حاولت أن أصدّق ما يقوله، رغم أن ما يقوله متداولا، وأغلبه تجاوز الغرف السرية التي يريد (المنتفعون) محاصرته فيها، لكن ما “فاض به كيل” هذا الرجل الجالس أمامي وكنّا نحسب أنا ما نسمعه محض شائعات..
هو عضو مجلس إدارة، في جمعية تنتمي لمجتمع مدني، تبتغي الشفافية ومحاربة الفساد واللاعدالة، تنشد حرية الرأي.. بينما ما يقوله هذا العضو يحيل الشعارات السابقة إلى مأزق حقيقي لا يمكن التكهن بمقدار القدرة على تجاوزه، لأن ما يحدث يشبه حكم الأنظمة الشمولية، لا يهمّها رأي أحد فيها، ولا تريد أن ترحل لأن ما سينكشف، حينئذ، مريع .. وفاضح.
جلسنا وقتا طويلا في حديث يبدو أقرب للامعقول، عضو مجلس إدارة، ومعه آخرون لا علاقة لهم بالإدارة، تغلق دونهم أبواب، ومحاضر إجتماعات، ومكاتب خاصة، وأجهزة حاسوب.. ولا يعلمون عن اشياء تحدث، إلا عبر وسائل الإعلام، فليس رأي المنتقدين لا قيمة له لدى (دائمي العضوية) بل حتى زملائهم في مجلس الإدارة!
طلب مني أن أكتب المعلومات التي يسردها، بدون ذكر اسمه، لحساسية موقفه، وقال عليك أن تحاذر فربما يرفعون عليك قضية، فقد اعتادوا المحاكم، وأمورهم المحاسبية قانونية لأن المكتب المتعاقد عليه، رغما عنا، متمرس في تبرير الحسابات أكثر من تدقيقها، عضو سحب عشرة آلاف ريال والبقية سحبوا أكثر من ستين ألف ريال، وبدون أوراق توضّح أوجه الصرف، لا يهم، هناك ثمة مخرج من كل تلك الإلتباسات..
عضو مجلس إدارة يصرف له مبلغ كبير لواجب عزاء، قاطعته: هذا غريب لكن يمكن تبريره، قال: هناك أكثر من عضو في الإدارة تعرض لذات الموقف فلماذا لم يصرف له، وما علاقة فلوس جمعية مجتمع مدني بواجبات “علاقات عامة” لا تبدأ بالعزاء، ولا تنتهي بإصلاح أسنان!!
قلت له: مهلا، توقف، هذه إتهامات، ولا أريد أن أنشرها، أو بالأحرى التورط.. إلا بطرحها ضمن التساؤلات “المشروعة”: هل يمكن أن يحدث هذا؟! أن تنفق أموال في غير ما أريد لها، وإن فاضت فهناك أوجه إستثمارية تستوجب التفكير فيها، بدلا من محاولة التخلص من الموارد بهكذا (عجرفة) و(تبذير) كأنما يراد أننا نصل في ختام العام إلى الصفر.. فهاتوا المزيد، والمزيد أيها الداعمون.
جرى العرف، قبل أن يكون مضمون أية لائحة، أن يستشار العضو “المنتخب” ليؤخذ برأي الأغلبية، خاصة في جمعيات لا تبتغي مصالح أشخاص، وتخدم المهنة وأصحابها.. لكن نصف أعضاء مجلس الإدارة “مغيبون” عن سلطة التدخل في مجلس الإدارة، وربما حتى (دخول) مقر الجمعية، ويطلب من أبناء المهنة الذهاب إلى بيتهم، وقد غدا ملكية جرى تعيين حارس / مدير لها، دوره ضبط إيقاعات ما يحدث وفق مصلحة من أتى به!!
كان الرجل يتحدث، وأنا أصغي، ولأن الحديث طال.. فللحديث بقية غدا.