القلقُ العالميُّ إزاء ما يحدثُ في أوكرانيا من تطوُّرات له ما يُبرره؛ حيث إنَّ الأوضاع في ذلك الجزء من العالم مُرشحة -وبقوة- للخروج عن السيطرة، في ظل الاستقطابات الحادة بين المؤيدين لطرفي الصراع في هذا البلد.
وتؤجِّج الأزمة -التي اندلعت في أعقاب رفض المعزول فيكتور يانوكوفيتش توقيع اتفاق سياسي وتجاري مع الاتحاد الأوروبي، وما أعقبه من احتجاجات- التوتر في الصراع بين الشرق والغرب، وتعيد للأذهان ذكريات الحرب الباردة بين القطبين.
فمِنْ جهة: ترمي روسيا بثقلها دعمًا للرئيس المعزول يانوكوفيتش، بينما تساند الولايات المتحدة وأوروبا السلطات الجديدة في كييف.
هذه التجاذبات قد تدفع بالأمور إلى التصعيد لتتخذ منحًى صداميًّا يُشكل مُهدِّدًا للاستقرار ليس في محيط أوكرانيا فحسب، بل على المستوى العالمي.
... إن القلق الغربي من تحركات القوات الروسية في منطقة القرم الأوكرانية، يقابله قلق مواز من روسيا بشأن التدخلات الغربية في الشأن الأوكراني، وهذا يتطلب إيجاد نقطة توازن من خلال امتناع جميع الأطراف ذات الصلة بالملف الاوكراني عن الإتيان بأي تصرفات يُمكن أن تزيد من توتر الأوضاع، وتدفع بها صَوْب مواجهة بين روسيا والغرب، بعد أن أخذ الطرفان يتباريان في صبِّ المزيد من الزيت على نار الأزمة المُلتهبة، بدلا من نزع فتيل التصعيد.
ويخشى مراقبون أن تكون منطقة القرم المُتمتعة بالحكم الذاتي، ضمن دولة أوكرانيا، بمثابة الشرارة التي تشعل الأوضاع في كامل المنطقة؛ وذلك لطبيعتها المُتداخلة مع روسيا، ولنظرة روسيا لها باعتبارها حديقتها الخلفية ضمن عُمقها الجيوإستراتيجي.
... إن هذه الوتيرة المُتسارعة للأحداث في أوكرانيا، تنذر بعواقب وخيمة على السلم والأمن الدوليين، إذا لم يتم تداركها؛ مما يُعظم الحاجة لجهد دولي فعَّال ومؤثر لتلافي الأوضاع واحتوائها قبل انفجارها.