أكملنا حوالي عاما ونيف وأسعار النفط للبرميل ما زالت منخفضة عن المأمول ويتراوح سعر البرميل بين 26 و 40 دولار أمريكيا ، ومازالت البيانات الوزارية التي تصدر من وزارة المالية مستمرة والتي زادت عن 25 بيان إسترشادي وتوجيهي ، ومجمل رسائله تتضمن في مجملها تشجيع الوزارات والجهات الحكومية على التقشف الحكومي وتقليل المصاريف وفي أحيان رفع أسعار الخدمات المقدمة للجمهور ، وربما هذا ما يمكن أن تقوم به ، لأنه من صميم عملها.
قبل أن أطرح تساؤلاتي في نهاية المقالة ، لنرى ما هي اﻷزمة الاقتصادية التي نمر بها وما أثارها المترقبة التي قد تتضح في النصف الثاني من 2016م ، فهل فعلا هناك أزمة مالية في السلطنة ، فتحليلي المتواضع مبني على نظرية اﻹنفاق الحكومي في اﻹقتصاد المحلي والذي يزيد عن 50% من حجم الانفاق الكلي للبلد ، بمعنى أخر أن الإنفاق الحكومي هو اللاعب الرئيس في الحركة الاقتصادية في السلطنة ، فإن أتبعت – وهذا ما تقوم به الحكومة – سياسية التقشف المالي فإن ذلك سيؤثر على إيرادات الشركات الكبرى وإن كانت عدد هذه الشركات قليلة لكنها في ذلك الوقت فانها توظف الالاف العمانيين ، فإن تأثرت هي ستقل نسبة التوظيف وسيصل اﻷمر حتما شئنا أما أبينا إلى التسريح ، وسيستمر التأثير السلبي ليعم الشركات الصغيرة والمتوسطة المعتمدة على الحكومة أو على الشركات الكبرى بشكل أو بأخر ، وإذا قل التوظيف مثلا سيؤثر ذلك على قطاعات أخرى كتأجير المنازل وتجارة التجزئة في مجالاتها المختلفة ، ويمكنكم أن تتخيلوا ذلك كلا في القطاع الذي يعمل به ، إلى أن تصل إلى المواطن وإسلوب معيشته ، مما يعني أن أثارها ستعم لتشمل الجميع ، فمهما كانت القوانيين صارمة التي تجرم تسريح الموظف العماني على سبيل المثال ، فإنها لن تتمكن من تطبيق ذلك على المدى البعيد ، بإعتبار أن الشركة هي باﻷساس ليست جمعية خيرية أو ضمان إجتماعي ، فإن صمدت بعض الشركات سيكون ذلك لعدة أشهر ، وبعدها ستضطر إما للتسريح أو اﻹغلاق النهائي.
لاحظ جميعنا أن هناك قرارات مالية وبيانات وزارية تصل لحوالي 26 بيان صادر من وزارة المالية منذ عام 2015م إلى لحظة كتابة هذا المقال ، وتبقى تساؤلاتي للحكومة وتساؤلات الكثير من المتابعين بسيطة ومباشرة وهي: ما هي الحزمة التي إتبعتها الحكومة لتحفيز الاقتصاد وتنشيط التجارة وجذب الاستثمارات الخارجية للبلد ، بل والمحافظة على أموال تجارنا للقيام بالانشطة التجارية المختلفة بدلا من الهروب أو إعتمادهم في دخولهم على الودائع البنكية المضمونة أو شراء سندات ذات عوائد ثابتة أو شراء أسهم الشركات العالمية والمضاربة فيها ، فياترى ما هي الجهة المؤكل قيادة دفة ملف الحزمة والمحفزات والبدائل الاقتصادية وهل هناك خطة حقيقية في أرض الواقع لتنويع مصادر الدخل وما هي مرجعية هذه الخطة ، ومتى سترى النور ، وهل هناك مدة زمنية لتطبيقها ، ومن سيشرف على تنفيذها وتقيمها ومراجعتها دوريا ، وماذا يتوقع نتائجها ، وكيف يمكن مشاركة المجتمع فيها ، وختاما أرى بما أن المشكلة هي مالية وأقتصادية ، لذلك لابد أن يكون الحل أيضا من جزئين مالي وأقتصادي ويعملان جنبا إلى جنب.
بقلم / خلفان الطوقي