اختلف كثير من المفكرين على وضع تعريف جامع مانع " للتدريب " إلا أن أغلبهم اتفق على الاركان والعناصر الرئيسية له ، فقد عرفه بعضهم بأنه " تلك الجهود التي تهدف إلى تزويد الموظف بالمعلومات والمعارف التي تكسبه المهارة في أداء العمل، أوتنميته وتطوير ما لديه من مهارات ومعارف وخبرات بما يزيد من كفاءته في أداء عمله الحالي أويعده لأداء أعمال ذات مستوى أعلى في المستقبل القريب " في حين عرفه البعض الآخر بأنه " عملية تعديل إيجابي ذو اتجاهات خاصة تتناول سلوك الفرد من الناحية المهنية أو الوظيفية، وذلك لإكتساب المعارف والخبرات التي يحتاج لها الإنسان وتحصيل المعلومات التي تنقصه والاتجاهات الصالحة للعمل وللإدارة والأنماط السلوكية والمهارات الملائمة والعادات اللازمة من أجل رفع مستوى كفاءته في الشروط المطلوبة لإتقان العمل وظهور فاعليته مع السرعة والاقتصاد في التكلفة، كذلك في الجهود المبذولة والوقت المستغرق " ، في حين ذهب فريق ثالث إلى تعريفه بأنه " النشاط المستمر لتزويد الفرد بالمهارات والخبرات والاتجاهات التي تجعله صالحاً لمزاولة عمل ما " وهنالك تعريفات أخرى أكثر تشعباً مما ذكرت ، إلا أن جميع واضعي تلك التعريفات اتفقوا على نقطة غاية في الأهمية وهي أهمية التدريب حيث أنهم وانطلاقا من تلك التعريفات الأساسية للتدريب خلصوا إلى أن التدريب مهم جداً لكل الموظفين الجديد منهم والقديم ، الموظف الذي يشغل درجة ومنصب عالي كالوزير والموظف الذي يشغل درجة صغيرة كالمراسل والفراش والسائق ، فكل موظف عليه واجبات وظيفية يجب القيام بها على أكمل وجه ، فالموظف الجديد يفتقر إلى الخبرة العملية ولو كان قد تخرج بتقدير امتياز من الجامعة ، فالدراسة النظرية غير الواقع العملي الذي يتطلب مهارات معينة للتعامل معه والتي لا يمكن اكتسابها وصقلها الا بالتدريب ، والموظف القديم كذلك عليه واجبات يجب أن يقدمها بشكل يتناسب ومستجدات العصر والتطور المستمر الذي نشهده يوماً بعد يوم ومن ذلك فإن الاكتفاء بأداء العمل بشكل روتيني من شأنه التخلف والقصور في أداء الخدمة ومن ثم كان لزاماً أن يتم صقل مهارات ذلك الموظف عن طريق تدريبه واشراكه في دورات بشكل دوري ومستمر بين الفترة والأخرى حتى يتمكن من تطوير ذاته ومن ثم تطوير الخدمة التي يقدمها للمجتمع ، وكذلك الوزير لديه وظيفة معينة يقوم بها تتمثل في رسم سياسة المؤسسة التي يرأسها والعمل على تطوير العمل بتلك المؤسسة وتحسين وتسهيل تقديم الخدمة بها ومن ثم فيجب عليه ان يكون مواكبا للتطور الثقافي والخدمي والتكنلوجي بل وحتى السياسي ليتمكن من عمل كل ذلك على اكمل وجه وخير وسيلة لتحقيق ذلك الهدف هو اشراك الوزراء ومن هم في القيادات العليا كذلك في دورات بشكل دوري فليس ذلك بعيب بل العكس تماماً فهو دليل وعي وادراك المسؤول الحكومي لمسؤولياته تجاه الدولة ، وبالمقابل المراسل تقع على عاتقه واجبات وان كانت تبدوا صغيرة وتافهة من وجهة نظر البعض الا انها تكون في حقيقتها على قدر بالغ من الاهمية فالمراسل يجب أن يفهم معنى السرية في العمل مثلا وأهمية الملفات التي ينقلها من مكتب الى اخر ، وكذلك الترحيب بالضيوف وفن تقديم الخدمة وغيرها كل تلك الامور لا بد ان يتدرب عليها بين الفينة والأخرى حتى يتمكن من أداء مهام عمله على أكمل وجه ، وطبعا لا ننسى ماقد يعكسه التدريب على الجانب النفسي للموظف من ايجابيات تتمثل في شعوره بالرضى والاحساس بالاهتمام ومايعكسه ذلك على تهذيب السلوكيات والانماط واساليب التواصل بينه وبين زملاءه وبينه وبين الجمهور وكذلك من تطوير في العلاقات البشرية داخل بيئة العمل .
ويمكن تلخيص كل ماتقدم في أن التدريب يعتبر بمثابة استثمار للموارد البشرية المتاحة في مختلف مستوياتهم تعود عوائده على كل من المؤسسة والموارد البشرية التي تعمل بها .
ومما تقدم نجد أن دوافع التدريب تتمثل في الآتي :
1. زيادة الإنتاج وتحسين النوع : وذلك من خلال تدريب العاملين على كيفية القيام بواجباتهم بدرجة عالية من الإتقان .
2. الاقتصاد في النفقات : حيث تؤدى البرامج التدريبية إلى خلق مردود أكثر من كلفتها وذلك عن طريق رفع الكفاءة الإنتاجية للعاملين والإقتصاد في الوقت نتيجة للمعرفة الجيدة بأسلوب العمل وطريقة الأداء كما تخلق معرفة ووعياً وقدرة على النقد الذاتي ومن ثم معرفة بواطن الضعف والعمل على تطويرها.
3. رفع معنويات العاملين : إذ عبر التدريب يشعر العامل بجدية توجه المؤسسة في تطويره وصقل علاقته مع مهنته مما يؤدى إلى زيادة إخلاصه وتفانيه في أداء عمله.
4. توفير القوة الاحتياطية في المنشأة : بحيث يمثل مصدراً مهماً لتلبية الاحتياجات الملحة في الأيدي العاملة، فعبره يتم تخطيط وتهيئة القوى العاملة المطلوبة.
ولو جئنا لتطبيق كل ماتقدم على أرض الواقع لوجدنا أن المؤسسات الحكومية أو بعضها على أقل تقدير لا تولي مبدأ " التدريب " أهمية بل وتعتبره مضيعة للوقت والمال ! بل وتجد أن من المسؤولين من يتعذر من قلة عدد الموظفين وضعف الكادر الوظيفي ومن ثم فإنه يرى أن التدريب هو ضرب من الرفاهية يمنحه فقط لمن يوده ولمن هو مقرب له او كجائزة لمن يعتقد بأنه مجد في عمله ذلك الاعتقاد المبني على معايير شخصية بعيدة كل البعد عن التقييم الموضوعي الصرف ، بل أن بعض المؤسسات تتعذر بعدم وجود الميزانية الكافية لاقامة الدورات التدريبية او ابتعاث بعض الموظفين للتدريب في الخارج !! وكذلك تجد أن بعض المسؤولين يكتفون بحصول الموظف على شهادة علمية معينة للقول بأن الموظف وصل مرحلة النضج ومن ثم يكون قد " كبر " على مرحلة التدريب ومن ثم فهو غير مستحق للتدريب أو الحصول على شهادة عليا في تخصصه فمثلا تجد بعهم يكتفي بحصول الموظف على شهادة البكالوريوس في التخصص ولا يمنح الموظف فرصة اكمال دراساته العليا والبعض يكتفي بشهادة الماجستير ولا يمنح الموظف فرصة اكمال الدكتوراه واخر يكتفي بشهادة الدكتوراة معتقدا ان الموظف الحاصل عليها وصل مرحلة النضج التام ومن ثم لا يكون له نصيب من الدورات التدريبية !! وفي نفس الموضوع تجد أن بعض الؤسسات تكتفي بإجادة الموظف للغلة العربية ولا تمنحه فرصة تعلم أية لغة اخرى كالانجليزية والتي تعتبر اليوم هي لغة العالم أو تكتفي باجادة الموظف للغة الانجليزية ولا تعمل على تدريبة وتطويره في اللغة العربية مع انه اضعف مايكون فيها مع ان لغة الدولة والمؤسسات الرسمية هي اللغة العربية وتجد الموظف يعاني من صعوبات في التواصل مع انسان الشارع او المراجع البسيط ، كل تلك الاشكالات للأسف يعاني منها وبشدة الجهاز الاداري بالدولة بالرغم من ان توجه سياسة قائد الحكومة جلالة السلطان واضح وصريح في اهمية ايلاء الشباب العناية اللازمة وضرورة العمل على تطويرهم وتدريبهم وكذلك حثه الدولة على وجوب تنمية الموارد البشرية حيث قال جلالته في كلمته امام مجلس عمان في العام 2011 " لقد أكدنا دائما اهتمامنا المستمر بتنمية الموارد البشرية وذكرنا أنها تحظىبالأولوية القصوى في خططنا وبرامجنا فالإنسان هو حجر الزاوية في كل بناء تنموي وهوقطب الرحى الذي تدور حوله كل أنواع التنمية إذ إن غايتها جميعا هي إسعاده وتوفيرأسباب العيش الكريم له وضمان أمنه وسلامته ولما كان الشباب هم حاضر الأمة ومستقبلهافقد أوليناهم ما يستحقونه من اهتمام ورعاية على مدار أعوام النهضة المباركة حيث سعتالحكومة جاهدة إلى إن توفر لهم فرص التعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف . وسوف تشهدالمرحلة القادمة بإذن الله اهتماما اكبر ورعاية أوفر تهيئ مزيدا من الفرص للشباب منأجل تعزيز مكتسباته في العلم والمعرفة وتقوية ملكاته في الإبداع والإنتاج وزيادةمشاركته في مسيرة التنمية الشاملة " فغريب حقاً عدم التزام بعض المؤسسات الحكومية أو على الأصح بعض مسؤوليها بتوجبهات المقام السامي في هذا الخصوص والتعذر بأعذار واهية وضعيفة لأسباب لا يعلمها الا الله .. .يجب على الجميع التضافر والعمل من اجل ان تجد تلك التوجيهات الاستجابة السريعة والفورية من قبل كل الجهات ومن ثم العمل على تطوير الكوادر البشرية في البلد بعيدا عن القرارات الفردية والتي تكون تعسفية في كثير من الاحيان وتلك المبنية على معايير شخصية بعيدة عن اي معيار موضوعي وقياسا على أمور نسبية تختلف طبيعتها وقدرها من انسان لآخر ، ولا بأس من الاستفادة بخبرة القطاع الخاص في مجال التدريب ، فالشركات العاملة في القطاع الخاص مثلا بل وحتى الشركات الحكومية تجد لديها خطة تدريب سنوية ، لكل موظف من موظفيها حظ في التدريب ، أذكر عندما كنت اتناقش في هذا الموضوع مع أحد الأصدقاء وهو يعمل مدير موارد بشرية بإحدى الشركات الحكومية قال لي " نحن في شركتنا نعد جدول تدريب سنوي حيث نخصص جزء من دخل الشركة للتدريب يقسم على كل موظفي الشركة بحيث يعلم كل موظف من موظفينا متى سيأتي دوره وفي أي شهر ومن ثم فيكون واجبا عليه أن يرتب أموره حتى لا يتخلف عن التدريب فهو واجب عليه كباقي واجبات وظيفته " حقيقة أعجبت جدا بذلك التوجه وتحسرت على حال موظفي الجهاز الاداري للحكومة والذي انا واحد منهم والذي يعتبر محظوظا منهم من حصل على فرصة للتدريب مرة كل خمس سنوات !!
18/3/2012م
http://saoodoman.blogspot.com/2012/03/blog-post_18.html