غزة - الأناضول
عاد الاحتلال الإسرائيلي إلى تنفيذ سياسة الاغتيالات بحق قادة وكوادر فصائل المقاومة الفلسطينية، وهي السياسة القديمة الجديدة التي رأى محللون سياسيون أنها بمثابة كرة الثلج التي قد تتدحرج لتصل بالوضع الأمني إلى حافة الهاوية.
واغتالت إسرائيل اثنين من كوادر الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة فجر الأربعاء الماضي في عملية، قالت إنها مشتركة بين سلاح الجو الإسرائيلي، والشاباك (جهاز المخابرات). وزعم الجيش الإسرائيلي مسؤولية أحد المستهدفيْن عن قصف مستوطنات إسرائيلية بالصواريخ وقت تشييع جنازة رئيس وزراء إسرائيل الأسبق آرئيل شارون الأسبوع الماضي. وقبل ثلاثة أيام كانت طائرات إسرائيلية قد استهدفت أحمد سعد، أحد قادة الجناح المسلح في حركة الجهاد الإسلامي، لكنه نجا بعد إصابته بجراح خطيرة. وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية -في تقرير نشرته على موقعها- أن المؤسسة الإسرائيلية قررت أن تنتقل من الرد على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة إلى الاغتيالات المحددة. وقالت الصحيفة إنه في حال لزم الأمر فستلجأ الحكومة الإسرائيلية لما وصفته بالاغتيالات الساخنة، لردع حركة حماس والجهاد الإسلامي والفصائل في قطاع غزة.
وتصف أحرونوت سياسة الاغتيالات بالناجحة، وأنها يتمتع بالعديد من المزايا في مقدمتها ضرب المعنيين مباشرة، كما أن إسرائيل تملك الشرعية الدولية فبحسب الصحيفة فإن أمريكا تستخدم هذا الأسلوب ضد تنظيم القاعدة.
ويقول الدكتور مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، إن إسرائيل لم تعد تستهدف ناشطين يقومون بإطلاق صواريخ تجاه التجمعات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، وإنمّا باتت توجه ضرباتها في خطوات مدروسة تستهدف عودة سياسة الاغتيالات.. ويرى أبو سعدة -في حوار مع مراسلة وكالة الأناضول للأنباء- أن سياسة الاغتيالات التي بدأت إسرائيل في انتهاجها مؤخرا تعد مؤشرا خطيرا لما قد تسفر عنه الأيام المقبلة. وتابع: "إسرائيل لا تريد في الوقت الراهن أن تشن حربا واسعة، أو عملية عسكرية كبيرة بحق قطاع غزة؛ فتحاول أن تستهدف بين الفينة والأخرى نشطاء وكوادر من الفصائل، وهذه السياسة هي سياسة حافة الهاوية." ويقول أبو سعدة إن وصفه لهذه السياسة بـ"حافة الهاوية"؛ لأنها تستهدف قادة فصائل المقاومة التي تقوم بالرد، وهو ما يؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية، وتدحرجها ككرة الثلج. ولفت إلى أن هذه السياسة ليست جديدة على إسرائيل، وإنما هي نهج إستراتيجي تلجأ إليه كلما أرادت أن تردع الفلسطينيين.
ويرى طلال عوكل الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية المحلية أن إسرائيل تلجأ إلى سياسة الاغتيالات كلما أرادت أن تشن عدوانا كبيرا على قطاع غزة. وقال عوكل في تصريح لـ"الأناضول" إن إسرائيل تمارس هذه السياسة كمؤشر قوي على اقتراب شنها لعدوان واسع. وأضاف: "هي تريد البحث عن مبررات، وباغتيالها لقادة فصائل المقاومة، فإنها ستجلب ردات فعل من الفلسطينيين في قطاع غزة، وتقوم بالتصعيد أكثر فأكثر." ولفت عوكل إلى أن إسرائيل استخدمت هذا النهج وهذه السياسة في سابق الأعوام فاغتالت رموز وكوادر فلسطينية أدى مقتلها إلى إخراج الفصائل عن طورها والرد على إسرائيل بكل قوة الأمر الذي تسبب بمواجهات عنيفة.
وفي العام 2004، وجَّهت إسرائيل ضربة قوية لحركة حماس عبر أسلوب الاغتيالات إذ استهدفت زعيمها الشيخ أحمد ياسين في قصف من طائرة أباتشي استهدفه أثناء خروجه من المسجد بعد صلاة الفجر بتاريخ 22 مارس 2004.