أحمد بن هلال العبري
الأرضُ تشهدُ، والسماءُ السابعه
والبدرُ يسجدُ، والنجومُ الساطعه
والجنُّ، والإنسُ الكرامُ، وعالمٌ
فيه الخلائقُ بالفيافي راتعه
سجدتْ لفضلِ اللهِ في إسراءِ مَنْ
بركَ البراقُ له بنفسٍ خاضعه
بجلالِ (سبحانَ الذي أسرى) بمَنْ
من نورِ جبهته اللآلئُ ناصعه
وكأن مكةَ، وهي في وثنيةٍ
من بعد عشرٍ لم تزلْ مُتصارعه
قد أنبَتتْ في كل دربٍ شوكةً
وبَنتْ سدوداً للهدايةِ مانعه
يمشي النبيُ أمامَهم بنقائِه
وقريشُ في نصبِ المكائدِ ضالعه
حتى إذا بلغَ المدى عدوانُها
ولكلِّ من طلبَ الهدايةَ قامعة
هتفَ البشيرُ: هلمَّ نحوَ إمامةٍ
لجلالِ من حضروا صلاةً جامعه
خفَقتْ قلوبُ الأنبياءِ بقدسِه
ودَنتْ له كلُّ الأماكنِ خاشعه
في ليلةٍ أنوارُها علْويةٌ
كستَ الضياءَ قبابَه ومرابعَه
وسَرَتْ بأولى القبلتين قداسةٌ
نالَ العُلا فيها، وهزَّ مَجامعَه
نورٌ على نورٍ يزيدُ دُنوَّه
للمنتهى، إذْ يستزيدُ منابعَه
وأنا أمدُّ بخيرِ ذِكرى ناظري
ويلملمُ الشعرُ النقيُّ روائعَه
نادتْ فؤاديَ في الرُّبى زيتونةٌ
كانتْ بعزِّ يمينِ جدي فارعَه
وتقولُ: قد كانتْ ظلالي واحةً
فيها يُمارسُ من أراد شرائعَه
كم بابِ مدرسةٍ لكلِّ مشمرٍ
للعلمِ فتَّح للجميعِ مصارعَه
أسوارُ زهرتِنا ، حوائرُ أهلِها
وشوارعٌ ما بينها متقاطعه
(الأرمنُ) ، (الشرفُ)، (النصارى)، كلها
عاشَتْ بأمنٍ في ظلالِ الرابعَه
وطَوتْ ظِلالا كنتُ أغفو حالماً
بجلالِها تُدني ثماراً يانعَه
ففتحتُ عينيَ في مدارِ رزيةٍ
آلاُمها في كلِّ شبرٍ ذائعة
تحكي لأحفادِ التشتتِ قصةً
في الأربعين، لبابِ بؤسٍ قارعه
فقميصُ يوسفَ مزَّقَته مذلةٌ
والذئبُ يكشفُ عن نيوبٍ قاطعه
قلبٌ، يُطارده الذبولُ بجنةٍ
كانت بها كلُّ الأماني الرائعَه
أخلو إلى النجوى فيحرقُ خلوتي
همٌ به في القلبِ قضَّ مضاجعَه
وأمدُّ عينيَ للمدى، فلربما
كشفَ المدى للناظرين براقعَه
وألوذُ إذ رُبط البراقُ بحائطٍ:
مَنْ بيننا أولى بعينٍ دامعه؟!
وأنا أهيمُ بألفِ ألفِ فجيعةٍ
للمسلمين، تمدُّ أرضاً شاسعه
بَلغوا(عُلوَّاً) لا يُطيق ضَرارَه
جسدٌ به عشرون سورا قاطَعَه
وبرغم ليلِ اليأسِ يملؤ دربَنا
زيتونُ مقدسِنا يمدُّ مزارعَه
ويضيئُ مسرانَا الحبيبَ بزيتِه
آملاً به نجدُ الحقيقةَ ناصعَة
شيخٌ يعودُ لداره، وأنيسُه
في روضِ عزتِها صلاحُ ورابعة
في(كَــرَّةٍ) وفتيلُها زيتونةٌ
بلفيفِ (غرقدِ) جبنِهم هي والعَه
لاحَ البراقُ من المعارجِ حاملاً
أملاً به كلُّ الخلايا راكعَه
فدعي الأسَى يا نفسَ حرٍ مؤمنٍ
مادامَ للدنيا سماءٌ سابعه
ديوان في أدنى القلب