الرؤية - أحمد الجهوري-
نظرت محكمة الاستئناف بمسقط -برئاسة القاضي سعيد الحبسي، وحضور فيصل الراشدي وكيل ادعاء عام أول- أمس، 8 قضايا متعلقة بما يعرف إعلاميا بـ"الفساد بقطاع النفط والغاز"، وتداولت المحكمة 4 قضايا، بينما ارتأت تأجيل 4 قضايا أخرى لتاريخ 17 أبريل الجاري لغياب بعض المتهمين لأسباب إدارية، وكذلك لتخلف بعض الشهود لأسباب تنسيقية أمام المحكمة.
وكانت أولى الجلسات التي نظرتها المحكمة بحضور المتهم مدير عام الهندسة بقطاع الغاز بشركة تنمية نفط عمان والمتورط بأكثر من قضية متعلقة بالفساد؛ ومنها: القضية المحكومة سابقا بالمحكمة الابتدائية بمسقط بتاريخ 9 مارس، والتي طلب فيها المتهم الأول الحصول على مبلغ 75 ألف ريال كرشوة من المتهم الثاني المدير التنفيذي لشركة الخدمات الفنية الخاصة أثناء قيام شركة الأخير بتنفيذ مشروع عقد (EMC2) المرحلة الثانية بأحد المشاريع التابعة لشركة تنمية نفط عمان، والتي قضت المحكمة بسجن المتهم الأول 3 سنوات ينفذ منها سنة وتغريمه 150 ألفًا ودفع 100 ألف كفالة في حال عدم تنفيذه للحكم، والمتهم الثاني المدير التنفيذي لشركة الخدمات الفنية الخاصة وحكمت بسجنه سنتين مع إيقاف العقوبة السجنية ودفع غرامة 150 ألف ريال. حيث طالب محامي المتهم بتخفيف مبلغ الكفالة عن موكله ليتمكن من الخروج من السجن، وأن يكون بالقرب من عائلته؛ إلى أن يبت بجميع القضايا المتورط بها، وأشار محامي المتهم إلى أن قانون الجزاء العماني به ثغرة حيث لم يحدد بالمادة 155 من قانون الجزاء العماني والذي ينص "كل موظف، قبل رشوة لنفسه أو لغيره، مالاً أو هدية أو عداً أو أي منفعة أخرى ليقوم بعمل شرعي من أعمال وظيفته، أو ليمتنع عنه، أو ليؤخر إجراءه، يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة تساوي على الأقل ما أعطي له أو وعد به، وبعزله من الوظيفة مدة يقدرها القاضي، ويعفى الراشي أو الوسيط إذا أخبر السلطة قبل الحكم بالدعوى" بتحديد الحد الأدنى والأعلى لقيمة الغرامة، والتي جعلت من القاضي يحدد المبلغ بما يراه باجتهاده! وبعدها، قررت المحكمة تأجيل القضية إلى تاريخ 17 أبريل الجاري .
أما القضية الثانية، فقد مثل أمام المحكمة موظّف بوزراة المالية ومندوب لرئاسة لجنة المناقصات بشركة تنمية نفط عمان (المتهم الأول)، والرئيس التنفيذي للشركة العمانية العالمية القابضة (المتهم الثاني)، والتي اتهم فيها الادعاء العام المتهم الأول بقبوله رشوة مقدارها 500 ألف ريال مقابل حصول الأخير على معلومات ووثائق سرية لمحاضر اجتماعات لجنة المناقصات بشركة تنمية نفط عمان لخططها المستقبلية، واتهم بذلك بالرشوة وإفشاء وثائق سرية واستغلال المنصب الوظيفي.
وابتدا محامي المتهم الأول مرافعته بتقديم الطلبات إلى المحكمة، والتي تمحورت حول إحضار لائحة العقود والمشتريات بشركة تنمية نفط عمان، والسماع إلى شهادة معدة تقرير جهاز الرقابة المالية والادارية للدولة، وإحضار سكرتير لجنة مجلس المناقصات بشركة تنمية نفط عمان، وندب خبير لفحص المستندات إذا كانت تصنف على أنها سرية والمتورط فيها المتهم الاول.
وتابع حديثه بعدم اختصاص المحكمة بالنظر بهذه القضية؛ لأن المستندات قد تم ضبطها بمنزل المتهم الأول وليس المتهم الثاني، وهذه دلالة على أن المتهم الأول لم يسرب أيَّ معلومة تصنف بأنها سرية للمتهم الأخير.
وتداخل بعدها الادعاء العام بحصوله على بصمات المتهم الأول بمستندات تصنف سرية بمنزل أحد المتهمين بقضايا الفساد، بعد أن تم تفتيشه، واعتبرها الادعاء العام إضافة أخرى للحقائق والإثباتات بتورطه بإفشاء معومات سرية لأكثر من شركة تتعامل معها شركة تنمية نفط عمان. وقررت بعدها المحكمة تأجيل القضية إلى 24 أبريل الجاري.
وفي القضية الثالثة المنظورة أمام محكمة الاستئناف والمتهم فيها كل من: موظّف بوزراة المالية، ومندوب لرئاسة لجنة المناقصات بشركة تنمية نفط عمان (المتهم الأول)، والرئيس التنفيذي للشركة العمانية العالمية القابضة (المتهم الثاني)، والمدير التنفيذي لشركة التركي للمشاريع (المتهم الثالث)؛ حيث وجَّه الادعاء العام الاتهام للمتهم الأول بقبوله رشوة مقدرها 100 ألف ريال من المتهم الثاني، مقابل تسريب معلومات ووثائق سرية لمحاضر اجتماعات لجنة المناقصات بشركة تنمية نفط عمان، والكشف عن خططها المستقبلية، فضلا عن تسهيل عقد (ODC) التابع لشركة تنمية نفط عمان لصالح شركة التركي للمشاريع؛ حيث قام المتهم الثالث بدفع مبلغ 200 ألف ريال للمتهم الثاني لدخوله وسيطا بالصفقة.
وعند الاستماع إلى مرافعة هيئة دفاع المتهمين طالبوا متفقين بضم ملفات ومستندات الدعوى السابقة إلى هذه الدعوى لوجود المتهم الأول والثاني في كلاهما. ووافقت المحكمة على طلب المحامين.
وبعدها، استرسلْ المتهم الأول بدفاعه بأن المعلومات التي قدمها المتهم الأول لا تعد سرية لمعرفة معظم الشركات بأن شركة التركي للمشاريع، والتي يملكها المتهم الثالث هي الشركة الأقل سعرًا، والأكثر عطاءً، والمستحقه للفوز بعقد (ODC). أما دفاع المتهم الثالث فباشر حديثه بعدم معرفة موكله بالمتهم الأول، وإنما قام بدفع المال للمتهم الثاني والذي يعمل بالقطاع الخاص، ولم يدرك بأن الأخير سوف يقوم بدفع المبلغ للمتهم الأول، الذي يُعتبر موظفا حكوميا، وتابع حديثه بأن موكله لا يعتبر مجرما بما أنه قام بدفع مبلغ للمتهم الثاني من باب العطاء وليس الرشوة.
وعند الاستماع إلى المتهمين، فقد استهل المتهم الثاني بأنه يعيش بعمان منذ 33 عاما، وأنه يُعتبر السلطنة بلده الأول، كما أنه خلال مدة إقامته لم يرتكب أيَّ مخالفة أو عمل يمس مصالح البلد أو كرامتها، وأن المبلغ الذي دفعه للمتهم الأول نظير استشارات هندسية قدمها إليه الأخير لتطوير الأعمال بشركته، ولم يدرك بأنها تعتبر سرية، وأضاف بأنه من الجنسية الهندية ورزوجته جنسيتها أمريكية وجميع أولاده تمت ولادتهم بالسلطنة، وأنه على استعداد لتنفيذ أي عقوبة ما عدا طرده من البلاد، كما تعهد بتقديم كل ما يحتاج إليه الادعاء العام، وأنه ظل متعاونًا معهم منذ البداية.
أما المتهم الأول، فبدأ دفاعه عن نفسه بالقسم بأنه لم يقم بإسناد أو إرساء أي مناقصة لأي شركة لا تستحق لتلك المناقصة، وتابع بأنه أب لاثني عشر ابنا، وأنه خائف من مستقبل أولاده في حالة تمت إدانته.
وبعدها قرَّرت المحكمة حجز القضية للحكم إلى تاريخ 24 أبريل الجاري.
وفي آخر القضايا المتداولة، وجَّه الادعاء العام التهم إلى المتهم الأول مدير المشاريع بقطاع الغاز بشركة تنمية نفط عمان، والمتهم الثاني الرئيس التنفيذي لشركة لارسن وتوبرو، والمتهم الثالث مدير تطوير الأعمال والمناقصات بشركة لارسن وتوبرو. وجاء قرار الإحالة باتهام المتهم الأول بالحصول على رشوة قدرها 192 ألف ريال من المتهم الثاني، قدمها إليه المتهم الثالث للحصول على وثائق سريّة متعلقة بمناقصة محطة غاز الخوير، وتم دفع المبالغ إلى شركتين؛ الأولى: شركة ديباج للهندسة، والشركة الثانية: جيهان بارس، والتي مقرها بجمهورية إيران الإسلامية.
واستمعت المحكمة في هذه القضية إلى شهادة المدير التنفيذي لشركة ديباج الهندسية والتي أوضح خلالها حصوله على شيك بقيمة 96 ألف ومائتي ريال من المتهم الثالث، وجاء ذلك بتوصية من المتهم الأول باستلام الشيك بحكم العلاقة والصداقة القوية التي تربطه بالمتهم الأول دون العلم بماهية وسبب المبلغ المحول إلى شركة الشاهد.
وقرَّرت بعدها المحكمة تأجيل القضية إلى تاريخ 17 أبريل الجاري للسماع إلى بقية الشهود وترجمة المستندات المقدمة إلى المحكمة.