ترتفع تكاليف العناية الصحية بوتيرة متزايدة في معظم الدول، وتشكِّل تكلفة الأدوية جزءاً مهماً منها. ففي الولايات المتحدة مثلاً تسجِّل فاتورة الأدوية، بما فيها الوصفات داخل المستشفيات، %20 من مجمل تكاليف الرعاية الصحية التي بلغت هناك 3.65 تريليون دولار في عام 2018م.
ولهذا السبب، توجد اليوم مراجعة لصناعة الأدوية في أماكن عديدة من العالم، تركِّز على صنع الأدوية في المراكز الصحية مثل المستشفيات والمستوصفات، أو المناطق النائية عند الطلب في الموقع. وفي الولايات المتحدة، ظهرت محاولتا استجابة لهذه الحاجة، واحدة في جامعة “إم آي تي” والأخرى في جامعة ميريلاند، في ولاية ميريلاند.
فقد طوَّر مهندسون من جامعة “إم آي تي” نظاماً يحمل اسم “إن سيست” (InSCyT) يحتوي على جميع مكوّنات تصنيع الأدوية الحيوية التقليدية في المصانع الكبرى، لكنه معدّل على نطاق أصغر بكثير.
أما المحاولة الثانية المتميزة فتتمثل بمصنع أدوية صغير محمول بحجم حقيبة، ابتكرها غوفندا راو من “مركز تكنولوجيا الاستشعار المتقدِّمة” في جامعة ميريلاند، وسمَّاها “بيو مود”، (Bio-MOD) أو أدوية بيولوجية عند الطلب. وعلَّقت مجلة نايتشر على هذا التطور بالقول إنه: “يمكن أن يحدث تحولاً في الطب”.
“بيو مود” هو مجرد حقيبة أنيقة من الفولاذ المقاوم للصدأ، تحتوي داخلها على صناديق سوداء مترابطة بحجم قبضة اليد، ومليئة بقوارير صغيرة بحجم مسَّاكة الورق، تُعبئ بإبر حقن وأنابيب بلاستيكية شفَّافة لا يزيد سمكها على شعرة الإنسان. كما تحتوي على بعض المواد العضوية أو أجزاء من الخلايا المجففة لصنع مستحضرات دوائية حيوية، تسمح لأي معالج بالبدء في صنع أدوية متطوِّرة مقابل بضع دولارات فقط.
والفكرة الأساسية وراء هذا الاختراع هو تأمين هذه المستحضرات الدوائية الحيوية في المناطق البعيدة عن مراكز العناية الصحية؛ في القرى الريفية والبعثات العلمية وكذلك للجنود في المواقع الحربية. فمعظم هذه المستحضرات تعالج مجموعة واسعة جداً من الأمراض؛ من المضادات الحيوية إلى الأنسولين، لكنها تحتاج إلى التبريد عندما تكون جاهزة للاستعمال، بينما لا تحتاج إلى ذلك قبل التحضير. ومن هنا تأتي الأهمية القصوى لهذا النظام الجديد.
ومن المتوقع أن يكون لهذين النظامين وغيرهما آثار بعيدة المدى: فبالإضافة إلى السماح بإنتاج الأدوية الحيوية، فإن النوع نفسه من التكنولوجيا قد يجعل من الأسهل والأرخص توفير الأدوية واللقاحات في جميع أنحاء العالم، وتمهيد الطريق لإنتاج الأدوية المخصصة لكل فرد على حدة.
المصدر: القافلة
#عاشق_عمان