دمشق - الوكالات
نحو 1300 طن من الأسلحة الكيماوية، يتعيَّن على سوريا التخلص منها، بموجب اتفاق تم التوصل إليه العام الماضي، جنّبها ضربات عسكرية بعد هجوم بغاز السارين على مناطق تسيطر عليها قوات المعارضة في ريف العاصمة دمشق، لكنها تخلفت عدة مرات عن مواعيد تسليم المواد السامة، آخرها كان قبل 27 أبريل الماضي، حيث قالت دمشق للبعثة الدولية التي تشرف على العملية إنه "لا يزال من الصعب الوصول إلى آخر موقع من مواقع الأسلحة الكيماوية بسبب القتال"، وهو ما دفع الخصوم الغربيون للرئيس السوري بشار الأسد إلى الشك في أنه يماطل عن عمد في التخلص من الكمية المتبقية من المواد الكيماوية.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه تحدث مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، أمس الأول، بشأن ضرورة التخلص من مخزون الأسلحة الكيماوية السورية الذي أعلن عنه في الآونة الأخيرة.
وأضاف كيري للصحفيين "أكدتُ على ضرورة ازالة الكمية المتبقية في موقع قرب دمشق وتقدر بثمانية في المئة" وأضاف بأن الاتصال الهاتفي جرى خلال رحلته إلى جمهورية الكونجو الديمقراطية. وتابع كيري دون الخوض في تفاصيل: "اتفقنا على العمل بشأن أشياء معينة لمحاولة معرفة ما اذا كان من الممكن تسريع تلك العملية مع الموافقة على انه لا يمكن قبول أي تأخير من جانب الحكومة السورية".
ورغم ذلك، فإن كيري يحمل الحكومة السورية مسؤولية تجهيز ما تبقى من الأسلحة الكيماوية تمهيدا للتخلص منها. وقال "على النظام أن يتحرك بسرعة لتجهيز تلك الأسلحة الكيماوية المتبقية للتخلص منها ونريد التخلص منها في أسرع وقت ممكن.
ومن المرجح أن الخصوم الغربيون للأسد يسندون شكوكهم إلى تكرار مسألة التأجيل، وربط ذلك بالانتخابات الرئاسية المنتظرة، مما ساعد على تصدير الأمر على أنه مناورة سياسية، حتى وإن كان الوضع على الأرض يدعم تبرير التأجيل بتقدم قوات المعارضة شرقي دمشق بما يشير إلى وجود عقبات تحول دون إخراجها، وهو التبرير نفسه الذي روج له في سبتمبر الماضي، حين قال رئيس هيئة الاركان الأمريكية المشتركة إن الحكومة السورية مازالت لها السيطرة الفعلية على أسلحتها الكيماوية، ومن المتوقع أن تكون قادرة على نقلها الى المفتشين الدوليين لتدميرها برغم الحرب الأهلية المستمرة. وأقر الجنرال مارتن ديمبسي بأن الصراع في سورية يشكل "بيئة صعبة للغاية" للتخلص من الأسلحة بموجب اتفاق توصلت إليه الولايات المتحدة وروسيا.
وفي مؤتمر صحفي بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قال: "الدلائل في المرحلة الحالية تشير إلى أن النظام يسيطر على مخزوناته". وأضاف: "ماداموا وافقوا على اطار العمل الذي يجعلهم مسؤولين عن تأمين ونقل وحماية المفتشين، عندئذ أعتقد إن هذا ممكن".. وقال ديمبسي إنه لايزال يشعر بالقلق بشأن أمن المخزونات، لكنه أضاف "علينا ان نتأكد من بقاء كل تلك الأشياء تحت أعيننا".
وهو المبرر نفسه الذي جرى ترويجه مطلع الشهر الماضي، حيث صرح دبلوماسي غربي بأن عملية اخراج المواد الكيماوية من مرفاً اللاذقية غرب البلاد "مجمدة" بسبب المعارك الدائرة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة في المنطقة.
وكانت الحكومة السورية قد اعترفت بوجود 26 موقعاً كيماوياً في البلاد بعد الاتفاق الأمريكي-الروسي لإزالة ترسانتها الكيماوية. وجرى تدمير 12 موقعاً ولم يتم الوصول الى أحد المواقع. وكان مقرراً ازالة المواقع الـ 12 المتبقية قبل منتصف مارس الماضي، الامر الذي لم يحصل، مما تطلب قيام خبراء من منظمة الحظر بإجراء محادثات مع الجانب السوري نهاية الشهر الماضي لبحث خيارات التخلص من هذه المواقع.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، عن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قوله "رغم التزام سورية تنفيذ تعهداتها في ما يتصل بإتلاف الأسلحة الكيماوية تقوم بعض الدول بمحاولة تسييسه وتقديم الدعم والإسناد للمجموعات المسلحة في محاولاتها المستمرة لعرقلة التعاون القائم بين سورية والأمم المتحدة ومنظمة الحظر". كما نقلت الوكالة الرسمية عن رئيسة البعثة المشتركة انها "تدرك حجم التحديات والمخاطر التي تتم فيها عملية تنفيذ سورية إلتزاماتها المتصلة بهذا الموضوع وبخاصة الأوضاع الأمنية الصعبة".
واتهمت دول غربية دمشق بـ"المماطلة" في ازالة الترسانة. واشار رئيس الاركان الأمريكي مارتن ديمبسي خلال زيارته إسرائيل، مؤخرا، إلى أن بلاده هددت باستخدام القوة في حال لم تلتزم دمشق ذلك.
وفي المقابل، أيَّدت موسكو موقف النظام السوري في اتهام المعارضة بعرقلة شحن الكيماوي. وأصدرت الخارجية الروسية بياناً قالت فيه ان "معركة الساحل" ستؤدي الى "تعطيل" نقل الترسانة.
وقال عضو قيادة "الائتلاف الوطني السوري" المعارض هشام مروة "إنّ كلام الروس غير منطقي ويبيّن عدم جديتهم في السعي للوصول إلى منطقة خالية من الكيماوي. فبيان خارجيتهم في الحقيقة لا يتنبأ بالواقع أو يحلله، ولكنه يعكس الخطة السياسية التي سيتبعها بشار الأسد مع حلفائه في المنطقة بالنسبة لملف الكيماوي، الذي يعتبر بدوره جزءاً لا يتجزأ من ضمان وجود الأسد وحلفائه العسكريين داخل المنطقة".