تتعاظم الآمال، ويعلو سقف التطلعات، بأن تسفر الانتخابات العراقية التي أدلى فيها العراقيون بأصواتهم كأول انتخابات عامة تشهدها البلاد منذ انسحاب القوات الأمريكية عام 2011، عن نتائج تعيد التوازن إلى الساحة السياسية العراقية، وتخرج البلاد من دائرة المحاصصة الطائفية التي هوت بالبلاد إلى درك سحيق من الاقتتال والعنف الذي يتناسل ويتكرر في مشهد بات ممجوجًا وكريهًا ويمزق البلاد ويقذف بها إلى دوامة لا متناهية من العنف والفوضى..
ورغم أن الكثيرين يرون في هذه الانتخابات استفتاءً على حكومة نوري المالكي الحالية باعتبار أنها مسؤولة عما وصلت إليه الأمور من تردٍ أمني واقتصادي واقتتال طائفي بصورة غير مسبوقة ويتهمونه بأنّه يسعى إلى تعميق الانقسامات الطائفية لتعزيز سلطته خلال فترة حكمه التي امتدت لثماني سنوات، إلا أن آخرين يرون بخلاف ذلك، ويعتبرون المالكي ضمانة لعدم انفلات الأمور إلى أوضاع أكثر سوءًا مما هي عليه الآن بسبب نشاط الجماعات الموسومة بالإرهابية..
إن الأجواء التي أجريت خلالها الانتخابات تلخص مدى تدهور الأوضاع في هذا البلد الممزق بفعل الاقتتال الطائفي، والمرهق بسبب الصعوبات الاقتصادية، رغم أنه لا يشكو فقرًا في الموارد الطبيعية ولا يعاني نقصًا في الإمكانات البشرية ..
إنّ العراق في حاجة إلى أن يحكم بائتلاف يضم ممثلين عن كافة ألوان الطيف السياسي، بعد التوافق على برنامج وطني يحتكم إليه الجميع، على أن يكون مبرأ من أدران الطائفية، وخالٍ من شوائب الفساد، وبعيدا عن شبهات العصبية .. والترجيحات التي تشير إلى أن أي من الأحزاب لن يفوز بأغلبية في البرلمان، هي في صالح حكومة الائتلاف العريض الذي من الممكن أن يبحر بالعراقيين صوب مرافئ الأمن والرفاه، أما في حالة إصرار الفرقاء العراقيين على التناحر وفق خلفيات طائفية ومصالحية ضيقة، فإن العراق مرشح إلى أن يمكث في بركة الدم طويلا.