التي تمثل الحزب الحاكم في جنوب السودان، والذي يضم في قيادته العليا كوادر تنحدر من شتي أنحاء البلاد، ومعظمهم ساهم فيما يعرف بـحرب التحرير (1983-2011)، التي انتهت بانفصال جنوب السودان عن شماله.
    رياك مشار قائد المعارضة المسلحة، (ينتمي لقبيلة النوير)، كان يشغل منصب نائب الرئيس، حتى يوليو 2012، وبدأ خلافه بتوجيه انتقادات للرئيس سلفاكير ميارديت (ينتمي لقبائل الدينكا) بصفته عضوًا في المكتب السياسي للحركة الشعبية، ونائبًا لرئيسه على المستوى القومي.
    وشارك مشار في موقفه المناوئ للرئيس، مجموعة من قيادات الحزب، الذين ينحدرون من خلفيّات إثنيّة مختلفة؛ منهم الأمين العام السابق للحزب باقان أموم الذي تعود أصوله إلى قبيلة (الشلك) بولاية أعالي النيل (شمال شرق)، وربيكا قرنق عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، وأرملة الراحل جون قرنق رئيس الحركة ( قبيلة الدينكا) وتنحدر أصولها من ولاية جونقلي (شرق).
    مراقبون يرفضون توصيف الحرب بـ"الإثنية" (العرقية)، ويدللون على ذلك بأنّ مجموعة المعتقلين السياسيين الذين يطالب مشار بإطلاق سراحهم قبيل توقيع اتفاق في أديس أبابا لوقف الحرب، ينتمي معظمهم لقبيلة الدينكا – مسقط رأس سلفاكير- ومنهم مجاك أقوت نائب وزير الدفاع السابق، ودينق ألور كوال وزير مجلس الوزراء السابق، وعضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، وقير شوانق ألونق وزير الطرق والمواصلات السابق، ومدوت بيار وزير الاتصالات السابق، وخميس عبد اللطيف مستشار وزير الداخلية السابق.
    العقيد جيمس كونغ شول المنشق عن جيش الحكومة، والذي نصب نفسه حاكمًا لولاية الوحدة (شمال)، في بداية الأحداث قبل أن تطرده القوات الحكوميّة من الولاية منذ أيام، نفى في تصريحات صحفية، "أن تكون الحرب الدائرة الآن حربًا ذات أبعاد إثنية، بين قبيلتي الدينكا، والنوير في جنوب السودان"، واصفا إيّاها بـ"الحرب ضد الديكتاتورية".
    أمّا الصحفي والمحلل السياسي بصحيفة المصير (أول صحيفة ناطقة بالعربية في جنوب السودان) كندي نيمايا، فيرى أنّ ما يحدث الآن في جنوب السودان ما هو إلا تجليّات لصراع قديم داخل الحركة الشعبية، قائلا لوكالة الأناضول: "هو صراع علي السلطة استفحل بعد القرارات الأخيرة، التي أصدرها الرئيس سلفاكير، بحل الحكومة، وتجميد أجهزة الحزب العليا.
    ومضى كندي بالقول: "في بداية الأزمة حدثت تجاوزات إثنيّة في مناطق إقامة قبيلة النوير، وكذلك الحال بالنسبة للمدنيين من قبيلة الدينكا، الذين تعرّضوا للاستهداف في ولاية الوحدة التي تقطنها أغلبيّة من مجموعة النوير، لكن الآن وبعد بدء التفاوض بدأت الأزمة تأخذ بعدها السياسي، حيث نرى في الفريق التفاوضي للحكومة أعضاء من كل مجموعات جنوب السودان بمن فيهم النوير، وهو نفس ما ينطبق علي وفد مشار الذي يضم مفاوضين من كافة أرجاء جنوب السودان، بمن فيهم الدينكا، فالمسألة ذات طابع سياسي، تفاوضي، لا يحتمل أي تصعيد على الأساس الإثني.
    أيونق ماثيو وهو مثقف ومفكر جنوبي وصف المشهد بأنّه "مشكلة سياسية، أراد لها بعض القادة أن تكون إثنية في أسبوعها الثاني، وهي إحدى إشكاليات المجتمعات الهشة، فطريقة حياة الناس في دولة جنوب السودان دائما تكون التربية على أساس القبيلة، فتجد الولاء للقبيلة أقوى من الوطن، وهو ما تسبب في انشقاقات وسط الجيش".
    وقال ماثيو للأناضول: "وارد أن يتحول الصراع إلى إثني، ومن هنا يصعب على المراقب الجزم بأنّه صراع سياسي، دون إضافة تأثير عنصر الإثنية عليه، ولو نظرنا لأطراف النزاع تجدهم يشكلون قيادة الصف الأول للحركة الشعبية، وهم في نفس الوقت رموز في مجتمعاتهم القبلية".
    وبحسب مراقبين فإنّ البعد الإثني (نحو 63 مجموعة إثنية)، لم يكن وليد الأزمة الراهنة بجنوب السودان، لكنّه متجذر منذ الحرب الأهلية التي اندلعت في خمسينيات القرن الماضي، وأضعف معه روابط الانتماء القومي.
    البعض يرى في تجربة الكفاح المسلح، وتكوين الجيش الشعبي لتحرير السودان (الجيش الحكومي القومي حاليا)، مؤشرات على وجود نواة مشتركة، يمكن أن يقوم عليها بناء وطني متكامل، خاصة في أوقات الأزمات السياسية.
    لكن يظل صراع السلطة، وعدم اكتمال بناء المؤسسات، وعدم تحول الجيش من حركة كفاحية، إلى مؤسسة قومية، بجانب تعثر خطوات انتقال الحركة المسلحة (الحركة الشعبية)، إلى مؤسسة سياسية مدنية، كلها عوامل فجّرت الصراع داخل الدولة الوليدة، التي عاشت، وما زالت تعيش، حالة من الاحتقان.
يعمل...
X