يكثر الحديث عن حقوق المواطن وينسى البعض حقوق الوطن، فالدفاع عنه والموت في سبيله حق مفروغ منه ولكن هناك حقوق أخرى. فمن حق الوطن على جميع المواطنين المحافظة على ماله العام والغيرة على ممتلكاته ورعاية منجزاته. ولكن هذا الحق حق مضاعف على النخب المتعلمة والمثقفة والمتخصصة. هذا تماما ما قام به الدكتور حاتم الشنفري الأسبوع الماضي في خلال المحاضرة التي ألقاها عن الخطط التنموية والمستوى المعيشي للمواطن في السلطنة والتي نظمتها الجمعية الاقتصادية العمانية. أراد الدكتور حاتم من هذه المحاضرة أن يلقي حجرا في بحيرة ليحرك المياه الراكدة، ولكنها أحدثت طوفانا من الدهشة والتفاعل. قد تكون المحاضرة مهمة لعدة أسباب، فالدكتور حاتم أكاديمي متخصص واقتصادي فاعل وحاصل على العديد من الجوائز ليس على مستوى السلطنة فحسب بل على مستويات عالمية، وقال تعالى: "وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ" صدق الله العظيم. كما أن القضية مهمة جدا تتعلق بدخل المواطن ولقمة عيشه. وأن الأرقام التي أوردها الدكتور كانت احصائيات مصدقه وخارجه من وزارة الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى تقارير ومقارنات عالمية معتمدة. كل ذلك مهم نعم، ولكن الأهم منه أن الدكتور حاتم تحدث بلغة مختلفة عن التي تظهر في وسائل الإعلام، لغة تغوص في التفاصيل وتقرأ الأرقام قراءة علمية حقيقية قد لا تفضل الجهات الحكومية المسؤولة عن تلك القضايا أن تطرحها علنا. فزيادة نسب الباحثين عن العمل، وانخفاض المستوى المعيشي للمواطن العماني مقارنة بناتج الدخل القومي، وانخفاض أعداد الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي كلها لم تكن في صالح صانعي القرار في المؤسسات المسؤولة عن هذه القضايا. وتطرح تسائلات كبيرة حول تقارير العلاقات العامة التي تلمع تلك الجهات، وتعلن الأرقام التي تعجبها والنماذج التي تؤكد تميزها. فعلى سبيل المثال لا الحصر نسمع الكثير من الجعجعة في أن لدينا مؤسسات متعددة وراقية للتعليم العالي، ولكن الحقيقة الفاجعة أن نسبة المقبولين من الطلاب في جميع مؤسسات التعليم العالي نسبة منخضة جدا، تضع السلطنة في مرتبة متأخرة على مستوى العالم بجانب دولة مجهولة هي عبارة عن جزيرة مغمورة في أحد المحيطات كانت مستعمرة برتغالية سابقا!! إن هذا الحديث هم صميم الوطنية، يجب أن نضع أصابعنا على الجرح أولا لكي نداويه، نعم هو أمر مألم، ولكنه ضروري. تحية شكر للدكتور حاتم ولكن أين بقية الأكاديمين؟!! لماذا ينعزلون في أروقة الكليات والجامعات؟! لماذا لا يخرجون من فصولهم الدراسية ليحدثوا الناس عن قضايا الناس؟! قد يشتكي البعض أن المساحة أضيق من فضائهم، ولكن هذا ليس عذرا، فهذه المحاضرة تقول لنا عكس ذلك. يجب أن يتحدث أهل الإختصاص كل في مجاله الآن، فلن ينفعنا حديثهم بعد خراب مالطا.
ملحق أنوار
جريدة الوطن
http://7shr.blogspot.com/2010/10/blog-post.html