سطر التاريخ العديد من الأوبئة التي مرت على البشرية ، وشهدت الكرة الأرضية أمراض فتاكة مع مرور الأزمنة حصدت الملايين من الأرواح ، وفي كل الأوبئة التي اجتاحت العالم ، هناك عنصران مشتركان في التعامل معها هما عزل المصابين وعزل المناطق التي يتفشى بها المرض أو قطع التواصل معها كلياً . وعرف العالم عبر التاريخ أوبئة خطيرة مثل الجدري والأنفلونزا الأسبانية .
وقد نقل لنا التاريخ بأن مرض الأنفلونزا الأسبانية تفشت أعراضه في عام ١٣٣٧هـ / ١٩١٨م وحصد ٥٠ مليون شخص حول العالم تقريباً ٠٠ وفي عمان حصد أعداداً كبيرة أكثرها من الباطنة٠
كما أن مرض الجدري ليس أقل تأثيراً من سابقه . ولنقترب من مشهد تعامل أهالي ولاية الخابورة مع الحجر الصحي وكيف تعامل الأجداد مع الاوبئة المعدية ، فالتاريخ المروي يروي لنا بعض القصص والدروس في هذا الجانب .
الحاج خلفان بن راشد بن خميس القطيطي وهو أحد المعمرين بولاية الخابورة يروي لنا كان تعامل أهله مع وباء الجدري الذي أنتشر في ولاية الخابورة ، حيث تروي الوثائق البريطانية أن وباء الجدري قد أنتشر في ولاية الخابورة في عام ١٩٣٦م وأصاب أجزاء من ولاية الخابورة كبلدة الغيزين والرديدة وغيرها من القرى حاصداً العديد من الأرواح .
وفي هذا السياق يروي لنا الحاج خلفان المشهد التفصيلي لسكان بلدة الرديدة بالخابورة كيف تعاملوا مع وباء الجدري كما تروى له والدته، فقد كان هو ووالدته رحمة الله عليها ممن أُصيبوا بهذا الوباء في تلك الفترة .
يقول الحاج خلفان القطيطي أن وباء الجدري قد أصاب عدد ( ٨ ) من أفراد أسرته وجميعهم توفاهم الله جراء هذا الوباء . وكان الأهالي يقيمون منطقة للحجر الصحي في بما يمكن وصفه حالياً في بلدة سور الدواحنة ، بحيث يكون لكل مصاب غرفة صغيرة مبنية من سعف النخيل يتم خلالها تقديم الرعاية والتغذية للمصاب .
وحول إصابته يقول الحاج خلفان القطيطي أن والدته كانت تقدم الرعاية لاخوانها وأهلها ممن أُصيبوا بالوباء، ونظراً لطول فترة بقائها بالقرب منهم فقد اشتاقت لابنها خلفان والذي كان طفلاً حينها في بداية عمره، وعند لقائها به نقلت إليه العدوى ولكن لطف الله وحكمته في أن الأم وأبنها لم يتاثروا بالمرض كثيراً واسعفتهم مناعتهم في تخطي الوباء .
يقول الحاج القطيطي أن العامل النفسي كان من أصعب التحديات التي واجهتها والدته خلال الإصابة فكيف لشخص أن يفقد عدد كبيراً من أفراد أسرته في فترة وجيزة، وعند إصابته بالمرض _ يضيف الحاج خلفان_ كان ردة فعل والدته بقولها أن العديد من أهلها قد ذهب وطفلي ليس بأحسن حال منهم.!
هكذا هي الإبتلاءات أعطتنا وتعطينا الدروس والعبر ، ربنا نسألك رحمتك وعفوك ولطفك ، أنت ولينا وإليك المصير ٠
حاورة: خليفة البلوشي