في خطوة رائدة وموفقة وسابقة من نوعها قل ما نراها في مؤسساتنا الحكومية ، عندما التقى سعادة المهندس وكيل الوزارة للتجارة والصناعة الاسبوع الماضي بعدد من المهتمين والاعلاميين ومعظم من كتب في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في حوار مفتوح ومباشر وهادف وشفاف إلى أبعد الحدود إمتد لأكثر من ساعتين ضمن التحضيرات لندوة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سيح الشامخات بولاية بهلا ، كان الحوار من طرف المدعوين هذه المرة والحكومة لم تكن تتكلم قدر ما كانت تستمع ، تصغي أكثر بكثير من أن تتحدث ، تدون الملاحظات بإهتمام واضح أضعاف ما كنا متعودين عليه في السابق
هذا الحوار والتوجة والمشاركة المجتمعية لبعض المؤسسات الحكومية يحمل دلالات إيجابية كثيرة ، وهو أن بعض الجهات والمؤسسات الحكومية – لا أقصد هنا أي وزارة أو جهة بعينها – إستوعبت بأنها لا تستطيع القيام بكل شي بمفردها وبعيدا عن الاخرين ، وتيقنت بأن نجاح أي مبادرة مهما كان حجمها لابد أن يقابله الالتقاء بجميع أطراف العلاقة بدل التفرد بإتخاذ القرارات وعدم النظر في معطيات وظروف الاطراف الاخرى ، لقد فهمت بعض الشخصيات الحكومية بأن التشاور في الآمر مطلب حتمي وليس اختياري كما كان في السابق خاصة بأن متلقي الخدمة والنشطاء على قدر كبير من التعليم والوعي ولا يمكن بأي حال من الاحوال الإستخفاف بقدراتهم الهائلة التي قد تفوق المشرعين والتنفيذين الحكومين في الكثير من الاحيان ، لقد تأكدت بعض الشخصيات الحكومية بأن مشاركة المختصين الغير رسمين ومشاركة مؤسسات المجتمع المدني في سياساتهم لن تؤتي لهم بضر إنما ستفيدهم للنظر في قراراتهم الحكومية من جوانب مختلفة كانت غائبة عن أذهان متخذيها بقصد من بعض الانتهازين أو بغير قصد لقلة حيلة أو خبرة أو قدرة
فلننظر للتاريخ وللنماذج الناجحة في أي مكان في العالم للمؤسسات الحكومية أو الشركات التجارية مهما كان حجمها أو حتى مؤسسات المجتمع المدني ، هل كان هناك نتائج سلبية لاي حوار عقلاني هادف ومشاركة أطراف مجتمعية أخرى في رسم السياسات والتشريعات؟ ، أجزم بأن أحد أهم عناصر النجاح والعنصر المشترك أيضا هو الحوار العملي والمشاركة المجتمعية المبنية على رؤية شاملة وأهداف وأضة ونتائج مرجوة يمكن قياسها من خلال المؤشرات الرئيسية للاداء
إن المبادرة التي قامت بها اللجنة التنظيمية لندوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المزمع إقامتها في الايام القليلة القادمة في الالتقاء بالمهتمين من كتُاب وأكاديمين وإعلاميين ونشطاء في هذا المجال ومشاركتهم والاستفادة من أفكارهم خطوة إيجابية في الطريق الصحيح بغض النظر عن النتائج المرجوة من الندوة نفسها ، لقد حان الوقت أن ينتقل هذا النموذج الحكومي للحوار والمشاركة الى جميع مؤسساتنا وشركاتنا الحكومية كنمط حياة ليس فقط لندوة معينة يراد بها الاعلام والدعاية فقط ، شريطة أن يحمل هذا الحوار الحكومي والمشاركة المجتمعية في طياتها النية الصادقة وعملا مجدولا وممنهج من المتحاورين لتحقيق الاستدامة الشاملة لبلدنا الغالي ويستشعرها المواطن البسيط في أرض عمان الرحبة تطبيقا لما وجه به – مولانا السلطان قابوس بن سعيد المعظم – والتي ركز عليها في جميع خطاباته