مسقط - رياض السيابي
نظمت وزارة التنمية الاجتماعية -ممثلة في دائرة الحماية الأسرية- مؤخرا، حلقة عمل تدريبية حول "كيفية التعامل مع حالات الإساءة للأطفال"، لعدد من المشاركات العاملات في مختلف أقسام دائرة الحماية الأسرية من الإخصائيات الاجتماعيات والنفسيات ومشرفات السكن؛ وذلك بمقر مركز رعاية الطفول بالخوض.
وقدَّمت فاطمة صقر مصطفى خبيرة التدريب بمركز رعاية الطفولة للمشاركات على مدى 5 أيام جملة من المضامين النظرية، إلى جانب إجراء التطبيقات العملية عليها، ومن ذلك الإساءة للطفل بجميع أشكالها الجسدية والعاطفية والجنسية والإهمال أو المعاملة بإهمال أو الاستغلال مما يؤدي إلى أذى فعلي أو كامن لصحة الطفل وبقائه ونمائه وكرامته، وقد تتضمن الإساءة -أحيانا- أكثر من نوع، وبالتالي تعد إساءة مركبة، ومن ذلك الإساءة الجنسية قد تتضمَّن إساءة جسدية في آن واحد، وفي الحقيقة أن غالبية الإساءات تعتبر إساءات مركبة؛ لأنها جميعاً تتضمن الإساءة العاطفية، وجميعها تؤلم الطفل وتؤثر سلباً على تطوره وتعلمه.
وبعدها، تطرَّقت إلى الحديث عن أنواع الإساءات وآثار كل منها كالإساءة الجسدية للطفل، والتي ينتج عنها أذى جسدي فعلي أو كامن خلال حدوث التفاعل أو غيابه. ومن المتوقع أن يكون تحت سيطرة والده أو والدته أو شخص موضع مسؤولية، أو ثقة، أو سلطة، وقد تكون حادثة بعينها أو مكررة. وعن آثارها، فقد أوضحت بأنه يصعب فصل النتائج التي لها علاقة بالنواحي الجسمية عن العاطفية، وتتراوح درجات الإساءة الجسمية من المتوسطة إلى الخطرة، وهناك عدد كبير من الحالات التي قد تؤدي إلى الموت، كما أنها تؤدي إلى الشعور بعدم الثقة والامان، ومشاكل في التكيف، وقلق وانعزالية.
وتتمثل الإساءة العاطفية في قصور ولي أمر الطفل في توفير بيئة نمائية تشجيعية سليمة، يتوفر فيها وجود راعي أساسي (رمز) يرتبط به الطفل ارتباطا عاطفيا لضمان نموا مستقرا له، ضمن علاقة مسؤولية أو ثقة أو سلطة، ويسمح للطفل بتطوير قدراته الاجتماعية والعاطفية التي تتفق مع قدراته الشخصية ومحيط البيئة التي يعيش فيها، ويؤدي هذا القصور إلى أذى في تطور الطفل الصحي والجسدي والعقلي والعاطفي، والأخلاقي، والاجتماعي، ومن أمثلتها: تقييد حرية الطفل، والتقليل من قيمته، والإساءة لسمعته، وتحميله مسؤوليات ينوء عنها، وتخويفه، وممارسة التمييز عليه، أو أي شكل من أشكال التعامل السيئ الذي يقوم على الكره والرفض.
وفي هذا الصدد، أثبتت الدراسات أن أخطر النتائج على النواحي الاجتماعية والعقلية للنمو كانت من الإساءة العاطفية، وأن الإساءة اللفظية والافتقار العاطفي والعنف الجسدي والإهمال ينتج عنه أطفالاً ذوي ارتباطات قلقة بدلاً من الارتباطات الآمنة، ويظهرون إحباطاً وعدواناً وغضباً، كما يظهر تراجع في المهارات التطورية للأطفال الذين يعانون من الإساءة العاطفية وغياب الوالدين، والأطفال في هذه المجموعة كانوا يحبطون بسرعة عندما توكل إليهم مهمة جديدة، ويشعرون بالسلبية والقلق تجاه هذه المهام.
وبشأن الإساءة الجنسية، فهي عبارة عن توريط الطفل في نشاطات جنسية لا يستوعبها كليا، وغير مهيأ نمائياً لهاً، وغير قادر على التعبير عن قبولها أو رفضها، ومخالفة للقوانين، وتحدث هذه الإساءة من خلال نشاطات جنسية من البالغ على الطفل أو من طفل آخر أكبر منه سنا أو تطوراً، والذي يكون مسؤولا عنه وموضعا لثقته أو بيده السلطة، وقد يكون من عائلة المساء إليه أو شخص معروف لديهم أو شخص غريب، وهدفها إشباع حاجات ومتعة المسيء، ومن صورها: إغراء الطفل أو إكراهه على الاشتراك بنشاط جنسي غير قانوني، واستغلال الطفل في الدعارة وسواها من الممارسات الجنسية غير القانونية، واستغلاله في العروض والمواد الإباحية.
كما أن آثارها تتمثل في: خوف، واضطراب، وسلوك عدواني، وغضب، والإحساس بالاضطهاد، وإحباط، وإحساس بالعزلة، وضعف الثقة بالآخرين، وضعف في تقدير الذات، وأذية النفس، والانفصال عن العالم الخارجي، وإيذاء النفس، ومحاولة الانتحار، وفقدان الشهية أو الشراهة، وتغير في الأداء المدرسي.
إخفاق في توفير الاحتياجات
وتناولت خبيرة التدريب في حديثها عن الإهمال الذي يتمثل في إخفاق ولي أمر الطفل في توفير الاحتياجات النمائية في مجالات الصحة والتعليم والتطور العاطفي والتغذية والمسكن والظروف الحياتية الآمنة؛ مما يؤدي فعلا أو احتمالاً إلى حدوث أذى للطفل في صحته أو تطوره الجسدي والعقلي والعاطفي والأخلاقي والاجتماعي، وإن خصائص الأطفال المهملين تتخلص في أنهم عندما يكبرون يكونوا كثيري الحركة وضعيفي التركيز، ولديهم قابلية ضعيفة للاهتمام بالآخرين، ويظهرون تأخراً في التطور، وأيضا ضعف في القابلية للتعلم وضعف في التحدث، وضعف في العلاقات الاجتماعية، ويتعرضون للحوادث بسبب الإهمال، ومن الممكن أن يتوقف نموهم، إلى جانب انخفاض في تقدير الذات.
وخلصت إلى التأكيد على مشاركات الحلقة بأن للأسرة الدور الأكبر في تنشئة وتنمية الأطفال وحمايتهم من كل أشكال الإساءة، وهذا الدور لا يقتصر على الرعاية داخل البيت بل يكون أيضا من خلال التواصل مع المدرسة والمشاركة الفعالة في مجالس الاباء، والعمل على تشجيعهم لتكوين علاقات سليمة مع الاخرين، والاهتمام بمعايير الأمن والأمان للمرافق المجتمعية والقوانين والتشريعات التي تسن لضمان نماء الأطفال واستقرارهم، وبالتالي خلق مجتمع صديق وآمن لهم.
وتطرَّقت الحلقة لطرق التعامل مع الطفل الذي يهدد بالانتحار، وبيَّنت فاطمة صقر للمشاركات بعض الحقائق المتصلة بهذا الأمر منها أنه غالبا ما يكون انتحار الأطفال في مرحلة المراهقة من ( 15 -19 ) سنة، وإن نسبة الإناث أعلى في التهديد من الذكور، لكن الذكور ينفذون التهديد بالانتحار أكثر من الإناث، وأسبابه هي المشاكل العائلية، طلاق الاهل، والعنف، والتعرض للإساءة بكافة اشكالها، والتحقير والتأنيب، وعدم تلبية الاحتياجات، والتعرض للإهمال، وأيضا الانتقال للعيش من مكان الى آخر، وتغيير المدرسة.
وفيما يتعلق بالمظاهر الشخصية للذين يحاولون الانتحار فتتمثل في تدني مستوى التحصيل الدراسي، والحزن بالسلوك أو بالشكل، وفقدان الوزن أو تغير عادات النوم أو الاكل أو النظام اليومي، وعدم التوازن الانفعالي (نوبات الغضب أو الضحك)، وعدم القدرة على الانجاز والتحرك من مكان إلى آخر ومن سلوك إلى آخر، وانخفاض مستوى تقدير الذات وفي الثقة بالنفس، إلى جانب إنهم غالبا ما يكتبون رسائل تتحدث عن الحزن والفشل والشعور بالتشاؤم. تكثيف التأهيل.
وحول المشاركة في هذه الحلقة، أوضحت عايدة الريامية مشرفة سكن بأنها تطرقت للكثير من المحاور حيث تعرفنا على الطفل وأشكال الإساءة له وسن المراهقة وأيضا معرفة الطفل الحدث، والعديد من الجوانب التي تتطلب منهن كمشاركات في هذه الحلقة وعاملات في دائرة الحماية الأسرية ترجمتها على أرض الواقع من خلال التعامل مع مختلف حالات الإساءة التي ترد إلى هذه الدائرة.
وذكرت المشاركة ابتسام اللمكية أن الحلقة مفيدة؛ حيث إنها تجمع العاملات في دائرة الحماية الأسرية على اختلاف مسمياتهن الوظيفية، وعليه فمن الأهمية تكثيف الجانب التأهيلي للعاملات في هذه الدائرة التي تعتبر حديثة النشأة ولا تزال في خطواتها الأولى، وأيضا عمل الزيارات التي تتيح الاطلاع على تجارب وخبرات الدول في هذا الجانب.
وأشارت المشاركة شوانة الحديدية مشرفة سكن إلى بعض المفاهيم المهمة التي أسهمت الحلقة في تصحيحها أو التبصير بها، وعليه تؤكد أهمية استكمال سلسة الحلقات التدريبية التي تعينهم على فهم وإدراك طبيعة وظروف العمل في هذه الدائرة. وبيَّنت المشاركة جميلة الحبسية بأنها تعرفت وباقي المشاركات على مهام عمل كل منها والتي ستمنع من تداخل أو ازدواجية الاعمال بين أقسام دائرة الحماية الأسرية، كما أتضح لها آلية التعامل الصحيحة مع بعض الحالات المساء إليها.