دارٌ ألِفْنا روحَها أعمارا
نشأتْ بها أحلامُنا أطوارا
عاثت بها أيدي الزمان فأقفرت
من أهلها، لم تترك الآثارا
وتحطمت فيها القلوبُ كسيرةً
وتبعثرت آمالهنَّ دمارا
كانت حياةً ها هنا وسعادةٌ
وغدا الفناءُ يطوف داراً دارا
قهراً هجرناها فلا هي دارُنا
بقيت ولا المشروع فيها صارا
نرنو إليها حسرةً وتوجَّعا
والذكرياتُ تكوّمت أحجارا
أمشي على جرح البيوت، وداخلي
وجع المساجد صامتا يتوارى
في رعشة الخطوات تفْلُتُ دمعة
من مُقلةِ الشكوى تثير حوارا
لم يبق إلا الظل أورق وحده
في غُربة؛ من يخبر الأشجارا؟
كل الجمال انهار بين عيوننا
لم يبق قلبٌ بعده ما انهارا
وأمرّ من بين الحطام فلا أرى
إلا نفوسا في الخراب حيارى
جاءوا لكي يستثمروا أحلامها
لكنه لا حُلمَ لا استثمارا
لم يتركوا حتى جدارا واحدًا
نبكي عليه ودبجوا أعذارا
عبثا بكينا لم نقبّل بعدها
من ذ الجدار وذا الجدار جدارا
من يسكتُ البحرَ الحزينَ لأهله؟
وبعمقه يسترجع الأسرارا
من يسكت الموجَ المحبَّ، وسِيفُه
يبكي الديارَ، القاربَ، البحّارا
صمتُ المكان يثيرُ أوجعَ قصة
ضمت ضجيج الفقد حيث أشارا
لو ترفع الحجرَ الحزين عن الثرى
لوجدت جارا فيه يبكي جارا
ورأيتَ أطفالا تعالى لهوهُم
بين الزقاق تنافسا وشجارا
وسمعتَ همسَ الماء من ميزابه
إذ كان يشدو الأغنياتِ جهارا
وطربتَ من يامال بحارٍ أتى
للبيت يبغي الرزقَ ليلَ نهارا
أو رزحةً من فرحةٍ في (قَرحةٍ)
فاضتْ بها كلماتُها استبشارا
وشممتَ عَرْفَ العابرين سعادةً
عاشوا الحياة وغادروا أخيارا
قدرٌ جرتْ فوضاه فوق بيوتنا
حتى يرتبها إعمارا
لكنه يجري بملء دمائنا
ألماً، ومن ذا يدفع الأقدار؟!
نرضى بك اللهم، لكنْ كلنا
نحيا بحبل الذكريات أُسارى
نتعاقر الماضي وندمن مُرَّه
كأساً من الذكرى نغيبُ سكارى
ونؤوب نحو ذواتنا لحياتنا
لنعود نبكي الدارَ والتذكارا
كلمات / هلالُ بن سيف الشيادي
التسجيل الصوتي / المنشد أحمد القنوبي
تصوير/ هلال بن سيف الشيادي
مونتاج وإخراج / الفنان سليمان الراشدي