كلنا نعلم وبلا شك أن الشغل الشاغل للعالم الآن متعلق بكيفية السيطرة على ڤيروس كورونا (كوڤيد١٩)، وهنا نعرج على ما نرى أنها نقاط انطلاق نحو عالم مختلف عما كان قبل تفشي هذه الجائحة.
الجميع يسأل كيف يمكننا السيطرة على هذا المرض، وسبيل ذلك يكون بأن يتحرك مؤشر التأثير لاحتواء هذه الجائحة، ليكون من الفرد نحو الآخرين والمجتمع بدل الواقع الحالي المعاكس.
فكرة تعزيز مفهوم الاحتواء لدى الأفراد سيحدث تغييراً ليس بالبسيط في كل السلوكيات والتوجهات المتعلقة بالذات وبالآخرين، سواءً الأصحاء منهم أو المصابين، وهذا التوجه ليس بالجديد فقد أثبت فاعليته إبان انتشار الأوبئة السابقة مثل سارس وغيرها.
كما أن الموشرات الحالية تقر بأن التعويل على وجود الدواء واللقاحات لهذا المرض غير مجد، وأن نشر كافة أصناف الهلع المتعلقة بهذه الجائحة له تأثير عكسي على المجتمع، ولذلك نؤكد على أهمية الاقتناع بفكرة تعزيز مفهوم الاحتواء لدى الأفراد، فيحدث التعايش الذي ينادي به العالم أجمع للتعامل مع الجائحة خلال الفترة القادمة.
عند التأمل لتجربة تعرض الصين لهذه الجائحة، سنجد بأن ثقافة (جواي) – وهي مفردة صينية يتصف بها الولد المطيع لوالديه – قد ساعدت في احتواء تاثيرات الجائحة السلبية من خلال اتباع الشعب الصيني للتعليمات الحكومية، وقد ساند ذلك تقدمهم التقني الذي يتمتعون به وتوظيفهم إياه من خلال تطبيقات الهواتف الذكية وغيرها، حيث تتم متابعة كل المتعرضين لآثار هذه الجائحة مما خلق المزيد من الثقة لدى الشعب الصيني ليستمروا في تطبيق ثقافة (جواي).
على صعيد الوطن العزيز، فإن هذه الجائحة وبالرغم عما صاحبها من تحديات في كافة المجالات، إلا أنها شكلت فرصاً مباشرة لإحداث نقلة تترقي بنا جميعاً -ولا نقول ذلك من فراغ- فمن رحم الألم يولد الأمل، فنرى مثلا أن بعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قدمت حلولاً مبتكرة للتعامل مع الواقع الحالي، ونتجت عن ذلك زيادة في المبيعات والأرباح، وذلك يجعل التأكيد على تعزيز كفايات رواد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أولوية حاضرة بقوة في المرحلة القادمة وذلك يتلائم مع الخطة المستقبلية للسلطنة.
التغييرات التي نعيشها حالياً تحتم على أن يتم الانطلاق منها لتحسين عاداتنا في المجال الصحي بشكل دائم، وبأن نعزز أيضاً فكرة استخدام التقانة في المنزل ومقر العمل والخدمات المقدمة بشكل عام في مؤسسات المجتمع المدني، كما يتوجب علينا أن نجعل من هذه الجائحة منطلقا لمعالجة الكثير من الهموم التي نعانيها، مثل تقليل أعداد المدخنين وجعل مسألة تحسين النظم الصحية أولوية خلال المرحلة القادمة، وربط ذلك كله بالنظام التعليمي ولا ننسى أن القطاع الأهلي في السلطنة عليه الدور الكبير في ترسيخ المكتسبات المحققة في المجتمعات المحلية وفقاً للظروف المتباينة في كل منها، احتياجاً وتخطيطاً وتنفيذاً.
محمد سيفان الشحي