دقت الساعة الحادية عشرة ليلا وعين أحلام لا تفارق ثوانيها ولا دقائقها لم يتبقى الا القليل… ساعة كاملة تفصلها عن الخوف الذي يسكنها والألم الذي يعتصر قلبها وهي تنظر لأخاها المريض أحمد الذي تكالب عليه المرض إثر نوبة قلبية، وها هي لا تجد لها ملجأ الا بجانب أخاها، وكيف تتركه وقد تركته زوجتة وحيدا يقاسي الموت، بعد أن ذاقت طعم المال وحلاوته بين يديها الذي اظهر حقيقتها فحب التملك و الغرور والتكبر والعنجهية والتبختر بما اخذته من زوجها بدون وجه حق بعد أن كانت تتصنع الطيبة والخبث فتمسكنت إلى أن تمكنت من نيل مبتغاها ، وتركتة ليوقع لها البيت بإسمها متناسيا بانه ليس ماله وحده بل ميراث أمه واخته، ولقد قام بعمل وكالة عامة لها ليؤل لها كل شيء، وسرقت زوجته منه كل أرض وبيت، كل مزرعة و دكان، وحسابات في البنوك وأموال خارج البلاد واستثمارات خارجية كلها لها و تركته يعاني وحيدا في المستشفى، فلم تزره ولم تتصل لتطمئن عليه، كانت تعده في عداد الأموات، ولكن الله لطف به، مازالت حالته غير مستقرة ومع إنتصاف الليل إن بقى حيا سيكون له عمرا جديدا وقد تعدى مرحلة الخطر أما إذا لم تتحسن حالته فسيقرر الأطباء بعدها ماذا عليهم فعله، أنحنت أحلام على فراش أخيها تبكي بحرقة على فراق أمها التي ماتت مقهورة على إبنها الوحيد خاصة بعد أن طردتهم زوجته من بيتهم لأنها تملك الحق أن تبقي ببيتها من تريد ومن لا تريده تخرجه خارجا، وهو لا ينبت بربع كلمة وأمه تصرخ فيه : أأنت رجل؟ تترك زوجتك تفعل بنا ما تريد أمام ناظريك.. المال مالنا وكان لك أمانة وأنت خنت الأمانة، فلم تتحمل أمي كلمات زوجتة الساخرة وهي تقول : كل شيء اصبح ملكي بيع وشراء، انا المالكة الوحيدة له، وسقطت ولم تقم، ستر الله عليها بالموت لكي لاترى ذل ابنها وشماتة زوجته، ماتت بحسرتها وهي تنظر لابنتها قائلة : أخاك ثم أخاك ثم أخاك ونطقت بالشهادتين وماتت بين يديها،وظلت وحيدة تكابد صعوبة المعيشة مع أخيها وزوجتة، فاخرجها من البيت واسكنها في بيت يشبه الكوخ القديم لا يوجد به إلا ماتستر به نفسها تذكرت كلماته وهو يقول لها : هذا لك والا فاتركيه وابحثي لك عن مكان آخر، سأترك لك بعض المال لتستطيعي أن تعيشي في هذا المنزل الصغير.
وهل تستطيع انت أن تسكن هنا؟؟ نظر لها بغضب وهو يقول : أهذا جزائي بعد أن اخفيت عن زوجتي هذا المنزل؟ مال ابي كان أمانة معك وأنت،..
لم تكمل لأنه لطمها بقوة وهو يقول :انا الرجل المسؤول هنا، وأبي مات.
صمتت عن أستكمال اي حديث معه، فلن يعود عليها ذلك إلا بالطرد من أرض ابيها. وكلمات أمها ماتزال ترن في اذنيها :أخاك ثم أخاك ثم أخاك. هي تعرف لما وصتها عليه، فلو كان الأمر راجع لها لفضحت أمره بين الناس لكي يكون عبرة لغيره، وخافت على مكانته وصيته فإن إبتعدت فسيبقى وحيدا، لأن زوجته أحبته من أجل المال والمال فقط،أما هي فهو لها العضيد والسند، هو الذي تهتف بإسمه أن حلت عليها هموم الزمان.. تذكرت قبل يومين عندما فتح عينيه بصعوبة وهو ينظر إليها ثم قال : اخرجي لا أريد أن أراك، فأنت تذكريني بعصياني وضعفي، وأدار وجهه للجهة الأخرى، وخرجت هي باكية ولكنها ما أن خرجت حتى عادت مرة أخرى خائفة عليه تنادي الممرضات والأطباء ليغيثوه.
احست بحركه خارج غرفة أخيها فاسرعت لتكتشف ما الأمر فإذا بشرطي يتفحص الأوراق والإثباتات التي بإسم أخيها فنظر لها متسائلا : هل انت أخته؟
أجابته : أجل؟
لقد جاءنا خبر عن وفاة زوجتة إثر حادث سير و كنا نظن أن اخاك هو من دبر أمر الحادث نظرا لإختفائه المفاجئ ولكن الأوراق تثبت انه كان في المستشفى منذ فترة طويلة فقمنا بعمل فحوصات لدم الضحية، واكتشفنا أنها كانت في حالة سكر. اعتذر لإبلاغك هذا ولكن يتحتم علي ذلك للإجراءات الخاصة بالميراث فهي مقطوعة من شجرة ليس لها أحد ولا ولد إلا الزوج صحيح؟
ردت أحلام وهي مذهلة : نعم…
فالمال يعود له
لحظتها أسرع الأطباء لغرفة أخيها واسرعت هي معهم غير مباليه بالرجل الذي يحدثها، ونظرت إليهم وهم يقومون بعمل جلسات الكهرباء لإحياء قلبه من جديد ولكن، أمر الله نافذ فيه، فلم تسمع إلا صوت الطبيب وهو يقول : وقت الوفاة :الثانية عشر صباحا. فصرخت وهي تقول :
سامحتك فأنت مهما كان كنت اخي. إبن أمي وأبي ..
فنظر الشرطي لها:
فأنت الوريثة الوحيدة لكل املاكه.
نظرت إليه بحزن ثم نظرت لاخيها وهي تقول : رحمك الله يا أخي! ماذا أخذت معك في قبرك إلا العقوق…
إلهام السيابية
#عاشق_عمان