في حديث مع الأحد الأصدقاء الفيسبوكيين أمس ، سألني باهتمام : ماذا كتبت للعيد الأربعين. فأجبته ببساطة : لاشيء. ويبدو أنه استنكر فعلتني المشينة وعلق قائلا: لماذا لم تكتبي ؟ ، أين الوطنية .. فأجبته أن الوطن والوطنية عندي لا يقيمه تاريخ ميلاد أحد ، عمان عندي ذات أسمى تسكنني لا أختزلها في يوم واحد ... ثم بدأ التعليل : كنت أعني أنه عليك ان تكتبي شيئا لجلالة السلطان .. فقلت : قد أكتب لعمان ، لكنني لن أكتب لقابوس ... ويبدو أن ردي أستفز صاحبنا فقال : قابوس هو عمان ، وعمان هي قابوس .. وببرودي المعتاد أجبته : مخطئ يا سيدي ، عمان ذات خالدة ، أما قابوس فمواطن عماني محكوم بالرحيل ، هو مثلي ومثلك يخدم عمان في منصبه ، وكلنا نفعل ذلك ، الفرق أن مسؤولياته ذات مسمى أكبر .... وهنا قال : طفول ماذا تقولين .. هذا كلام كبير يا طفول ، كبير جدا .. ولكن لن أناقشك ، فلا بد أنك تشعرين بانك مظلومة لذا قلت ما قلت ... ضحكت على منطقه والزاوية التي نظر خلالها للموقف وقلت ببساطة : never mind
شعار مهين جدا للوطن كنت أقرأه كلما ذهبت إلى مسقط ، لوحة كبيرة جدا ممدوة بعرض الشارع مكتوب عليها : ( بابا قابوس ، انت عمان ) وكنت أفكر في خلدي أين سقطت ياء ( عماني ) ليصبح ( عمان ) .
ودائما تتكرر ذات الشعارات التي نقرأها أو نسمعها من أفواه أولائك الذين يتشدقون بحب عمان باسم قابوس ...
نعم ، لا شك أن قابوس قائد استثنائي وفذ ، وذو حكمة وحنكة عسكرية ، وهيبة بين القادة ، ولا شك أيضا أننا ندين له ( ولأخلاقنا ) بالأمان الذي كنا نعيش ، واتضح في مواقف عدة أنه قائد محب لوطنه وشعبه. ولكن ذلك لا يعطينا الحق في أن نختزل عمان فيه ...
لمن لا يعرف عمان ... ويظن أن عمرها 40 عاما... سأعرفكم بها ....
عمان كانت مهدا للحضارات القديمة قبل التاريخ ، هنا على أرضها قامت واندثرت أمم وشعوب وحضارات عريقة ، والأثار من أقصى الجنوب إلى اقصى الشمال شاهدة عليها .. ثم أنها أول دولة تعتنق الإسلام سلما ، لما كان في أهلها وقادتها من حكمة وحصافة وعقل رصين يزن الأمور فيتبع أحسنها وأقربها لميزان العقل والروح ... تتابع على حكمها الكثير من الرجال العظماء الذين لا زال التاريخ حافلا بأسمائهم وجعلوا من عمان يوما ما إمبراطورية ممتدة من شرقي آسيا وحتى جنوب أفريقيا ، وامتلكت أقوى اسطول بحري عرفته الأمم وسادت يومها البحار ، ووصلت إلى درجة عالية من الحضارة والرقي العلمي والأدبي ، وأخرجت علماء اللغة والدين والعلوم ... ....
كيف نختزل كل تلك العظمة والتاريخ العريق في 40 سنة وشخص قابوس ، وكأننا نرى عمان وليدة السبعين ... أي ظلم نمارسه في حق أولائك العظماء الذين صنعوا ترايخ عمان حين نقول بأن عمان ( لم ولن تلد شخصا كقابوس ) وأي ظلم نلحقه بالأجيال المقبلة من قادة الوطن ....
أي حب ممسوخ للوطن حين نقول ( قابوس هو عمان ) ونحب عمان باسمه ، وحين يرحل قابوس ، يموت الحب معه ويتوجب علينا أن نحبها باسم آخر ، وتضيع عمان في زحمة الأسماء ... حين يصبح الولاء لكرسي لا لأرض يموت الولاء معه ، ... ثم أين ذهب العمانيون ، والأرض والشعب مزيج لا ينفصل ، أي تهميش هذا يمارس ضدهم من قبلهم ، ألسنا ( كلنا عمان ؟ ) ..
لو نتأمل فقط في قدر الضياع الذي نزج به في هذا الوطن ، في رمز بسيط جدا ، ( النشيط الوطني ) أو بالأحرى ( النشيد السلطاني ) ، نحن لا نهتف فيه للوطن كما تفعل كل الأمم ، بل نهتف فيه لقابوس .. حتى مطلعه لم نقل فيه ( يا ربنا احفظ لنا عمان ) بل ( جلالة السلطان ) ... وكأنه بات أكثر أهمية وأعلى قيمة من الوطن ... وعندما يرحل هذا الرجل .. سيتوجب علينا أن ندعوا الله أن يحفظ رجلا آخر ... مهين جدا ما يحدث هنا للشعب والوطن ، فالرجل سيتغير حتما ، لكن لا يتغير الوطن ... فلماذا لا نهتف للوطن في صباحاتنا ومساءاتنا ؟؟؟؟ بدلا من أن نساق من اسم إلى آخر ، وكأننا قطيع مسلوب الإرادة ...
أشعر أحيانا أن هذا الشعب منوم مغناطيسيا وما عاد يسيتطيع التفريق بين الوطن الخالد والكرسي المحكوم بالزوال ، ومؤسف جدا كل هذا الخلط وعدم القدرة على حب الوطن لأجل الوطن ...
نعم .. قابوس أحدث فرقا بعد السبعين ، ولكن هناك أمرين لا يجوز أن نغفل عنهما .. قابوس أحدث فرقا لأن الشعب أراده وسعى لهذا الفرق في المقام الأول .. كما أن ما قام به قابوس ، ليس منة أو كرامة منه ، وليس شيئا زائدا عن حاجة الناس ، إنه حق كل مواطن يعيش في أرضه ، حقه في العيش الكريم ، في العلم ، في العلاج ، في الخدمات الأولية والبنية التحتية ، فماذا فعل قابوس غير واجبه؟ ... وماذا عساه أعطانا فوق حقنا ، أستغرب جدا أن أعظمه لأنه أعطاني حقي ، ... هل كان يتوجب علي أن أنتزعه انتزاعا؟
ما تم إنتاجه خلال 40 عاما ليس سو شعب يقتات على المنن والعطايا ، شعب ( يشحت حقوقه ) ، ويقبل بطيب خاطر المكرمات ويقبل اليد التي اعطته وتكرمت عليه بكل إجلال ، وينسى أنه ذلك ليس إلا حق من حقوقه المشروعة ..
دعوة لكل من لم يعرف عمان ، أن يعرفها ...
الوطن أعظم من أن يختزل في شعاراتنا المشينة والمهينة لنا وللوطن ...
أنا أحب القائد ... لكن ، لا يمكن أن احبه أكثر من وطني ، ولا يمكن أن أراه وطني ...
منقووول
المصدر
http://watan6een.blogspot.com/
طفول زهران
شعار مهين جدا للوطن كنت أقرأه كلما ذهبت إلى مسقط ، لوحة كبيرة جدا ممدوة بعرض الشارع مكتوب عليها : ( بابا قابوس ، انت عمان ) وكنت أفكر في خلدي أين سقطت ياء ( عماني ) ليصبح ( عمان ) .
ودائما تتكرر ذات الشعارات التي نقرأها أو نسمعها من أفواه أولائك الذين يتشدقون بحب عمان باسم قابوس ...
نعم ، لا شك أن قابوس قائد استثنائي وفذ ، وذو حكمة وحنكة عسكرية ، وهيبة بين القادة ، ولا شك أيضا أننا ندين له ( ولأخلاقنا ) بالأمان الذي كنا نعيش ، واتضح في مواقف عدة أنه قائد محب لوطنه وشعبه. ولكن ذلك لا يعطينا الحق في أن نختزل عمان فيه ...
لمن لا يعرف عمان ... ويظن أن عمرها 40 عاما... سأعرفكم بها ....
عمان كانت مهدا للحضارات القديمة قبل التاريخ ، هنا على أرضها قامت واندثرت أمم وشعوب وحضارات عريقة ، والأثار من أقصى الجنوب إلى اقصى الشمال شاهدة عليها .. ثم أنها أول دولة تعتنق الإسلام سلما ، لما كان في أهلها وقادتها من حكمة وحصافة وعقل رصين يزن الأمور فيتبع أحسنها وأقربها لميزان العقل والروح ... تتابع على حكمها الكثير من الرجال العظماء الذين لا زال التاريخ حافلا بأسمائهم وجعلوا من عمان يوما ما إمبراطورية ممتدة من شرقي آسيا وحتى جنوب أفريقيا ، وامتلكت أقوى اسطول بحري عرفته الأمم وسادت يومها البحار ، ووصلت إلى درجة عالية من الحضارة والرقي العلمي والأدبي ، وأخرجت علماء اللغة والدين والعلوم ... ....
كيف نختزل كل تلك العظمة والتاريخ العريق في 40 سنة وشخص قابوس ، وكأننا نرى عمان وليدة السبعين ... أي ظلم نمارسه في حق أولائك العظماء الذين صنعوا ترايخ عمان حين نقول بأن عمان ( لم ولن تلد شخصا كقابوس ) وأي ظلم نلحقه بالأجيال المقبلة من قادة الوطن ....
أي حب ممسوخ للوطن حين نقول ( قابوس هو عمان ) ونحب عمان باسمه ، وحين يرحل قابوس ، يموت الحب معه ويتوجب علينا أن نحبها باسم آخر ، وتضيع عمان في زحمة الأسماء ... حين يصبح الولاء لكرسي لا لأرض يموت الولاء معه ، ... ثم أين ذهب العمانيون ، والأرض والشعب مزيج لا ينفصل ، أي تهميش هذا يمارس ضدهم من قبلهم ، ألسنا ( كلنا عمان ؟ ) ..
لو نتأمل فقط في قدر الضياع الذي نزج به في هذا الوطن ، في رمز بسيط جدا ، ( النشيط الوطني ) أو بالأحرى ( النشيد السلطاني ) ، نحن لا نهتف فيه للوطن كما تفعل كل الأمم ، بل نهتف فيه لقابوس .. حتى مطلعه لم نقل فيه ( يا ربنا احفظ لنا عمان ) بل ( جلالة السلطان ) ... وكأنه بات أكثر أهمية وأعلى قيمة من الوطن ... وعندما يرحل هذا الرجل .. سيتوجب علينا أن ندعوا الله أن يحفظ رجلا آخر ... مهين جدا ما يحدث هنا للشعب والوطن ، فالرجل سيتغير حتما ، لكن لا يتغير الوطن ... فلماذا لا نهتف للوطن في صباحاتنا ومساءاتنا ؟؟؟؟ بدلا من أن نساق من اسم إلى آخر ، وكأننا قطيع مسلوب الإرادة ...
أشعر أحيانا أن هذا الشعب منوم مغناطيسيا وما عاد يسيتطيع التفريق بين الوطن الخالد والكرسي المحكوم بالزوال ، ومؤسف جدا كل هذا الخلط وعدم القدرة على حب الوطن لأجل الوطن ...
نعم .. قابوس أحدث فرقا بعد السبعين ، ولكن هناك أمرين لا يجوز أن نغفل عنهما .. قابوس أحدث فرقا لأن الشعب أراده وسعى لهذا الفرق في المقام الأول .. كما أن ما قام به قابوس ، ليس منة أو كرامة منه ، وليس شيئا زائدا عن حاجة الناس ، إنه حق كل مواطن يعيش في أرضه ، حقه في العيش الكريم ، في العلم ، في العلاج ، في الخدمات الأولية والبنية التحتية ، فماذا فعل قابوس غير واجبه؟ ... وماذا عساه أعطانا فوق حقنا ، أستغرب جدا أن أعظمه لأنه أعطاني حقي ، ... هل كان يتوجب علي أن أنتزعه انتزاعا؟
ما تم إنتاجه خلال 40 عاما ليس سو شعب يقتات على المنن والعطايا ، شعب ( يشحت حقوقه ) ، ويقبل بطيب خاطر المكرمات ويقبل اليد التي اعطته وتكرمت عليه بكل إجلال ، وينسى أنه ذلك ليس إلا حق من حقوقه المشروعة ..
دعوة لكل من لم يعرف عمان ، أن يعرفها ...
الوطن أعظم من أن يختزل في شعاراتنا المشينة والمهينة لنا وللوطن ...
أنا أحب القائد ... لكن ، لا يمكن أن احبه أكثر من وطني ، ولا يمكن أن أراه وطني ...
منقووول
المصدر
http://watan6een.blogspot.com/
طفول زهران