الزمن لا يتوقف والتاريخ لا يتوقف والحقيقة تنطلق إلى الأفق ليراها كل الناس اياً كانت مكانتهم وألوان كراسيهم ، تعلو الحقيقة دائما مهما كان الضباب يملأ المكان. هكذا يمكنني أن أقول في قضية " جريدة الزمن " حينما أصدر القاضي بالأمس حكما بإيقاف صدور الجريدة لمدة شهر كامل، ومن ثم سجن زملاء المهنة لمدة خمسة أشهر. حكم رغم أنه لن ينفذ بهذه السهولة إلا إنه ضرب الصحافة العمانية في المفصل، وعلّق أحلام الحرية على طريق ليست له وجهة، وجعل من الصحفي ذلك الشخص الذي قد نختلف معه مهنيا إلى مذنب يتلقى سياط العقوبة لأنه قال " لا " في وجه من قالوا " نعم ". إذن حكمت المحكمة على الصحيفة التي وقفت كثير الى جانب الصوت الذي لا يسمع ، وعلى الموظف الذي تحدث عن سنين الظلم في وزارة العدل، وعن الزملاء الصحفيين الذين كانوا يبحثون عن الحقيقة، وليس سواها وأن اختلفنا معهم في الطريقة والنهج. بالأمس أختصرت المسافات الزمنية وأصبحت " الزمن " مجرد كلمة واحدة نطقت هكذا وبصوت عال: " إيقاف ".
لقد شهدت الساحة العمانية في الفترة الماضية اهتماما واسعا بقضية صحيفة الزمن، ليس لانها متعلقة بوزير العدل، وإنما لأنها قضية عامة تمس أبسط الحقوق الإنسانية للمواطن مهما كانت رتبته ومكانته الإجتماعية، فقد أصبحت القضية حديث الشارع لأنها تحمل مفارقات غريبة منها ان يتم فتح سجل قضية بإتصال هاتفي، وإن يحال الصحفي الى المحاكمة قبل التأكد من صحة المعلومات الواردة في قضية محاكمة الصحيفة، مفارقات تحمل كثير من الإحباط في حق الصحافة.
ولأن الصحافة ليست لأحد وليست ملك لجهة او فئة إنما هي ملك للمجتمع فقد شعر الكثيرون بالأمس بالكثير من الإحباط الدهشة أن يصدر هذا الحكم وإن كان أوليا بحق صحيفة يومية تجرأت أن تتحدث عن معاناة المواطن و أحوال الوطن مهما كان لون السياسة التحريرية التي اتبعتها في ذلك. لقد تجرأت الزمن في وقت صمتت فيه الكثير من الصحف اليومية التي تعتبر قديمة قدم نشأة الحكومة عن مناقشة أبسط قضايا المواطن ، وصمت فيه رؤساء التحرير واكتفوا بالمتابعة عبر الورق والشاشات عن جلسات المحاكمة التي قال عنها القاضي " إنها ليست مسرحية " ، ولم يتجرأ أحد رؤساء التحرير أن يكتب عن القضية من باب الوقوف المهني إلى جانب زميل المهنة، وليس ذلك بغريب فقد تعود الكثيرون أن يصمتوا وأن ينتظروا الهبات وان يتغاضوا عن كل شيء، نعم لقد اتقنوا هذه الأسطوانة الغريبة وقد كانت لنا معهم تجربة.
وكان من المثير للشفقة أيضا أن يتم محاسبة الصحفيين في وقت تتجه فيه معظم شعوب المنطقة إلى مزيد من الحرية ومزيدا من الإنطلاق نحو مشارف " السماء " بحثا عن الخلاص. لقد كان صباح الأربعاء بالأمس غريبا على كل صحفي غيور على مهنته وعلى وطنه وعلى أصدقاء مهنته ، فمهما أخطأت الزمن " وهذا افتراض " فإن ذلك لا يعني أن نصمت ونغض الطرف، بل على الجميع ان يقول ويتحدث ويقول كلمته تجاه محاكمة صحيفة لم يكن خطأها سوى إنها نقلت قصة " موظف عماني من أبناء هذا الوطن الممتد في عروقنا " قال بأنه تعرض للظلم من وزارة العدل.
إّذن حكمت المحكمة بالأمس، لكن الحكم لن يمر علينا بهذه السهولة، لأن جميع المنتمين الى هذه الصحافة والى هذا المجتمع لن يصمت حيال أن تتعرض احد وسائل التعبير العام الى الإيقاف ولو ليوم واحد فقط، لأن الزمان له مساره، وهذا المسار لا تغيره " الأسماء " بل تغيره الحقائق ، نعم " الحقائق وحدها " هي التي تصنع الزمن والتاريخ وليست الكراسي والأماكن والألقاب، وسنحلم كما تعودنا أن تبقى الصحافة العمانية حرة مستقلة.
تركي بن علي البلوشي
[email protected]
صحفي اقتصادي
لقد شهدت الساحة العمانية في الفترة الماضية اهتماما واسعا بقضية صحيفة الزمن، ليس لانها متعلقة بوزير العدل، وإنما لأنها قضية عامة تمس أبسط الحقوق الإنسانية للمواطن مهما كانت رتبته ومكانته الإجتماعية، فقد أصبحت القضية حديث الشارع لأنها تحمل مفارقات غريبة منها ان يتم فتح سجل قضية بإتصال هاتفي، وإن يحال الصحفي الى المحاكمة قبل التأكد من صحة المعلومات الواردة في قضية محاكمة الصحيفة، مفارقات تحمل كثير من الإحباط في حق الصحافة.
ولأن الصحافة ليست لأحد وليست ملك لجهة او فئة إنما هي ملك للمجتمع فقد شعر الكثيرون بالأمس بالكثير من الإحباط الدهشة أن يصدر هذا الحكم وإن كان أوليا بحق صحيفة يومية تجرأت أن تتحدث عن معاناة المواطن و أحوال الوطن مهما كان لون السياسة التحريرية التي اتبعتها في ذلك. لقد تجرأت الزمن في وقت صمتت فيه الكثير من الصحف اليومية التي تعتبر قديمة قدم نشأة الحكومة عن مناقشة أبسط قضايا المواطن ، وصمت فيه رؤساء التحرير واكتفوا بالمتابعة عبر الورق والشاشات عن جلسات المحاكمة التي قال عنها القاضي " إنها ليست مسرحية " ، ولم يتجرأ أحد رؤساء التحرير أن يكتب عن القضية من باب الوقوف المهني إلى جانب زميل المهنة، وليس ذلك بغريب فقد تعود الكثيرون أن يصمتوا وأن ينتظروا الهبات وان يتغاضوا عن كل شيء، نعم لقد اتقنوا هذه الأسطوانة الغريبة وقد كانت لنا معهم تجربة.
وكان من المثير للشفقة أيضا أن يتم محاسبة الصحفيين في وقت تتجه فيه معظم شعوب المنطقة إلى مزيد من الحرية ومزيدا من الإنطلاق نحو مشارف " السماء " بحثا عن الخلاص. لقد كان صباح الأربعاء بالأمس غريبا على كل صحفي غيور على مهنته وعلى وطنه وعلى أصدقاء مهنته ، فمهما أخطأت الزمن " وهذا افتراض " فإن ذلك لا يعني أن نصمت ونغض الطرف، بل على الجميع ان يقول ويتحدث ويقول كلمته تجاه محاكمة صحيفة لم يكن خطأها سوى إنها نقلت قصة " موظف عماني من أبناء هذا الوطن الممتد في عروقنا " قال بأنه تعرض للظلم من وزارة العدل.
إّذن حكمت المحكمة بالأمس، لكن الحكم لن يمر علينا بهذه السهولة، لأن جميع المنتمين الى هذه الصحافة والى هذا المجتمع لن يصمت حيال أن تتعرض احد وسائل التعبير العام الى الإيقاف ولو ليوم واحد فقط، لأن الزمان له مساره، وهذا المسار لا تغيره " الأسماء " بل تغيره الحقائق ، نعم " الحقائق وحدها " هي التي تصنع الزمن والتاريخ وليست الكراسي والأماكن والألقاب، وسنحلم كما تعودنا أن تبقى الصحافة العمانية حرة مستقلة.
تركي بن علي البلوشي
[email protected]
صحفي اقتصادي