عندما تجدد دائرة خدمات بنوك الدم بالمديرية العامة للرعاية الطبية التخصصية بوزارة الصحة مناشدتها للمتعافين من كوفيد ١٩ للتبرع بالبلازما المناعية وفي أقل من أسبوع ذلك الأمر يعني بأن هناك عزوفا عن التبرع من قبل بعض المتعافين، ولاندري حقيقة لماذا يعزف البعض عن التبرع بعد أن من الله عليهم بالشفاء؟ ولماذا لا يبادرون ويساهمون في شفاء غيرهم ومنع المعاناة عنهم خصوصا وأنهم قد جربوا تلك المعاناة التي يعاني منها مرضى كورونا.
لا توجد أسباب تبرر العزوف عن التبرع، ولكن على الانسان المتعافي والذي تنطبق عليه شروط ونظام التبرع بالبلازما أن يبادر من تلقاء نفسه ويتبرع لدى المؤسسات الصحية حتى يتم الاستفادة من تبرعه بإنقاذ مريض أو اثنين حسب ما يراه المختصون.
معظمنا مر بعارض مرضي في حياته، ويتفاوت ذلك العارض بين مرض خفيف ومرض عضال او متوسط ، ولكن حتى ذلك الذي يشفى من زكام موسمي أو حمى بسيطة أو صداع يفرح بعد زوال العارض عنه ويشكر الله ويشكر كل من حوله وحتى ذلك الذي وصف له علاجا معينا أو وصفة معينة، تجد المتشافي يشكر الجميع فرحا مستبشرا بتعافيه، وفي حالات كورونا حقيقة ليس المريض فقط من يفرح ويستبشر بشفائه وخروجه من العناية المركزة أو المستشفى او حتى العزل المنزلي، بل الجميع يفرح لذلك ويشكرون الله والطاقم الطبي الذي أشرف على علاج المريض إلى أن تعافى.
من هنا نحث المتعافين على أن يبادروا ويتبرعوا بالبلازما ، اولا كتعبير عن الشكر لله سبحانه وتعالى على نعمة الشفاء وأيضا كشكر للمؤسسات الصحية والعاملين فيها على جهودهم التي بذلوها أثناء تقديم الرعاية الصحية للمريض ـ على الرغم من أنهم لا يطالبون بذلك ـ ولكن من باب الانسانية يأتي التبرع بالبلازما في قمة السخاء هذه الأيام نظرا للظروف التي تمر بها البلاد من انتشار للفيروس وأيضا تزايد أعداد المرضى المصابين بمرض فيروس كورونا.
وإذا ما أتينا لكرم وتعاضد المجتمع العماني مع بعضه البعض، فإن هذا التوقيت هو الأهم للتبرع بالبلازما، وعلى الجميع ان يحث على التبرع، وخصوصا أهالي المتعافين عليهم دور كبير في حث أبنائهم او أهلهم ممن تعافوا من كورونا على التبرع بالبلازما والمساهمة في إنقاذ وتشافي المرضى المرقدين في العناية المركزة، ففي هذه الأيام المباركة من أيام رمضان التي يبادر الإنسان فيها الى فعل الخير، ويبادر أيضا الى المساهمة في إنقاذ روح انسان او وقف معاناته مع هذا المرض الذي يجتاح العالم.
لقد بذلت دائرة خدمات بنوك الدم بالمديرية العامة للرعاية الطبية التخصصية بوزارة الصحة جهودا كبيرة منذ أن أثبت العلاج بالبلازما فعاليته كعلاج مساند لبعض الحالات وزيادة الطلب عليه نتيجة لزيادة عدد المرضى بالمستشفيات، حيث تم التنسيق مع العديد من المراكز الصحية التابعة للرعاية الصحية الأولية ومختلف بنوك الدم بالمستشفيات المرجعية بعملية إعادة الفحص ضد كوفيد ١٩ والتأكد أن النتيجة سلبية قبل تحديد موعد للمتبرعين والذي يتم ببنك الدم المركزي ببوشر، حيث يشهد تجميع البلازما عن طريق جهاز خاص لفصلها وبعد ذلك تقسيمها لوحدتين إلى ثلاث وحدات، اضافة الى تطبيق أحدث الأنظمة والتقنيات، وتم إدخال تقنية تثبيط الميكروبات للبلازما وفحص الأجسام المضادة ضد فيروس كوفيد١٩ لاستخدامه في فحص مستوى الاجسام المضادة في المتبرع بالدم حيث سيساعد ذلك على معرفة مستوى الاجسام المضادة بكل متبرع، اضافة الى غيرها من الإجراءات التي تضمن سلامة المتبرع وإجراء كافة الفحوصات له قبل إجراء عملية التبرع.
من هنا ياتي دور المجتمع بشكل عام والمتعافين بشكل خاص، للحث على التبرع وأيضا الدعوة إليه، وعدم التردد من قبل المتعافين للمساهمة بالتبرع بالبلازما نظرا للحاجة الماسة إليها.
إن التبرع بالبلازما في ظل هذه الظروف يجمع بين العمل الإنساني والوطني، فهو يساهم في وقفة البلاد بشكل عام لمكافحة المرض وإنقاذ المرضى وشفائهم، كما ان الانسانية تحتم علينا المبادرة وعدم التردد، لذلك فإن الجميع مدعو لأن يساهم بالحث والتشجيع على التبرع بالبلازما، لننقذ حياة الناس.
بقلم : سهيل بن ناصر النهدي