القاهرة - الوكالات
حلت، أمس، الذكري الثالثة لثورة 25 يناير المصرية، وسط تعقيدات بالغة في المشهد السياسي، وتزايد الانقسام في الشارع بين المؤيدين لخارطة الطريق التي أعلنها الجيش في 3 يوليو 2013 وعزل على أثرها الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وأنصار ما يُطلق عليه "تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب".
ففي الوقت الذي دعا فيه الرئيس المؤقت عدلي منصور ورئيس الوزراء حازم الببلاوي وقيادات حكومية بنزول الجماهير للشارع للاحتفال، مع تعهدات بتأمينهم، تظاهر فريق من المناهضين لخارطة الطريق في القاهرة وعدد من المحافظات المصرية.
وقد وفرت قوات الأمن الحماية الكاملة للمتظاهرين في ميدان التحرير عبر تركيب بوابات إلكترونية وتفتيش دقيق للداخلين للميدان، بينما واجهت الكثير من المعارضين لها في مختلف الميادين بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي، وقد وصل عدد القتلي إلى نحو 40 قتيلا خلال تظاهرات أمس، بحسب إحصاءات لم يتم التأكد منها حتى مثول الصحيفة للطبع.
وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع وأعيرة نارية في الهواء في مسعى لمنع المتظاهرين المعارضين للحكومة من الوصول إلى ميدان التحرير رمز انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بمبارك.
وبدلا من الاحتفال بالانتفاضة، تجمعت حشود من المصريين في ميدان التحرير بالقاهرة للتعبير عن تأييدهم للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي.. وأبرزت الهتافات المؤيدة للسيسي الرغبة السائدة في وجود رجل عسكري حازم يمكن الاعتماد عليه في إنهاء الاضطرابات السياسية التي تشهدها مصر منذ انتفاضة 2011 والتي عصفت باقتصاد البلاد.
غير أنه لا تلوح في الأفق بوادر على إنهاء العنف في الشوارع مع سماع دوي إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع في وسط القاهرة أثناء مواجهات بين الشرطة ومحتجين مناوئين للحكومة.
وقتل أربعة مُحتجين في مناطق مختلفة بالعاصمة التي نشرت فيها ناقلات جنود مدرعة لحفظ الأمن، كما وضعت أجهزة للكشف عن المعادن في التحرير ليمر عليها كل من يدخل الميدان.
وفي محافظة المنيا بجنوب البلاد، قال العميد هشام نصر مدير البحث الجنائي بمديرية أمن المحافظة: إن شخصين قتلا في اشتباكات بين أنصار مرسي وقوات الأمن. ولقيت امرأة حتفها في الاسكندرية -ثاني كبرى المدن المصرية- أثناء اشتباكات بين أنصار الرئيس المعزول وقوات الأمن.
وهنأ الجيش المصريين بذكرى انتفاضة 2011، وقال إنه سيساعد الشعب في الحفاظ على مكتسبات "ثورة" 30 يونيو في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية التي دفعت الجيش لعزل مرسي.
واشتعل التوتر من جديد بعد تفجيرات دامية أودت بحياة ستة أشخاص في القاهرة الجمعة. وقال موقع سايت الإلكتروني لمراقبة مواقع الإسلاميين على الإنترنت إن جماعة أنصار بيت المقدس التي تتبع نهج القاعدة وتنشط في شبه جزيرة سيناء أعلنت مسؤوليتها عن التفجيرات.
وفي ساعة مبكرة صباح أمس انفجرت قنبلة قرب معهد مندوبي الشرطة في القاهرة. وقالت وزارة الداخلية إن الانفجار لم يسفر عن وقوع إصابات.. وفي وقت لاحق ذكر التليفزيون المصري أن دوي انفجار هائل سُمع في محيط معسكر قوات الأمن بمدينة السويس شرقي القاهرة، أمس.
وقالت شاهدة عيان إن الانفجار هز حي فيصل الذي يوجد به المعسكر. وأضافت بأن دوي إطلاق نار كثيف استمر نحو نصف الساعة بعد الانفجار.. وذكرت وزارة الصحة أن التفجير "الإرهابي" بالسويس أسفر عن إصابة تسعة أشخاص.. وأكدت الوزارة في بيان عدم وقوع أي حالات وفاة.
وقال المحامي العام لنيابات السويس المستشار أحمد عبد الحليم لرويترز: "تم العثور على أجزاء من سيارة يرجح أن تكون متسببة في الانفجار".. وكان مصدر أمني قد قال لرويترز إن التحريات الأولية أشارت إلى سيارة ملغومة.
وفي التحرير بدت الأجواء أقرب ما تكون إلى تجمع انتخابي للسيسي منها إلى احتفال بانتفاضة 2011 التي استمرت 18 يوما، وأحيت آمال المصريين حينها في حكومة ديمقراطية مدنية تتولى السلطة في البلاد.
وشوهدت وسط الحشود، أمس، لافتات ضخمة وملصقات وقمصان عليها صور السيسي الشهيرة التي يظهر فيها مرتديا نظارته السوداء. وردَّد المشاركون هتافات مؤيدة لوزير الدفاع.
وعبَّرت امرأة تدعى هبة عن رفضها لانتفاضة 2011، وقالت إن الثورة المهمة جاءت حين خرج المصريون في احتجاجات حاشدة أدت إلى إطاحة الجيش بمرسي في يوليو. وأضافت "أنا هنا لتأييد السيسي".. غير أن هناك آخرين لم تكن لديهم فرصة للتعبير عن آرائهم. فقد أطلقت الشرطة أعيرة في الهواء لتفريق نحو ألف محتج معارض للحكومة في حي المهندسين بالجيزة ومسيرتين أخريين في وسط البلاد.
وكان بعض المتظاهرين من أنصار الإخوان المسلمين في حين كان هناك آخرون من النشطاء الليبراليين. وقال شهود إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على حشود متجهة إلى التحرير في مسيرة مناوئة للحكومة. وقال هشام صادق -وهو طالب جامعي- إنه يحتج على "حكم العسكر وبلطجية الداخلية".